شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
البورنو الصوتي... مساحة آمنة لإشباع الرغبات وتعزيز الخيالات الجنسية

البورنو الصوتي... مساحة آمنة لإشباع الرغبات وتعزيز الخيالات الجنسية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 7 يوليو 202105:25 م

ماذا لو لم يكن للإباحية صور، بل مواد ترتكز على سماع أصوات معينة، وأفواه تتفوّه بكلمات مثيرة تدور حول الأوهام الجنسية وتساعد في إطلاق العنان للخيالات الجنسية؟

إن الشبقية الصوتية أو audio porn هي شكل من أشكال الرواية الإيروتيكية أو الأفلام الإباحية، غير أنها تعتمد فقط على الأصوات القادرة على خلق السيناريوهات المثيرة في المخيّلة بدلاً من مشاهدة المقاطع المصورة أو قراءة القصص المثيرة جنسياً.

واللافت أنه بالنسبة للأشخاص الذين فُتنوا منذ فترة طويلة بالمتعة الكامنة وراء ظاهرة إيسمار أو ASMR(الاستجابة الزوالية الحسية الذاتية) التي تمنح "هزّة دماغية"، واختبروا شعوراً بالتنميل أو الوخز في مؤخرة الدماغ عند سماع أصوات معيّنة، فإن المواد الإباحية الصوتية قد تكون بمثابة الحب من الصوت، لا بل حتى من الهمسة الأولى.

قوة الشبقية الصوتية

عندما نتحدّث عن الإباحية التقليدية فإننا نربطها في الغالب بالصور أو بمقاطع الفيديو المثيرة، غير أن الشبقية الصوتية تلغي التحفيز البصري بشكل تام، وتركز على الأصوات المثيرة، بهدف جعل المستمعين/ات يختبرون/ن تجربة سمعية حسية تتيح لهم/نّ ملء الفجوات المرئية بشهواتهم/نّ الخاصة، فيكون الخيال خصباً ومفتوحاً على جميع السيناريوهات التي تبحر في عالم الفانتازيا والأوهام الجنسية.

الشبقية الصوتية أو audio porn هي شكل من أشكال الرواية الإيروتيكية أو الأفلام الإباحية، غير أنها تعتمد فقط على الأصوات القادرة على خلق السيناريوهات المثيرة في المخيّلة بدلاً من مشاهدة المقاطع المصورة أو قراءة القصص المثيرة جنسياً

يكتسب هذا النوع من الإباحية قوة وتأثيراً كبيراً على الدماغ البشري، بسبب غياب المؤثرات البصرية، ما يمنح الدماغ المزيد من العمل.

وتعليقاً على هذه النقطة، قالت كارول كوين، مؤلفة كتاب The Sex & Pleasure Book: Good Vibrations Guide to Great Sex for Everyone: "نحن لا نستجيب فقط للعناصر المرئية التي لا ترضينا، بل لدينا مجال حرّ لتخيّل الشخصيات وإدخال أنفسنا في المشهد بطرق مختلفة".

وعليه، تكون كل قصة صوتية يستمع إليها المرء بمثابة نسخة مخصّصة له، لأن خياله هو الذي ينسجها.

تعزيز الصحة الجنسية

على غرار الوخز اللطيف الذي يبدأ من الرأس وصولاً إلى أسفل الجسم عند سماع بعض الأصوات، كالهمسات والنقر، في سياق ما يعرف بظاهرة ASMR، تساعد الشبقية الصوتية على الشعور بالإثارة وزيادة الرغبة الجنسية والغوص أكثر في الحاجات الشخصية، خاصة بالنسبة للأفراد الذين يخجلون من التحدث عن رغباتهم/ن الجنسية.

كل هذا بالإضافة إلى ميزة أخرى، وهي عدم مقارنة أنفسهم/ن مع الممثلين/ات، كما يحدث في العادة عند مشاهدة الأفلام الإباحية.

وفي هذا الصدد، أكدت جينا غوتيريز، الرئيسة التنفيذية لموقع Dipsea، أن الهدف الرئيس وراء هذه التطبيقات والمواقع الإلكترونية التي تتمحور حول البورنو الصوتي هو تعزيز ما يُعرف بالصحة الجنسية، من خلال التركيز على أهمية الشعور بالتناغم مع الجسم، والقدرة على إيجاد علاقة حميمة إيجابية، ما يعني الشعور بالأمان لاستكشاف الأوهام الجنسية والتعبير عن احتياجات ورغبات الفرد الحميمة.

وفي السياق نفسه، أوضحت بريان ماكغوير، مؤسسة بودكاست Sex Communication الذي يعرض حلقات يتحدث فيها الناس بصراحة وشفافية عن حياتهم الجنسية، أن هذا البودكاست يثير إعجاب الكثير من المستمعين/ات بسبب الطبيعة الحميمية والمثيرة للتسجيلات: "لقد وصفه البعض بأنه جنس عبر الهاتف مع شخص ثالث، أو يشبه الاختباء في غرفة نوم شخص آخر".

وشددت بريان على أن الهدف من إطلاق هذا البودكاست هو تشجيع الناس على التحدث بأريحية أكثر عن المسائل الجنسية: "أريد تغيير المحادثات حول الجنس... لا يزال الكثير من الناس يخجلون ويخافون ويترددون في التحدث عن رغباتهم وحدودهم وخبراتهم".

وهكذا، يتحول البورنو الصوتي إلى مساحة آمنة للابتعاد عن الواقع الصعب وإطلاق العنان للأفكار والتخيلات المثيرة، سواء كان ذلك في الصباح الباكر أو قبل النوم، أو حتى أثناء الاستلقاء في حوض الاستحمام على ضوء الشموع.

تمكين النساء

في الآونة الأخيرة، ازدادت شعبية المواد الإباحية الصوتية بشكل كبير، بسبب الخصوصية التي توفرها هذه المنصات والشمولية لناحية احتضان الهويات الجنسية والجندرية المختلفة، وعليه، لا يمكن لأحد أن ينكر أن الشبقية الصوتية تعيش عصراً ذهبياً في وقتنا الراهن.

ففي العام 2019، تمكنت الشركات الناشئة في مجال الشبقية الصوتية من جمع أكثر من 8 ملايين دولار، غير أن بعض المنصات تطمح إلى ما هو أبعد من الربح المادي السريع: فهم وتعزيز الخيال الجنسي بهدف توفير الإثارة للنساء مع التشديد على الأمان والتمكين.

"شعرت بأن الشبقية الصوتية صُنعت لي وأخذت رغباتي في عين الاعتبار... جعلتني أشعر بأنني مثيرة ومرغوبة"

ففي حين أنه يمكن لأي شخص الاستمتاع بالإباحية الصوتية، إلا أن البورنو الصوتي يحظى بشعبية خاصة بين النساء، وذلك لكونه يركز على المداعبة والجنس الأنثوي الذي يتخطى حدود النشوة الجنسية.

فقد وجدت الأبحاث التي أجرتها منصة التربية الجنسية OMGYes بالتعاون مع The Kinsey Institute، أن 90% من النساء يستخدمن "التأطير العقلي" لإيقاف الأفكار المشتتة والتركيز على المتعة.

ومع زيادة فهم وقبول دور الخيال في إثارة الإناث، من المؤكد أن سوق رواية القصص المثيرة سينمو.

أوضح الأخصائي في العلاقات الجنسية أنطوني حكيم، أن البورنو الصوتي يشبه إلى حدّ كبير الروايات الإيروتيكية، غير أن الفرق يكون في كيفية تقديم المحتوى المثير من خلال التركيز على الصوت فقط وليس الشق البصري.

وفي حديثه لموقع رصيف22، أكد حكيم أن الشبقية الصوتية تساعد النساء على الانخراط أكثر في المتعة الجنسية، بعكس المواد البصرية، وذلك لوجود نوع من التمييز في الأدوار الجنسية والجندرية في محتوى معظم الأفلام الإباحية.

وأشار أنطوني إلى أنه في العالم العربي لا يوجد منصّات تدور حول الشبقية الصوتية، وذلك قد يكون بسبب التمييز الجندري: "للأسف في عالمنا العربي، يغيب في معظم الأحيان التركيز على حاجات النساء ورغباتهنّ عند صناعة المحتوى الإباحي".

في المقابل، يبدو أن الشبقية الصوتية تحظى بشعبية واسعة في الدول الأجنبية، بخاصة في أوساط النساء.

فقد كشفت كارولين سبيغل، مؤسسة موقع Quinn الذي يعرض المواد الإباحية الصوتية، أن عدد المستخدمات الإناث على المنصة أكبر بكثير من عدد المستخدمين الذكور.

وفي حديثها لموقع فايس، اعتبرت سبيغل أن "الصوت الشبقي قد يكون أكثر انسجاماً مع رغبة الإناث وخيالاتهنّ"، منوهة بأن بعض النساء لا يستطعن الاستفادة بشكل جيد من خدمات الأنواع التقليدية من الإباحية، وذلك بسبب التمييز أحياناً في المحتوى الجنسي.

على الصعيد الشخصي، عانت كارولين سبيغل من الضعف الجنسي، ووجدت أن الشبقية الصوتية هي الوسيلة الوحيدة القادرة على إثارتها جنسياً، الأمر الذي دفعها لإطلاق موقع إلكتروني متخصص في هذا المجال: "شعرت بأن الشبقية الصوتية صُنعت لي وأخذت رغباتي في عين الاعتبار... جعلتني أشعر بأنني مثيرة ومرغوبة".

وبالفعل، منذ إطلاقها في العام 2019، أصبحت Quinn واحدة من أكثر المنصات شعبية للإباحية الصوتية، والمعروفة بالمحتوى الذي يجذب المستمعين/ات، ويتيح للمستخدمين/ات أيضاً تحميل المواد الإباحية الصوتية الخاصة بهم/نّ.

وتعليقاً على هذه النقطة، قالت سبيغل: "صاحب المحتوى يتحدث إليكم/نّ كما لو كنتم/نّ تمارسون/ن الجنس معه. قد يبدو هذا الأمر مرهقاً، لكنه مثير جداً ويبقي تركيزكم/نّ على اللحظة الحالية".

البورنو الصوتي يحظى بشعبية خاصة بين النساء، وذلك لكونه يركز على المداعبة والجنس الأنثوي الذي يتخطى حدود النشوة الجنسية

إلى جانب الصوتيات، يمكن العثور على أنواع أخرى من الشبقية الصوتية على منصات أخرى مثل Dipsea، وهو تطبيق ينتج قصصه داخل الشركة، وFerly، الذي يركز على اليقظة، وLiterotica، الذي يعرض المزيد من المحتوى الخيالي والفانتازيا، وغيرهما من المنصات التي تركز على الإباحية الصوتية بهدف مساعدة الأفراد، بخاصة النساء، على اكتشاف رغباتهم/نّ الجنسية وممارسة العملية الجنسية بالطريقة التي تناسبهم/نّ.

وعليه، يمكن القول إن الشبقية الصوتية هي شكل من أشكال الهروب من الواقع الأليم، لا سيما في خضم المراحل الصعبة وأزمات كجائحة كورونا، بحيث يسمح هذا النوع من الإباحية بإطلاق العنان للمخيلة الخصبة وخلق السيناريوهات المثيرة والغوص في الرغبات، وإشباع الاحتياجات الجنسية من دون الاحتكاك الجسدي مع الطرف الآخر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard