شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
آمال واعتراضات ومخاوف... هل تضبط قرارات السيسي ميزان العدالة؟

آمال واعتراضات ومخاوف... هل تضبط قرارات السيسي ميزان العدالة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 6 يونيو 202105:15 م

في قرارات وصفت بـ"التاريخية" أعلن المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الخميس 3 يونيو/ حزيران تطبيق حزمة من القرارات التي تخص عمل المرأة في القضاء، وقرارت أخرى تتعلق بأمور تعيين وندب القضاة في الجهات القضائية المختلفة ومستحقاتهم المالية، وهي خطوة اعتبرها المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية "علامة مضيئة على طريق القضاء المصري".

وقال السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية؛ إن القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للهيئات القضائية ستساهم  في تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في تولي الوظائف القضائية في جميع الجهات والهيئات القضائية، كما تحقق أيضاً المساواة في الدخل بين النظراء في كل جهة وهيئة قضائية تلقائياً، بحيث لا تكون هناك حاجة لرفع الدعاوى للوصول إلى هذه المساواة.

خاضت المرأة المصرية نضالاً منذ أربعينيات القرن الماضي، من أجل تولي المناصب القضائية وبخاصة في النيابة العامة والجلوس على منصة القضاء، ولم تكلل هذه النضالات سوى بنجاحات معدودة خلال العقود الماضية

النساء في القضاء

أول هذه القرارات هو بدء عمل العنصر النسائي في مجلس الدولة والنيابة العامة اعتباراً من الأول من أكتوبر/ تشرين أول المقبل، وهي سابقة لم تحدث من قبل في هاتين الجهتين القضائيتين، واللتان كانتا تمنعان على النساء العمل بهما. حيث خاضت المرأة المصرية نضالاً منذ أربعينيات القرن الماضي، من أجل تولي المناصب القضائية وبخاصة في النيابة العامة والجلوس على منصة القضاء، ولم تكلل هذه النضالات سوى بنجاحات معدودة خلال العقود الماضية، أبرزها انتزاع حق تعيين النساء في المناصب القضائية بالنيابة الإدارية المختصة بالتحقيق في قضايا الفساد المالي والإداري في أجهزة الدولة المصرية.

في سبتمبر/ أيلول 2019، جلست المرأة للمرة الأولى – والأخيرة حتى لحظة نشر هذه السطور- على منصة القضاء في مصر، عندما عينت المستشارة فاطمة قنديل عضو يسار في إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة... وقد تفتح توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي الباب الذي أغلق خلف قنديل بمجرد تعيينها.

 بدأ نضال المرأة في القضاء منذ عام 1949، عندما قررت عائشة راتب التقدم للعمل في منصب مندوب مساعد بمجلس الدولة، عقب تخرجها في نفس العام واستيفائها الشروط المطلوبة، إلا أنها صدمت بقرار رفض تعيينها من قبل حسين سري باشا رئيس الوزراء آنذاك، والذي كان يرى أن فكرة تعيين المرأة في القضاء تتعارض مع تقاليد المجتمع المصري.

وحسب موقع منشورات قانونية التابع لكلية الشؤون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، تجدد الرفض من مجلس الدولة في عام 1978 ليشمل هانم محمد حسن الموظفة الإدارية بالمجلس، والتي قدمت طلب تعيينها في إحدى الوظائف الفنية بالمجلس، ولجأت إلى القضاء الإداري إلا أن طلبها قوبل بالرفض.

هذا بالنسبة لمجلس الدولة، أما النيابة العامة، فكان الرفض من نصيب المحامية فاطمة لاشين التي تقدمت لشغل منصب مساعد للنيابة العامة عام 1992، إلا أن طلبها تم استبعاده لأنها سیدة، فأقامت دعوى في مجلس الدولة استنادًا لأن مسابقة التعيين في وظيفة مساعد نيابة لم تشترط جنساً معيناً للمتقدمين، ولكن أوراقها رفضت لأنها سیدة، ما اضطرها إلى إقامة دعوى قضائية أخرى أمام دائرة فحص طلبات رجال القضاء في محكمة النقض، واستمرت الدعوى من عام 1992 حتى عام 2005، من دون أن يتحقق هدف المحامية للدخول إلى النيابة العامة. 

في سبتمبر/ أيلول 2019، جلست المرأة للمرة الأولى – والأخيرة حتى لحظة نشر هذه السطور- على منصة القضاء في مصر، عندما عينت المستشارة فاطمة قنديل عضو يسار في إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة، وهو موقع يمنحها الحق في إبداء رأيها في الأحكام قبل النطق بها،  وفي المشاركة السرية في تداول القضايا ومراجهة اوراقها وأدلتها من دون اتخاذ قرار نهائي في الحكم المنطوق به.

(المستشارة فاطمة قنديل)

ومن أجل تعيينها أجرت قنديل اختبارات شفهية وتحريرية أمام قضاة محكمة النقض والاستئناف فى ،2015 قبل قبولها ضمن الدفعة الأولى من القاضيات المتقدمات للمحاكم العادية، واجتازت الاختبارات اللازمة قبل انتقالها إلى سلك القضاء العادي.

وقتها تفاءل المتابعون بأن قنديل فتحت الباب أمام النساء المصريات إلى منصة القضاء، إلا أنها ظلت المستشارة الوحيدة الجالسة على المنصة، وقد تفتح توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي الباب الذي أغلق خلف قنديل بمجرد تعيينها.

وبحسب دراسة موسعة أعدتها الهيئة العامة للاستعلامات صادرة في أغسطس/ آب 2018، فأن نسبة الإناث في الهيئات القضائية تبلغ 0.5% بمعدل 66 قاضية من بين 16 ألف قاضٍ، والمستهدف – حسب الدراسة- وصول هذه النسبة في 2030 إلى 24 % بحسب خطة مصر 2030.

سبقتها المستشارة تهاني الجبالي التي صدر قرار رئاسي بتعيينها مباشرة ضمن مستشاري المحكمة الستورية العليا في 2003، إلا أنها لم تصدر حكماً واحداً منذ تعيينها وحتى تقاعدها.

"تعيين قيصري" ومعارضة من القضاة

وبالرغم من الإشادات التي حصل عليها قرار تعيين النساء في النيابة العامة ومجلس الدولة اعتباراً من أكتوبر المقبل، إلا أن الحقوقية أمنية طاهر مؤسسة حملة "المنصة حقها" - المطالبة بتعيين المرأة في القضاء - أعربت عن تحفظها على بعض مفردات القرار، واعتبرت أنه لن يتم تطبيقه بالشكل الطبيعي الذي يسمح بتعيين من يقع عليه الاختيار من الجنسين حسب الكفاءة لا النوع. وأن القرار سيطبق - حسب أمنية - بطريق "قيصري"؛ وتقصد بذلك تعيين القاضيات اللواتي يقع عليهن الاختيار من هيئة قضايا الدولة أو النيابة الإدارية  - لا من الفتيات حديثات التخرج -  كـ"ديكور" في المحاكم لمجرد إثبات وجود العنصر النسائي في القضاء.

 وقالت في تصريحات لـ رصيف 22 إن القرار حمل تغييرات حقيقية لكنها ليست جذرية، وإذا تم تطبيقه بالطريقة التي تعتقد أنه سيجري تطبيقه بها؛ "فبهذا الشكل لن يقضي على التمييز، وسيستمر رفض الفتيات الراغبات في الالتحاق بالقضاء. وستستمر حملة ‘المنصة حقها’ في التعبير عن رفض التعيين القيصري، لأن المرأة مثل الرجل، حسب ما تنص عليه المادة (14) من الدستور  التي تنص على أن ‘الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة’".

التزم الدستور المصري الصادر عام 2014 في المادة رقم (11) بالمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعهد بكفالة حق المرأة " فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها"، وبالرغم من ذلك ظلت هذه المادة معطلة حتى صدور القرارات الأخيرة.

أمنية طاهر مؤسسة حملة "المنصة حقها" واحدة من أشهر من رفض طلب تعيينهن بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، وتقدمت لشغل المنصب في دفعة 2013، وحتى الآن لا تزال تتظلم ضد القرارات القضائية الصادرة برفض تعيينها في المجلس- على الرغممن النصوص الدستورية التي تقطع بهذا الحق، وتقول طاهر إن سبب تأخر تطبيق مواد الدستور يرجع إلى "وجود معارضة  رهيبة" من القضاة على مبدأ تعيين النساء، واستنادهم (القضاة الذكور) إلى نصوص شرعية تمنع تولي المرأة أمور القضاء، على الرغم من صدور فتوى من دار الإفتاء تبيح تولي المرأة القضاء. وتشير أمنية إلى ذلك بأن القضاة "يقومون بإعلاء رأيهم الشخصي فوق نصوص الدستور والقانون" في الأحكام الصادرة ضدها وضد تعيين السيدات في القضاء.

ما ذهبت إلى أمنية تؤكده ورقة بحثية صادرة عن موقع منشورات قانونية عن حق النساء في التواجد داخل الهيئات القضائية، وتشير الورقة إلى أن رفض قضاة مجلس الدولة لتعیین النساء لا يستند إلى سبب قانوني أو دستوري، بل يستند على تقدیرهم الخاص كجهة إدارة/ تعیین بملائمة عمل النساء بمجلس الدولة من عدمه. وسبق أن قررت أحكام مجلس الدولة قبل ذلك بأن "قصر بعض الوظائف كوظائف مجلس الدولة أو النيابة أو القضاء على الرجال دون النساء، لا يعدو هو الآخر أن یكون وزناً لمناسبات التعيين في هذه الوظائف، تراعي فیه الإدارة بمقتضى سلطتها التقدیریة شتى الاعتبارات ومن أحوال الوظیفة وملابساتها وظروف البیئة وأوضاع العرف والتقاليد".

وتعلق أمنية أن الفاصل في هذه القرارات هو تطبيقها مع بداية العام القضائي الجديد اعتباراً من أول أكتوبر المقبل، ولا علينا سوى الانتظار.

هذه القرارات يعول عليها مراقبون وحقوقيون في الحد من التوريث والطبقية في تولِّي المناصب القضائية، إذ سيتعين على الجهات القضائية أن تعلن مبرراتها لرفض المتقدمين لشغل وظائف فيها، فيتسنى للمرفوضين الطعن على تلك القرارات، وإن ظل القضاة هم الخصم والحكم.

إحكام مالي وإداري

بالإضافة إلى قرار عمل العنصر النسائي في القضاء؛ صدرت قرارات أخرى من شأنها ضبط ما يتحصل عليه القضاة من مستحقات، من خلال قرارات توحيد المستحقات المالية بين الدرجات المناظرة في الجهات والهيئات القضائية الأربعة (القضاء – مجلس الدولة –النيابة الإدارية – قضايا الدولة)، وعدم تكرار أسماء المقبولين للتعيين في الجهات والهيئات القضائية اعتبارًا من خريجي دفعة عام 2018 بالنسبة لمجلس الدولة والنيابة العامة، ومن خريجي دفعة 2013 بالنسبة لهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة.

كما شملت القرارات إمداد هيئة قضايا الدولة بأسباب عدم قبول طالب التعيين في الوظائف القضائية لتقديمها إلى جهة القضاء في الدعاوى المنظورة، عدم تكرار ندب العضو القضائي الواحد في أكثر من جهة – عدا وزارة العدل – مع وضع سقف زمني لمدة الندب، واعتبار يوم الأول من أكتوبر من كل عام يومًا للقضاء المصري، وأخيراً الموافقة على إنشاء مدينة العدالة بالعاصمة الإدارية.

هذه القرارات التنسيقية يعول عليها مراقبون وحقوقيون في الحد من التوريث والطبقية في تولِّي المناصب القضائية، إذ سيتعين على الجهات القضائية أن تعلن مبرراتها لرفض المتقدمين لشغل وظائف فيها، فيتسنى للمرفوضين الطعن على تلك القرارات التي كانت تظل سرية. وإن ظل القضاة هم الخصم والحكم.

 ويوضح المحامي والباحث القانوني عبد الرازق مصطفى لرصيف 22 أن هذه القرارات "تستهدف التنسيق بين المجالس أكثر منها إلى التغيير" لأنها لن تؤثر في الواقع العام على سرعة التقاضي بالنسبة للمواطن، فضلاً عن أن قرار إعطاء أسباب رفض القبول لرفع دعوى قضائية، كان مطلب سابق لأعضاء المنظومة القضائية.

لكن عبد الرازق أشاد بقرار توحيد المستحقات المالية بين أعضاء الهيئات القضائية بجميع درجاتهم، واعتبره يرسخ لمبدأ التساوي بين الهيئات القضائية.

ويشرح المستشار محمد خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة تفاصيل القرار المتصل بالمستحقات المالية بأنه "كانت لكل جهة وهيئة معاملة مالية مستقلة، أوجدت نوعاً من التفاوت بين رجال القضاء بسبب الإنتماء الولائي لكل جهة على حدة، مما كان يدفع البعض اللجوء إلى التقاضي للمطالبة بميزة مقررة لأعضاء هيئة [من] دون أخرى، رغم أنهم من القرناء، ومن ثم جاء قرار الرئيس مساويا للمستحقات المالية للدرجات النظيرة".

واعتبر عبد الرازق أن أهم ما صدر في التعديلات الأخيرة هو إمداد هيئة قضايا الدولة بأسباب عدم قبول طالب التعيين في الوظائف القضائية لتقديمها إلى جهة القضاء في الدعاوى المنظورة، وأشار إلى أن القضاة سابقاً كانوا يمتنعون عن إبداء الأسباب لعدم رفع صاحب الطلب قضية عن أسباب رفضه، مشيراً إلى أن هذا القرار سيساعد صاحب الدعوى في الحصول على مستند رسمي عن أسباب رفضه، وسيحد أيضاً من ظاهرة التوريث في الهيئات القضائية، لأن المتقدم بالطلب سيحصل على إفادة رسمية وموضوعية عن أسباب الرفض، وبالتالي يمنح تكافؤ للفرص بين المتقدمين.

وأضاف أن اعتبار الأول من أكتوبر من كل عام يوماً للقضاة، قرار تنسيقي لا يوجد به أي جديد.

كما ضمت القرارات عدم تكرار أسماء المقبولين للتعيين في الجهات والهيئات القضائية، ويدافع المستشار خفاجي عن هذه المادة قائلا إن هذا القرار يقضى على النظام القائم بحجز وظيفتين لفرد واحد، ويضمن للخريجين حقهم في التعيين من المستحقين للولاية القضائية.

وشملت القرارات عدم تكرار ندب العضو القضائي في أكثر من جهة باستثناء وزارة العدل، مع وضع سقف زمني لمدة الندب.

 ويفسر خفاجي أن هذا القرار من شأنه ضمان التفرغ للوظيفة القضائية، "لأن تعدد جهات الندب للقاضى يصيب العملية القضائية في الصميم، وله أثار سلبية على العمل القضائى لأنالانتدابات تأتي على حساب العمل الأصلى للقاضى، فيهتز العمل القضائى كما وكيفا. خاصة وأن الواقع العملى كشف في الماضى عن اتساع قاعدة تعدد جهات الندب حتى أصبح كل عضو يسعى بكل طاقته حتى ولو كان عضوا مبتدئًا لا يملك بعد أية خبرة لأن يندب إلى هذه الجهة أو تلك، فضلا عن أنه يترك أثارا بالغة الخطورة على نفسية كثير من القضاة الذين نذروا حياتهم للعدالة" يتابع خفاجي.

في الأخير، عقب الباحث عبد الرازق مصطفى على صدور هذه القرارات، بأنها كانت يننظر أن تصدر عن رئيس المجلس الأعلى للقضاء التابع لوزارة العدل.

أعاد هذا التعديل الدستوري منهج رئاسة رأس السلطة التنفيذية للمجلس الذي يتحكم في شؤون القضاء، وهو أمر سعت إلى إنهائه ثورة 25 يناير من ضمن أهدافها، وتحقق هدف الثورة لفترة قصيرة

بالعودة إلى الدستور الحالي بعد تعديلات 2019 نجد أن المادة (185) تعطي لرئيس الجمهورية حق ندب وتعيين رؤساء الهيئات القضائية، وتنص المادة على إنشاء المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية، برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورؤساء الجهات والهيئات القضائية، ورئيس محكمة استئناف القاهرة، والنائب العام. ويكون للمجلس أمين عام، يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية للمدة التى يحددها القانون وبالتناوب بين الجهات أعضاء المجلس. على أن يحل محل رئيس الجمهورية عند غيابه من يفوضه من بين رؤساء الجهات والهيئات القضائية.

وأعاد هذا النص منهج رئاسة رأس السلطة التنفيذية للمجلس الذي يتحكم في شؤون القضاء، وهو أمر سعت إلى إنهائه ثورة 25 يناير من ضمن أهدافها، وتحقق هدف الثورة لفترة قصيرة؛ إلى أن عاد منهج قيادة الرئيس للقضاء بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة التي منحت للرئيس كذلك سلطة اختيار رؤساء الهيئات القضائية من بين ثلاثة يرشحهم كجلس كل هيئة قضائية، بعد أن ظلت هذه المناصب تشغل بالأقدمية أو بالانتخاب. ورأت منظمات حقوقية محلية ودولية في هذه التعديلات عصفاً بمبدأ استقلال القضاء، وترسيخاً لقمع طويل المدى.

وقد أثارت هذه المادة جدلا واسعاً ومخاوف من اختلال ميزان العدالة في مصر، وقال المحامي والحقوقي المصري جمال عيد آنذاك إن التعديلات القضائية "تضعف موقف القضاء المصري ولا تقوّيه، وتزيد من تآكل استقلاله".

وأوضح عيد أن مؤشر سيادة القانون الذي تصدره منظمة "مشروع العدالة العالمي" منذ 2006، ومقرها واشنطن، أتى بمصر في المركز الـ 121 من أصل 126 دولة مشاركة.

كما وجدت هذه المادة اعتراضات من داخل الأوساط القضائية، وتساؤلات حول استقلالية القضاء كما أكدت المستشارة أماني الرفاعي الرئيس السابق لهيئة النيابة الإدارية، التي قالت خلال ملاحظاتها على التعديلات الدستورية المقترحة آنذاك، إن اختصاصات المجلس الأعلي للهيئات القضائية غير محددة على نحو يتطلب توضيح المزيد من التفاصيل بشأن اختصاصاته وتشكيله.

وأضافت أنه "بما أن الدولة تتبنى مبدأ الفصل بين السلطات (...) فنريد بيان بمدى علاقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية مع باقى المراكز الأخرى، كما أن اختصاصات المجلس غير محددة ويجب توضيح الاختصاصات التفصيلية".

ويختص المجلس الذي يرأسه الرئيس عبد الفتاح السيسي بالنظر فى شروط تعيين أعضاء الجهات والهيئات القضائية وترقيتهم وتأديبهم، ويؤخذ رأيه فى مشروعات القوانين المنظمة لشؤون هذه الجهات والهيئات.

وختاماً يرى المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن القرارات الأخيرة "ستوسع من فرص الالتحاق بالوظائف القضائية بعد منع التكرار في التعيين، وتتيح الشفافية لمعرفة أسباب استبعاد بعض طالبي التعيين، كما أن النقل إلى العاصمة الإدارية يعتبر طفرة من حيث أماكن العمل الحديثة واستخدام التقنية الحديثة في الإجراءات".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard