شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
هذه

هذه "ماشي رجولة"... بودكاست بالدارجة من أجل مغرب جديد

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 30 أغسطس 202102:04 م

منذ أحداث 20 فبراير 2011 وثورة الشباب في المغرب، وجد هؤلاء في البودكاست وسيلة لصناعة إعلام بديل، واضعين الإصبع على العلل والتابوهات والمسكوت عنه وغير المطروق، مثل الجنس والجندر والعنف. ولذلك اختاروا الدارجة المغربية اللّصيقة برغباتهم وطموحاتهم وأفكارهم، والتي تغيب عن وسائل الإعلام التقليدية الرسمية. بودكاست بالدارجة إذن من أجل مغرب جديد، أصبح ملاذ الشباب منذ أن فتح اليوتيوب مجال الشراكة للمغاربة سنة 2013.

"ماشي رجولة"

من بين برامج البودكاست التي أثارت حماساً وسط الشباب منذ انطلاقها نجد بودكاست "ماشي رجولة"، الذي أنشأه الطبيب الشاب سفيان هناني، العام الماضي، في فترة الحجر الصحي على سبوتيفاي، "بحثاً عن رجولة إيجابية"، كما يقول، ويطرح أسئلة شائكة لإعادة التفكير في مفهوم "الرجولة" في مجتمع أبوي كالمغرب:

هل الرجولة سامة بالضرورة؟ كيف تكون إيجابية؟ وما هي حقيقتها؟ هل هي كلمة، نظام، تفكير، عقيدة، وهم، طبيعة؟ وما هي علاقتها بالذكورة، بالفحولة، بالأنوثة؟ والرابط بينها وبين الدين، الفن، العبور، النسوية؟

من بين برامج البودكاست التي أثارت حماساً وسط الشباب نجد بودكاست "ماشي رجولة"، الذي أنشأه الطبيب الشاب سفيان هناني، العام الماضي "بحثاً عن رجولة إيجابية"، كما يقول، ويطرح أسئلة شائكة لإعادة التفكير في مفهوم "الرجولة" في مجتمع أبوي كالمغرب

لم يأت هذا المشروع لشيطنة الرجل، بل للمطالبة بـ"رجولة" تعددية وشاملة بدلاً من تلك الحصرية والسامة، وذلك بإعادة النظر في "أخلاق" المجتمع السائدة تجاه النساء والأقليات، بما فيها مجتمع الميم-عين وأصحاب البشرة السمراء والمنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء، والمختلفين دينياً وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنّين وغيرهم... هؤلاء الذين يمثلون اليوم التركيبة المجتمعية للمغرب المعاصر.

رجولة سامة vs رجولة إيجابية

نعلم أنه إذا ما خرج الشخص عن الإطار الذي ترسمه "البطريركية" تصير رجولته مساءلة، سواء تعلق الأمر بالرقص، الإحساس بالضعف والإعياء أو التعبير عن الحب أو غيره، لذلك تخوض الحلقات في وحل الواقع عبر استضافة متخصصين وفتح باب المداخلات للشباب المغربي، وتسعى إلى خلخلة المفاهيم القديمة وإبراز المضار الاجتماعية الناتجة عن بعض سلوكيات "الرجولة السامّة" المتجذرة في المجتمع.

يمكنك أن تصبح رجلاً دون أن تكون عنيفاً، متأثراً بالتستوستيرون فقط، دون أن تستخدم قوتك المفرطة. يمكنك أيضاً أن تكون ضعيفاً وهشاً لأنك بشر، وأن تكون هادئاً لا تحب الألعاب القتالية على سبيل المثال.

هناك خلط بين الرجولة والفحولة بمعنى القوة والهيمنة والسيطرة الجنسية، وهو ما يرفضه توجه البودكاست الذي يؤكد أن حقوق المرأة لا تدافع عنها النساء فقط، لأن تعبير "رجولة" هنا يعيد الاعتبار لهذه الكلمة التي تحمل دلالات قوية في المجتمع المغربي، والمغاربي عموماً؛ متعلقة بالشهامة والدفاع عن الحق والإقدام والاحترام، ولذلك على الرجل أن يكون جزءاً من الحل لتحقيق المساواة بين الجنسين.

هل الرجولة سامة بالضرورة؟ كيف تكون إيجابية؟ وما هي حقيقتها؟ هل هي كلمة، نظام، تفكير، عقيدة، وهم، طبيعة؟ وما هي علاقتها بالذكورة، بالفحولة، بالأنوثة؟ وما الرابط بينها وبين الدين، الفن، العبور، النسوية؟

جمع الرجل المؤنث السالم

"كون راجل أ صاحبي"، "رجولة منذ الطفولة"، "هذا ولد مو"، "الرجل هو جيبو"، "الرجل هو الكلمة"، "حساس"، "رجل منذ أن وُلد"، "إنه ابنه أمه" (لا يتمتع بخصال الرجولة)، "الرجل يساوي ما في جيبه"، "الرجل يعادل وعوده"، "رُوَيْجل" (تحقير وتصغير الرجل)، "مثلي الجنس"...، أفكار كثيرة راسخة في المخيال الشعبي يسعى بودكاست "ماشي رجولة" إلى تجاوزها واستبدالها وتغييرها، فالرجولة مجموعة من القيم لا علاقة لها بجنس الشخص.

لهذا يستضيف القائمون على المشروع مجموعة من المثقفين والممثلين والفاعلين والناشطين المدافعين عن المثلية ومجتمع الميم-عين، لفتح حوّار بناء والبحث عن "رجولات" بديلة... صيغة الجمع بالدارجة تقرّب الصورة أكثر للمستمعين المغاربة، حيث تغدو الرجولة جمع مؤنث سالم.

رجولة عابرة

في إحدى الحلقات التي استضافت في جزئها الأول الكاتب والناشط الحقوقي المجاهر بمثليته، عبد الله الطايع، وفي الجزء الثاني الناشطة التونسية خولة ماكوير Mcqueer والكاتب هشام الطاهر، يجد المستمع نفسه أمام عنوان لافت "رجولة عابرة".

كيف يمكن أن يكون المرء "رجلا نسوياً (فيمنست)"؟ بينما لا تزال المجتمعات العربية تنظر إلى كل مدافع عن النسوية على أنه "ماشي رجل" أو مثلي؟

نسمع في مستهل تقديم الحلقة: "العبور هُوَ كَلْ واحدْ تَيْشَدْ الجهة لِيتَيْرْتاحْ فيها، لِيتَتْوَصْلو فِينْ بْغا" (العبور هو أن يسلك المرء الطريق الذي يريحه والذي يوصله إلى وجهته المختارة). الرجولة العابرة هي إذن العبور من التطبّع الاجتماعي المفروض إلى التعدد والمساواة.

ويجيب صاحب كتاب "الذي يستحق الحب" عن أسئلة من قبيل: ما معنى أن تكون رجلاً في المغرب؟ ومعنى أن تكون رجلاً مثليّاً في المغرب؟ وأن تكون رجلاً مثلياً في خارج هذا البلد؟

قائلاً: "مَاكَيْنَاشْ رُجُولَة وَحْدَة ومحددة كَلْشي يمكن يكون رجل: الطفل والمرأة، والعابر..."، فخصال الرجولة بالنسبة إليه ليست حصراً على الرجال ولا تتعلق بالجنس، بل بالطبع والسلوك والتعامل مع الآخر مؤكداً على أن ثمة من يتظاهر بهذه الخصال فقط ليمارس التسلط والقمع.

وحين تكون رجلاً مثلياً وتؤمن بالرجولة العابرة داخل بلد عربي وإسلامي مثل المغرب، سوف ترى "الويل" وتتعرض إلى نظرات ومضايقات الآخرين، من محيطك العائلي قبل المجتمع، بل قد تتعرّض للاغتصاب، ما قد يدفعك للانتحار، كما يؤكد الطايع. لكنه يضيف: "علينا أن نقاوم بالحب لتغيير المجتمع".

هل رجل الغد نسوي؟

كيف يمكن أن يكون المرء "رجلا نسوياً (فيمنست)"؟ بينما لا تزال المجتمعات العربية تنظر إلى كل مدافع عن النسوية على أنه "ماشي رجل" أو مثلي؟ في حلقة تحمل عنوان "رجولة نسوية"، حاول أصحاب المشروع أن يبحثوا عن إجابات حول التعقيد الذي يطال تعبير "رجولة نسوية" وهذا الجمع بين "النقيضين".

نسمع مداخلة مغنية الراب "خْتك" بهذا الخصوص: "كلمة رجولة خاصنا نْحَيْدوها من contexte الرجولي الذكوري الخيْب، فالكلمة très frappant وْعندها حمولة زوينة"، (علينا أن ننتشل كلمة رجولة من السياق الذكوري السلبي، لأنها مؤثرة ولديها دلالة إيجابية). لكن بالنسبة لها لا يمكن أن يصير الرجل نسوياً، بل حليفاً أو متضامناً مع النساء بالأحرى.

هذه "ماشي مروءة"

أما الكاتبة والباحثة أسماء المرابط، فتشير في مشاركتها بالبودكاست إلى أن صفة "الرجولة" لا ترد في القرآن. ومقابل كلمة "رجل" نجد كلمة "امرُؤ" التي تأتي منها "امرأة"، ونقول: "رجل ذو مروءة" دلالة على رفعة أخلاقه.

يُعيدنا هذا لمعاجم اللغة التي تعرّف كلمة "رجولة" على أنها كل الصفات المميزة للرجل، فنقول: "أظْهرَ رُجُولَةً" أي قُوَّةً، شَجَاعَةً، حِنْكَةً، وفي تعبير آخر نقول: "نُعَرَة الرُّجولة" أي شعور مبالغ فيه بالصّفات الرجوليّة، ويشدَّد فيه على بعض الخواصّ كالشجاعة والقوّة والسيطرة على النساء... بينما تقابلها كلمة "مروءة" وهي الصفات النفسية التي تحمل الإنسان على الأخذ بحميد الأخلاق وترك رديئها، فلمَ لا نعتمدها كصفة أشمل وأقل عنصرية؟

الرسوم خاصة بالبودكاست للفنانة البصرية المغربية زينب فاسيكي

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard