شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"اجتماع مخابراتي"... هل تنهي بغداد التوتر بين السعوديين والإيرانيين في العراق

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 25 أبريل 202111:37 ص

في الأيام الأولى من نيسان/ أبريل الحالي، عُقد، في العاصمة العراقية بغداد، اجتماع لم يُكشف عنه إلا بعد أيام، ضم وفدين، واحد سعودي وآخر إيراني، وكان أعضاء الفريقين من رجال المخابرات.

كانت بغداد وما زالت تستضيف اجتماعات بين مسؤولين أمريكيين وإيرانيين، لكنها اليوم جمعت بين طرفين يعتبر العراقيون صراعهما أساساً في تردّي أوضاع بلدهم على مدى الـ18 سنة الماضية.

حرص على السرّية

تعاملت الحكومة العراقية مع الاجتماع الذي احتضنته بغداد بسرّية كبيرة، ونفى مسؤولون في مكتب رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي علمهم بأي شيء عنه، كما لم يخرج أي تعليق رسمي بشأنه.

دخل الوفدان إلى بغداد، لا أحد يعرف بهما ولا لماذا أتيا، باستثناء فريق خاص من المخابرات العراقية يُشرف عليه مكتب الكاظمي، هيّأ الأجواء لهما في المنطقة الخضراء، بينما صواريخ الكاتيوشا تمرّ من فوقهما.

ضم الاجتماع بحسب معلومات انتشرت رئيس جهاز الاستخبارات السعودي خالد حميدان ونائب أمين مجلس الأمن القومي الإيراني سعيد إيرواني، ما يعني أن الاجتماع كان على مستوى أمني رفيع.

يقول مصدر عراقي لرصيف22 إن "الاجتماع لم يكن على المستوى الدبلوماسي، بل اجتماعاً مخابراتياً، ركّز على الملف اليمني والاتهامات التي توجَّه لإيران بشأن توجيه ضربات بالطائرات المسيّرة للسعودية عبر حلفائها الحوثيين في اليمن".

ويضيف: "هذا الاجتماع جاء استكمالاً لرسالة سابقة نقلها رئيس الحكومة العراقية السابق عادل عبد المهدي من إيران إلى السعودية".

وفي كانون الثاني/ يناير 2020، قال رئيس الحكومة العراقية السابق عادل عبد المهدي إن "قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني الذي قُتل بغارة أمريكية مطلع العام الماضي خلال وصوله إلى بغداد، كان يحمل رسالة تضم الرد الإيراني على رسالة أخرى من السعودية أوصلتها بغداد إلى طهران سابقاً بهدف تحقيق انفراج في الأوضاع في المنطقة".

في وقت سابق، انتشرت معلومات عن وجود دور عراقي لإنهاء التوتر بين الرياض وطهران، لعبه الكاظمي عندما كان رئيساً لجهاز المخابرات العراقي، لكن يبدو أنه لم ينجح آنذاك، رغم العلاقة الإيجابية التي تربطه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وكانت تربطه بقائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني.

أجواء إيجابية

يقول رحمن الجبوري، وهو باحث سياسي ومقرّب من رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، إن "الاجتماع بين السعوديين والإيرانيين كان إيجابياً، وسيُعقَد اجتماع ثانٍ خلال الفترة المقبلة، لكن لم يكن للكاظمي أي تدخل فيه، لأنه اجتماع مخابراتي وليس دبلوماسياً".

ويضيف لرصيف22 أن "دور العراق في هذه الاجتماعات ليس مفصلياً، بل هو مهيئ أجواء ومستضيف للقاءات، ولن يتعدى ذلك، مع حرصه على أن تكون العلاقات بين السعودية وإيران هادئة"، مشيراً إلى أن "الاجتماعات حتى الآن ذات طابع معلوماتي مخابراتي، ولم تصل إلى المرحلة الدبلوماسية".

في الأيام الأولى من نيسان/ أبريل الحالي، عُقد، في العاصمة العراقية بغداد، اجتماع لم يُكشف عنه إلا بعد أيام، ضم وفدين، واحد سعودي وآخر إيراني، وكان أعضاء الفريقين من رجال المخابرات...

في الأشهر الأخيرة، قام مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي بنشاط مكثّف من خلال استقبال سفراء دول عربية وأجنبية، خاصة السفير الأمريكي ماثيو تولير الذي التقاه أكثر من مرة خلال الأسابيع الماضية، والسفير السعودي الذي التقاه قبل أيام.

وقبل يوم من زيارته طهران في الـ12 من نيسان/ أبريل الحالي، التقى الأعرجي بالسفير الأمريكي، وفي طهران التقى بمجموعة مسؤولين، منهم محسوبون على "فريق الثورة" ومنهم محسوبون على "فريق الدولة".

يؤشر ذلك على أن الأعرجي يقوم بدور "ناقل الرسائل" على الأقل، وبتكليف من الكاظمي، ويصبّ في هذه الفرضية اللقاء الذي جمعه بالسفير السعودي عبد العزيز الشمري في الـ19 من نيسان/ أبريل الحالي، أي بعد أيام على اجتماع مسؤولي المخابرات الإيرانية والسعودية في بغداد.

وفي الـ27 من آذار/ مارس الماضي، قال الأعرجي خلال استقباله القائم بالأعمال الألماني، إن "أي تقارب إيراني أمريكي أو سعودي إيراني سيكون له تأثير إيجابي على أمن واستقرار المنطقة".

"العقبات كبيرة"

يقول الكاتب والباحث السعودي حسن المصطفى لرصيف22 إن "حكومة الكاظمي بمقدورها أن تلعب دوراً في تقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران، وهذا الدور لن يكون حاسماً أو ذا مفعول سحري، لأنه يعتمد على التغيّر الذي تنتظره الرياض من طرف طهران، وتحديداً في سياساتها الخارجية في الخليج".

ويضيف أن "الكاظمي يسعى لأن يهيئ الأجواء لتكون أقل توتراً في الخليج، وهو يعلم أن العراق لكي يستقر بحاجة إلى أن تكفّ إيران يدها عن دعم الميليشيات المسلحة، وأن تكون هنالك علاقات دبلوماسية وتجارية وشعبية جيدة جداً بين إيران وجيرانها العرب".

اجتماع سعودي إيراني على مستوى مخابراتي رفيع ركّز على الملف اليمني والاتهامات التي توجَّه لإيران بشأن توجيه ضربات بالطائرات المسيّرة للسعودية عبر حلفائها الحوثيين في اليمن، سيليه اجتماع آخر يركّز على ملفات مختلفة

ويشير المصطفى إلى أن "العقبات كبيرة أمام نجاح أي حوار سعودي-إيراني، ويعتمد على ما إذا كانت هنالك نيّة حقيقية لدى النظام في إيران بالتحوّل من سياسات الثورة إلى دبلوماسية الدولة، لتتنافس مع جوارها بطريقة طبيعية، بعيداً عن الحروب والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية".

تمتلك إيران نفوذاً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً كبيراً في العراق، على عكس السعودية التي حاولت طيلة السنوات الماضية تأسيس نفوذ لكنها لم تنجح، حتى في الملف الاقتصادي الذي يواجه العراق تحديات عديدة فيه تُتهم طهران بالتسبب بها.

الصراع واضح بين البلدين داخل الحدود العراقية. رغم علو كعب النفوذ الإيراني، نجحت السعودية في توجيه ضربات إعلامية لإيران وحلفائها في العراق من خلال مؤسساتها الإعلامية المرئية والمكتوبة، وهو ما لم تنجح به طهران التي تتهم الرياض بـ"إرسال" الانتحاريين إلى العراق.

ونقل موقع "اعتماد أونلاين" الإيراني عن سفير إيراني سابق "لم يسمّه" قوله إن "الجولة الثانية من المباحثات السعودية الإيرانية ستعقد خلال الأيام المقبلة، وبمتابعة شخصية من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي".

وتحدث السفير الإيراني عن محاور الاجتماع المقبل، مشيراً إلى أنها ستتضمن "دراسة المزاعم السعودية لدعم إيران للحوثيين، والأوضاع في لبنان والعراق وسوريا والبحرين وتدخل الرياض في المفاوضات النووية".

وأكدت ذلك تصريحات أدلى بها السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي الذي أشار إلى أن "الظروف تبدو مؤاتية لحل الخلافات بين بلاده وبعض دول المنطقة"، ورحب بـ"أي وساطة عراقية" بهذا الشأن.

في 22 نيسان/ أبريل، أصدرت حركة "كتائب حزب الله" في العراق بياناً عبر مسؤولها الأمني "أبو علي العسكري"، أشارت فيه إلى أنها ليست طرفاً في المفاوضات الإيرانية السعودية التي جرت في بغداد، لكنها لم توضح أسباب تطرقها لهذا الملف.

يعتقد العراقيون أن نهاية أو تحييد الصراع الإيراني السعودي في العراق هو بداية لاستقرار سيعيشه بلدهم، وهو أيضاً فرصة لحكومة الكاظمي وحلفائه لتحقيق نجاح وإنْ كان خارجياً.

لكن في المحصلة، لن يستطيع العراق الذي يُعاني من أزمات مركّبة أن يلعب دور الوسيط والمؤثر في هذه الاجتماعات التي قد تتحول في ما بعد إلى مفاوضات، وسيقتصر دوره على تهيئة الأجواء ونقل الرسائل.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard