شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"لننقذ حياتنا الزوجية من الملل"... أردنيات يدفعن أزواجهن لمشاهدة مسلسل عاطفي على نتفليكس

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 10 أغسطس 202104:47 م

"من يعطيك الأمان، ليس بالضرورة أنه قادر على منحك الإثارة، والمجازفة، والحماس، أو تذكيرك باستمرار أنك شخص مرغوب"، هكذا بررت بيلي، الشخصية الرئيسية في مسلسل "سيكس لايف" الذي يُعرض حالياً على منصة نتفليكس، انغماسها في استرجاع الماضي، ومنحه الأولوية على حياتها الزوجية المكللة بالأمان، لأن الماضي هو الذي نجح في تذكيرها بأنها مرغوبة.

وباتت بيلي، بطلة المسلسل المتصدر في نسب المشاهدة في الأردن، حسب قائمة "توب تن إن جوردان"، على نتفليكس، والذي بدأ عرضه رسمياً أواخر حزيران/ يونيو الفائت، نموذجاً لنساء أردنيات متزوجات، في ما يتعلق بتفاصيل حياتها الجنسية مع حبيبها السابق، براد.

تشجع أردنيات أزواجهن على حضور مسلسل "سكس لايف" كونه محتوى فنياً تثقيفياً للعلاقات الجنسية الزوجية وفق تعبيرهن.

تستعرض بيلي، في المسلسل المستوحى من رواية تحمل اسم "44 فصلاً عن 4 رجال"، أدق تفاصيل ماضيها، وعلاقتها الجنسية مع براد، في مذكرات تكتبها. في المقابل، يتنقل مخرج المسلسل بتلك التفاصيل المخطوطة على حاسوبها، بمشاهد "فلاش باك"، فتظهر في الحلقات الثمانية حالة لا يمكن وصفها بأقل من أنها جنون، لكنه جنون محبب، وجاذب، ويسبب الدهشة للمتابعين، إذ نرى مشاهد تتناول تلك التفاصيل التي تلازم عقل بيلي، ومدوناتها، وحتى طريقها الذي تسلكه يومياً، والذي يمر بالأماكن كلها التي شهدت مغامراتها الجنسية مع براد.

ذلك كله، وأكثر، كان مبرراً للعديد من النساء الأردنيات، ليس لحضور المسلسل فحسب، وإنما لتشجيع أزواجهن على ذلك، كونه محتوى فنياً تثقيفياً للعلاقات الجنسية الزوجية، بل "مدرسة"، وفق تعبير إحداهن، وذلك أملاً في إنقاذ حياتهن من ملل قد يقود في نهاية المطاف إلى الخيانة، حسب وصفهن.


"مدرسة تثقيفية"

"طمني، حضرت حلقة مبارح؟". هكذا سألت ميساء –وهو اسم مستعار- زوجها، وأنا أتحدث معها على الهاتف قبل أيام. بعد لحظة تذكرت السيدة بأنه لم تسنح الفرصة له لمشاهدة الحلقة الرابعة، بسبب عودته متأخراً من لعبة كرة قدم مع أصدقائه، وبصوت بعيد سمعته وهو يرد على سؤالها: "منيح ذكرتيني، هيني رايح أحضرها".

ميساء (31 عاماً)، وصفت المسلسل بأنه "مدرسة تثقيفية"، وبررت تشجيعها لزوجها على متابعته، بأنه قد يحميهما من الوقوع في غياهب الملل الذي تسمع عنه كثيراً من صديقاتها، وقريباتها، اللواتي مضت على زواجهن أعوام طويلة.

تقول: "منذ خطبتي، وأنا أخشى من أن أُصاب بوحش الملل بين الأزواج، من كثرة ما كنت أسمع من صديقاتي اللواتي كن يتهكمن عليّ، عندما أصف شكل حياتي الزوجية التي نطمح، أنا وخطيبي، إليها، وعنوانها الحب بأشكاله كلها، فالحب، كما قلن لي، يموت بعد سنة، وتبدأ رحلة الملل، و’الشاطرة تكسر هاد الملل’".

وتضيف السيدة: "كنت أسألهن كيف يمكن أن أكسر الملل، إذا ما اجتاح علاقتي الزوجية، وكن يقلن لي إنه عليّ مواصلة تحديث أساليب علاقتي الجنسية مع زوجي، سواء في ملابس اللانجيري، أو الميك أب، أو حتى نوع العطر، وكن يختمن ساخرات: ‘مع كل هاد برضو رح تزهقوا’".

"كنت أخاف"، كررتها ميساء، وهي مهندسة معمارية، وأم لطفلة عمرها زهاء عام، أكثر من مرة خلال حديثنا معها، وتقول: "أنا، كغيري، على قناعة بأن مجتمعاتنا العربية جاهلة في الثقافة الجنسية، بدليل غيابها عن مناهجنا التعليمية، وعن التربية الأسرية. في مرحلة زواجي الأولى، لم أكتفِ بنصائح صديقاتي في ما يتعلق باللانجيري، وغيره، فكنا أحياناً نتعمد، أنا وزوجي، مشاهدة مواقع بورنو، لعلنا نتعلم أساليب جديدة منها، لكن مشكلة هذه المواقع أن غالبيتها مبالغ فيها، وما تعرضه بعيد عن الواقع عند التطبيق".

"أما مسلسل سيكس لايف، فحكاية تانية"، تقول ميساء، وتفسر ذلك: "أدق التفاصيل التي عرضت في المشاهد التي جمعت البطلة مع حبيبها، كانت جميلة ومبتكرة، في ما يتعلق بالشق الجنسي بينهما، وعندما طبقناها في الواقع، شعرنا بالشعور ذاته الذي كان ينتاب البطلين".

"نعاني من ثقافة الخوف من البوح، فالمرأة إذا شعرت أن زوجها مقصر معها جنسياً، تخشى البوح له، بسبب الخوف من ردة فعله التي قد تصل إلى حد الضرب، والمفارقة أنه إذا ما حدث العكس، وشعر الزوج بأن زوجته لا تشبعه جنسياً، يبرر لنفسه خيانتها، أو الزواج من أخرى"

أسأل ميساء عن ردة فعل زوجها، عندما طلبت منه متابعة المسلسل، إذ من المرجح بالنسبة إلى الرجال الشرقيين استهجان طلب متابعة مسلسل فيه مقاطع جنسية صريحة، وقد يعدّون ذلك "إهانة" لرجولتهم، وجرأة زائدة عن الحد من زوجاتهم.

"نعم هناك رجال شرقيون يتحكمون بغرائز زوجاتهم، وهم أنفسهم من يواجهون مشكلات زوجية، وهو امتداد لمشكلة متغلغلة في مجتمعنا العربي، حيث تحضر عقلية ‘سي السيد’ بقوة، وتطال الرغبة، والغريزة، وحتى الفطرة لدى الرجل والمرأة. لكن زوجي مختلف عن تلك العقلية، وهي ليست المرة الأولى التي يتقبل فيها مني نصائح بمشاهدة مقاطع جنسية، لأنه أيضاً يخشى رهاب الملل، أو الزهق. تقبله لنصائحي تلك، دليل على مدى حبه لي، وحرصه على ألا يخسرني، كما حدث مع زوج بيلي".

وختمنا الحديث بسؤالها: بما أن زوجك منفتح ومتقبل لأفكارك، لماذا فضلت إخفاء اسمك الحقيقي، واستبداله باسم مستعار؟ أجابت ضاحكةً: "لأنني وزوجي، مثل كثيرين، نستسلم دوماً لواقع أن مجتمعنا متخلف، وإذا ما كشفت عن اسمي الحقيقي، أطلقي العنان لخيالك لما سيطال زوجي من انتقادات".


إحباط لرياح الملل

ترى نهى (46 عاماً)، أنها نجحت حتى اليوم في إحباط رياح الملل كلها، عندما كانت تقترب من عش الزوجية، وتوضح لرصيف22: "لم أكن أنتظر هذا المسلسل، حتى أنقذ نفسي وزوجي من الملل الذي قد يؤدي إلى دمار حياتنا، فنحن ومنذ زواجنا قبل 14 عاماً كنا نطرق كل باب جديد، نستفيد منه تثقيفياً في علاقتنا الزوجية، حتى نثبت لأنفسنا عندما نشيخ، أننا زوجان تمكسا بعهودهما في إبقاء علاقتهما حية".

ماذا كنتما تفعلان؟ سألتُ نهى، وأجابت: "كنا وما زلنا نقرأ كتباً عن الحياة الجنسية، لكن غالبيتها باللغة الإنكليزية، كون المكتبة العربية تفتقر إلى هذا النوع من الكتب، ونشاهد أفلام البورنو، وتحديداً الأوروبية منها، ومؤخراً تابعنا مسلسل سيكس لايف، وعلى استعداد لمتابعة أي محتوى جنسي تثقيفي".

مجتمعاتنا العربية جاهلة في الثقافة الجنسية، بدليل غيابها عن مناهجنا التعليمية، وعن التربية الأسرية.

"أسمع دوماً كلمة منورة"، تضحك نهى، وتضيف: "بالطبع، وجهي ونفسيتي، سيكونان باستمرار مرتاحين، لأنني مشبعة جنسياً من زوجي. لا أريد أن يحدث معي ما يحدث مع نساء كثيرات أعرفهن من قرب، بأن أضطر إلى خيانة زوجي، حتى لو عبر الإنترنت، لأنه لا يشبع رغباتي الجنسية. أنا أريد أن أبقى مخلصة له، ولحبنا، ولأولادنا أيضاً".

وتفسر نهى الأمر بقولها: "نعاني في مجتمعاتنا العربية من ثقافة الخوف من البوح، فالمرأة إذا شعرت أن زوجها مقصر معها جنسياً، تخشى البوح له، بسبب الخوف من ردة فعله التي قد تصل إلى حد الضرب، والمفارقة أنه إذا ما حدث العكس، وشعر الزوج بأن زوجته لا تشبعه جنسياً، يبرر لنفسه خيانتها، أو الزواج من أخرى".

سألتُ نهى أيضاً عن تفضيلها استخدام اسم مستعار، فأجابت: "ليس خوفاً على زوجي من الانتقادات، وإنما على ولديّ اللذين يُفرض عليهما التقوقع في بالون مجتمعي اسمه: العيب".


"الجنس حق للطرفين"

في حديثها لرصيف22، ترى الأخصائية النفسية والاجتماعية الدكتورة عصمت حوسو، أن الأعمال الفنية تعكس الواقع، وهو قد يسبقها أحياناً، بسبب التطورات المتسارعة، وهذا يتطلب التغيير في التفكير والتربية، بناء على تطورات أدوات العصر، وتضيف: "الثقافة الجنسية مهمة جداً، وفور تلقي الأطفال في عمر المراهقة معلومات على شكل صور، أو فيديوهات، أو أعمال فنية تتعلق بالجنس، من الضروري أن يتم التقاط ذلك، وتعليمهم ما يتعلق بالثقافة الجنسية كله، في البيت، وفي المدرسة، بشكل تدريجي، حتى يصلوا إلى درجة كافية من الوعي، عند بلوغهم مرحلة الزواج".

وتشير حوسو إلى أن الفتاة في مجتمعنا، تتربى على كبت الرغبة الجنسية، ويُترجم الأمر في ما بعد، بإصابتها بعلل نفسية مختلفة، ناهيك عن كونها على الدوام تقوم بدور المفعول به في علاقتها الجنسية، وهذا مفهوم خطأ، يؤدي لاحقاً إلى انتشار الخيانة بين الأزواج، لأنهم يرون في أفلام البورنو أن المرأة تؤدي أيضاً دور الفاعلة في العلاقة الجنسية.

"سيكس لايف، علمني ما خافت والدتي، وشقيقاتي، وحتى بنات جيراني، من إرشادي إليه، عن العلاقة الجنسية التي أنا مقبلة عليها. أرى أن الأمر يدل على أن غالبية الفتيات العربيات يعانين من عطش وحرمان من حق أساسي، وهو سماع صوت أجسادهن، وتعلّم كيفية تلبية نداءاتها"

"دورنا كأخصائيين نفسيين أن نعلم الأزواج أن الجنس حق لكلي الطرفين، ومن حقهما أن يعبرا عن احتياجاتهما، من دون قيود أورثتها لهم التربية المجتمعية غير الصحية التي لا تعترف بالثقافة الجنسية"، تضيف الأخصائية، وتختم بأنها ترحب بفكرة تشجيع النساء لأزواجهن على متابعة مسلسل "سيكس لايف"، وهذا يدل على أنهن يخشين من الإحباط الذي ينتج عن عدم القدرة على التحدث عن رغباتهن بالطريقة الصحيحة.

تحدثنا أخيراً مع فتاة عشرينية فضلت عدم ذكر اسمها، لكنها باحت لنا بأن مسلسل "سيكس لايف" بمثابة قاموس إرشادي لزواجها الذي سيتم خلال شهر آب/ أغسطس الحالي.

وتقول الفتاة لرصيف22: "سيكس لايف، علمني ما خافت والدتي، وشقيقاتي، وحتى بنات جيراني، من إرشادي إليه، عن العلاقة الجنسية التي أنا مقبلة عليها. أرى أن الأمر يدل على أن غالبية الفتيات العربيات يعانين من عطش وحرمان من حق أساسي، وهو سماع صوت أجسادهن، وتعلّم كيفية تلبية نداءاتها".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard