شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
يدخل الأجانب وأنا عن بلدي غريب… معاناة جزائريين مشردين في المهجر

يدخل الأجانب وأنا عن بلدي غريب… معاناة جزائريين مشردين في المهجر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 23 مايو 202104:18 م

لا شيء آخر كان ينتظره الجزائريون، وبالأخص الجالية في المهجر، أكثر من قرار الرئيس عبد المجيد تبون الاخير بإعادة الفتح الجزئي للحدود البرية والبحرية والجوية. على أن تكون البداية بمعدل خمس رحلات يوميا من وإلى مطارات الجزائر العاصمة، قسنطينة ووهران، ابتداء من الفاتح يونيو المقبل، مع ضرورة التقيد التام بالإجراءات الاحتياطية الصارمة.

رصيف 22 وقفت على قصص إنسانية صعبة، لمواطنين غادروا الجزائر في وجهات مختلفة من المعمورة، بعضهم سافر من أجل العلاج، والآخر من أجل الدراسة، والجزء الآخر سافر بغية الحصول على وظيفة أو لارتباطات مهنية أو تجارية، القاسم المشترك بينهم، أنهم أضحوا مشردين في بلدان بعيدة عن وطنهم.


رخصة أو " فيزا" للدخول إلى بلادك !!

بدأ كل شيء بقرار، وانتهى بمأساة إنسانية، في حق مواطنين أصبحوا غرباء عن وطنهم، بعد غلق الحدود في 17 مارس/ آذار، تاريخ سيبقى عالقا في ذهن الجزائريين، الذين حزموا أمتعتهم في رحلة ذهاب عودتها بقيت معلقة إلى أجل غير مسمى، بعد قرار الرئيس عبد الجزائري عبد المجيد تبون، غلق الحدود البرية والجوية والبحرية، قرار تواصل دون انقطاع لغاية اللحظة، لتكون الجزائر بذلك البلد الوحيد في العالم، الذي لم يفتح حدوده منذ أن أغلقها بإحكام قبل 15 شهرا كاملا.

ومنذ ذلك الحين، تمنع السلطات الجزائرية دخول الرعايا الجزائريين والأجانب إلى البلاد، دون الحصول على رخصة دخول مسبقة، صادرة عن وزارة الداخلية، بالإضافة إلى التسجيل لدى القنصليات والسفارات الجزائرية، في بلدان الإقامة أو السفر، مع تقديم إفادة بمبررات السفر، كالمرض أو نهاية عقد العمل…

 

ثلاثة أسابيع في المنطقة الدولية لمطار شارل ديغول بفرنسا

هذا القرار خلف مأساة حقيقية في حق الجالية في الخارج، رصيف 22 وقفت على قصص إنسانية صعبة، لمواطنين غادروا الجزائر في وجهات مختلفة من المعمورة، بعضهم سافر من أجل العلاج، والآخر من أجل الدراسة، والجزء الآخر سافر بغية الحصول على وظيفة أو لارتباطات مهنية أو تجارية، وكثير منهم كان في رحلة سياحية، اختلفت أسباب السفر، والقاسم المشترك بينهم، أنهم أضحوا مشردين في بلدان بعيدة عن وطنهم.

بتاريخ 26 فبراير شباط 2021، رفضت السلطات في الجزائر، دخول رعاياها القادمين من المملكة المتحدة وإيرلندا، ومنعهم من الصعود على متن طائرات الخطوط الجوية الجزائرية، للتوجه إلى مطار الجزائر.

بتاريخ 26 فبراير شباط 2021، رفضت السلطات في الجزائر، دخول رعاياها القادمين من المملكة المتحدة وإيرلندا، ومنعهم من الصعود على متن طائرات الخطوط الجوية الجزائرية، للتوجه إلى مطار الجزائر.

الركاب الجزائريون الـ 25 ظلوا عالقين في المنطقة الدولية، بالمطار الفرنسي شارل ديغو، لمدة ثلاثة أسابيع كاملة، بعد أن قررت السلطات الجزائرية تعليق رحلات إجلاء رعاياها نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي، بسبب انتشار النسخ المتحورة من فيروس كورونا المستجد في أوروبا.

واضطر عدد منهم للعودة إلى لندن أو السفر إلى تونس بشكل مؤقت، كما أعادت السلطات الجزائرية أيضا عدداً من الرعايا الجزائريين إلى ألمانيا على متن الرحلة التي جاؤوا فيها، لعدم حيازتهم رخصة الدخول إلى بلادهم.

حارس المنتخب الجزائري توفي قبل أن تتحقق آخر أمنياته


كانت آخر أمنية له وهو في سكرات الموت، أن يعود إلى أرض الوطن، ليلقي النظرة الأخيرة على فلذات أكباده وزوجته وعائلته، حارس المنتخب الجزائري لكرة القدم سابقا ونجم وفاق سطيف سمير حجاوي، أطلق نداء للسلطات الجزائرية، في فيديو انتشر على وسائل التواصل الإجتماعي قائلا: "لا أريد العودة إلى الجزائر ميتا في صندوق، أريد أن أرى أولادي قبل أن أموت، لا أستطيع المقاومة أكثر فالألم يكاد يقطعني "

وهو في فراش الموت، استجدى سمير حجاوي وزارة الرياضة، التي تكفلت بنقله إلى فرنسا للعلاج، بأن تحقق آخر أمنيته له بالعودة إلى الجزائر، والتكفل بالإجراءات الإدارية المعقدة، لكن هذه الإجراءات كانت بطيئة جدا، وفارق حارس مرمى الخضر الحياة في عمر 42 عاما، متأثرا بورم سرطاني أصابه في ضلعه الأيسر.


العيد في مطار الجزائر الدولي

قصة أحمد أغرب من الخيال، حيث حط بمطار الجزائر الدولي هواري بومدين، قادما من الدوحة، بتاريخ السابع من مايو/ أيار 2021، كان أحمد يظن أن معاناته في الخارج انتهت، وسيلاقي عائلته بعد فراق طويل إثر غلق الأجواء بسبب كورونا، لكن فرحته بالوصول إلى وطنه، لم تدم إلا دقائق معدودة، لتتحول بعدها إلى جحيم، فالسلطات الجزائرية رفضا السماح له بالدخول إلى البلاد، لعدم امتلاكه رخصة دخول جديدة.

يروي أحمد قصته لرصيف 22: "تفاجأت لدى وصول بمنعي من الدخول، رغم أنني أملك الرخصة وأجريت الفحوصات الطبية التي تؤكد عدم إصابتي بفيروس كورونا، وحصلت على موافقة شركة الطيران، التي لا تمنحك تذكرة، ولا تقبلك في الطائرة إلا بعد موافقة سلطات الجزائر.

لكن شرطة الحدود تحججت بانتهاء صلاحية رخصة الدخول التي أملكها، وخيرتني بين العودة على متن نفس الطائرة إلى بلد المغادرة، أو البقاء في المنطقة الدولية بمطار هواري بومدين" - يقول أحمد متعجبا : لم أكن بمفردي فشرطة الحدود استثنتني من الدخول رفقة خمسة رعايا هنود، وتم نقلنا إلى المنطقة الدولية ، وبعد ساعات، نقل الرعايا الهنود إلى فندق قريب من المطار، بينما بقيت أنا عالقاً طيلة الأيام الأخيرة من شهر رمضان، وقضيت عيد الفطر هناك ، نعم بقيت عالقا في بلدي أفرش ملابسي لأنام كأنني غريب، لم أتخيل يوما أن يحدث هذا لي في بطار بلدي يقولها الرجل بأسى بالغ.

طلبة أضحوا مشردين

من بين الرعايا الجزائريين الأكثر تضررا، هم الطلبة، الذين سافروا لطلب العلم في بلدان بعيدة عن موطنهم، لكنهم وجدوا أنفسهم عالقين رغما عن إرادتهم، وهو ما يؤكده لنا الطالب الجزائري "حسام الدين بقاص"، الذي تحصل على منحة لاستكمال الدراسة في أمريكا رفقة تسعة آخرين من الجزائر ذكورا وإيناثا.

حسام يروي قصته لرصيف 22 قائلا: كنت محظوظا عام 2018 بالحصول على منحة "الفولبرايت" من الحكومة الأمريكية، لإكمال الدراسة بالولايات المتحدة الأمريكية، وبعد عامين أنهيت الدراسة في 2020، تزامن ذلك مع تفشي فيروس كورونا في العالم بأسره.

وبقيت عالقا هناك بسبب غلق الأجواء، على الرغم من أن منحة الدراسة تنص على عودة الطالب إلى بلده فور التخرج.

حاولت أنا ومن معي مرارا وتكرارا التقرب إلى السفارة للتسجيل قصد العودة في رحلة من رحلات الإجلاء، لكن كل محاولاتنا باءت بالفشل. لم نكن نحصل على المعلومة من الحهات الرسمية، فقط الرفض دون مبرر حقيقي،

بقينا دون أموال نصارع الحياة في الغربة، والحديث مازال لحسام :ما زاد الطين بلة، هو عدم استقرار سوق الشغل في هذه الفترة بسبب كورونا، حقا لقد عشنا جحيما لا يطاق.

بيان الجاليات في الخارج

وأثار قرار فرض الحصول على رخصة لدخول الجزائريين إلى بلادهم، جدلاً كبيراً واستنكارا لدى الرأي العام والجالية الجزائرية المقيمة في الخارج، إذ لم يسبق أن فرضت دولة على رعاياها أمراً مماثلاً.

وبعد سلسلة من الوقفات الاحتجاجية أمام مقرات السفارات والقنصليات في بلدان مختلفة، أمضت تسع جاليات في الخارج، بيانا مشتركا تطالب فيه السلطات الجزائرية بتحمل مسؤولياتها تجاه رعايا وفتح الحدود لعودتهم.

البيان جاء تحت شعار " أنا جزائري من حقي ندخل لبلادي" وحسب البيان - "فإن الأخبار المتداولة على وسائط التواصل الإجتماعي، تؤكد أن أجانب من جنسيات مختلفة، يدخلون الجزائر ويخرجون منها بشكل عادي ومستمر، منذ إعلان غلق الحدود إلى يومنا هذا،ـ فكيف يمنع ابناء البلد من الدخول في حين الغريب مرحب به!!

بوادر انفراج الأزمة

يبدو ان هذه الأزمة في طريقها إلى الانفراج، بعد قرار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مجلس الوزراء بالفتح الجزئي للحدود ، مع إلزامية فحص "PCR " على الوافدين بمدة لا تزيد عن 36 ساعة، مع إجراء تحاليل إضافية للوافدين عند وصولهم. وفرض حجر لـمدة 10 أيام على عاتق المصابين بكورونا، مع تطبيق إجراءات مشددة على الوافدين من مناطق تفشى الوباء.

الجزائريين في المهجر يعدون الأيام الأخيرة للمعاناة، من قضية غلق الحدود التي أثرت على يومياتهم وصحتهم وأعمالهم، فالغلق الطويل قلب حياتهم رأسا على عقب، خاصة مع فرض رخصة تحيط بها إجراءات بيروقراطية غير مفهومة، تمنعهم من الدخول إلى وطنهم، في وقت استفاد منها الأجانب، وشخصيات معروفة على وسائل التواصل الاجتماعي كاليوتوبر "ريفكا"، وهو ما أثار سخط المواطنين، الذين عبروا عنها في مواقع التواصل الاجتماعي حتى أن وسائل إعلام محلية، كتبت بالبنط العريض على واجهتها " مطار ريفكا الدولي " في إشارة إلى خروج اليوتوبير الشهير ودخوله بكل بسهولة وأريحية، بينما يحرم آلاف من المغادرة للعلاج أو العودة لدفن آهاليهم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard