شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
تزامناً مع الانفتاح العربي نحو النظام... الدراما السورية تعود إلى سيرتها الدعائية

تزامناً مع الانفتاح العربي نحو النظام... الدراما السورية تعود إلى سيرتها الدعائية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 8 أبريل 202105:20 م

في كلّ عام، قبل بداية الموسم الرمضاني الدرامي، تكثر المقالات والتحقيقات والمقابلات التي تتحدث عن تراجع الإنتاج الفني السوري، وخصوصًا الدراما التلفزيونيّة، إذ كان موسم رمضان يشكل السوق الرئيسية لترويج وعرض المسلسلات الرمضانية التي كانت من مصادر الدخل في سوريا خلال العقد الأول من الألفية.

هذا التقرير لا يبحث في تراجع الإنتاج الفني السوري من حيث الكم، بل في اتجاهات هذا الفن مع التركيز علي الدراما التلفزيونيّة، وعلى الرسائل المتضمنة في الإنتاج الدرامي، سواءً أكان منتجًا داخل سوريا أو خارجها، خاصة أنّ البلاد تمرّ بأزمة اقتصاديّة غير مسبوقة، إذ انعدمت مقومات الحياة الأساسيّة لدى شريحة واسعة من المواطنين السوريين. 

يبحث التقرير كذلك عن تدخّل النظام السوري في الدراما، والرسائل التي يبثّها من خلالها، ومن أجل ذلك التقت رصيف22 عدداً من المختصين بالدراما السوريّة والعاملين فيها.

تبنّت قنوات عربيّة - إماراتيّة على وجه الخصوص- بثّ العديد من الأعمال الدراميّة المنتجة في سوريا في فترة بدأت تشهد انفتاحًا عربيًا على النظام السوري.

فرض سردية مغايرة للواقع

منذ الحرب العالمية الأولى، شكلت الدراما ممثلة في السينما وسيلة للدعاية والحشد وإذكاء الروح القومية لدى الشعوب، ومنذ ذلك الوقت، استمر استخدام الأفلام والسينما في "البروباغاندا"، ولم يتخلف العالم العربي عن النهج ذاته وخاصة في مصر وسوريا. إلى أن جاء التلفزيون القادر على الوصول بالرسائل الدعائية إلى كل بيت، ما مثل فرصة سانحة للدولة السورية والشركات المختصة التي توسعت في الاستثمار في الدراما، وبلغ أوج نشاطها بين عامي 2000 و 2010.

يقول المخرج السوري يامن المغربي، المحرر في صحيفة عنب بلدي: "في حالة الدراما السوريّة، وأثناء التوترات مع تركيا شاهدنا أعمال البيئة الشاميّة التي تهاجم فترة الوجود العثماني في سوريا (كمسلسلات الخوالي وأيام شاميّة والفراري وإخوة التراب)، في حين هاجمت الدراما الانتداب الفرنسي عبر مسلسلات عدة (مثل باب الحارة وأيام الغضب). في حين كانت هناك محاولات أخرى لتكريس صورة النظام السوري باعتباره نظامًا مقاومًا لإسرائيل، لكن عبر القضيّة الفلسطينيّة لا القضيّة السوريّة إذ لم تطرح قضيّة مرتفعات الجولان المحتلة منذ 1967. لذا رأينا مسلسلًا كالتغريبة الفلسطينيّة على سبيل المثال أو مسلسل صلاح الدين الأيوبي (لا أنقص من قدر وأهمية التغريبّة الفلسطينيّة ولا اتهمه بشيء)".



يضيف المغربي: "بعد عام 2011، استغل النظام السوري أيضًا الدراما لإيصال رسائل داخليّة وخارجيّة، بعض هذه الرسائل يتعلق بالحديث عن الإرهابيين الذين دمروا البلاد والعباد، أو لتصوير أن الانتفاضة انتهت وسوريا (بخير). وذلك رغم الأزمة التي تمر بها الدراما السوريّة من مقاطعة المحطات الفضائيّة لشرائها، وخسارتها عددًا كبيرًا من صناعها بسبب الاعتقال أو بسبب مغادرة البلاد أو الموت".

يقول الصحافي المختص بالدراما السوريّة ومدير منصة ET SYRIA، أنس فرج، ردًا على سؤال حول الإنتاج الفني السوريّ في ظلال التجاذبات السياسيّة والاستقطابات العديدة، إنّ "العمل الدرامي في سوريا خاضع لأجندة العمل تحت سقف الرقابة، لغياب مساحة حريّة الحركة بين العرض والرقابة".

ويضيف أنّ المسلسلات التلفزيونيّة تخضع لنوعين من الرقابة: أولها "رقابة قَبليّة"، أي قبل إجازة النص، وثانيها "رقابة بعديّة"، وهي الرقابة التي تسمح للعمل بالعرض عبر القنوات السوريّة التي تبث في الداخل.

ويرى فرج أنّ الأعمال التي أنجزت في سوريا بعد بداية عام 2011 ولم تعرض على التلفزيون السوري هي أعمال شبه نادرة، وأنّ "الجزء الأكبر من الأعمال التي تنجز داخل سوريا، تنجز ضمن الرؤية التي يحددها النظام"، ويوضح أنّ الأشخاص لدى "المسؤولين في مديرية الإنتاج التلفزيوني في وزارة الإعلام" رؤية في "تحوير الأعمال"، وهذه الرؤية تتغير بتغيير رؤية النظام للعمل على الأرض، "فإن كان التركيز على الإرهاب يتم صنع مسلسلات عن الإرهاب، وإن كان التركيز عن بطولات الجيش فيتم صنع مسلسلات عن بطولات الجيش، وهكذا جرى تصوير المجتمع السوريّ على أنّه مجتمع مسالم يعيش داخل مدينة دمشق ومُهدّد من قبل الإرهاب الذي يحاول تغيير نظام حياته الاجتماعي. وبالتالي تغييب أي رؤية للطرف الآخر أو لوجود لاجئين وقصف ومهجّرين".

كانت هناك محاولات أخرى لتكريس صورة النظام السوري باعتباره نظامًا مقاومًا لإسرائيل لكن عبر القضيّة الفلسطينيّة لا القضيّة السوريّة أو قضيّة مرتفعات الجولان المحتلة منذ عام 1967.

خارج سوريا

ويتابع أن الأعمال السوريّة الدرامية التي أنتجت خارج سوريا قليلة جدًا، إذ هناك مسلسل اسمه "ليالي الشمال" ولم يُسوّق لرمضان هذا العام، وفي السابق أُنتج مسلسل "وجوه وأماكن" الذي تمّ تصويره في تركيا، لكنّه لم يلق صدىً كبيرًا لدى الشارع السوري.

أما الأعمال الأعمال السوريّة التي صُورت في لبنان خلال فترة معينة، وكانت من إنتاج شركة كلاكيت، فيرى فرج إنّ شركة الإنتاج غامرت بهذه الإنتاجات، لكنها أنتجت عددًا من الأعمال التي لاقت رواجًا بين محبي المسلسلات من السوريين، مثل "غدًا نلتقي" و"العرّاب"، بالإضافة إلى مسلسل "أوركيديا" للمخرج الراحل حاتم علي، وقد صُورت أجزاء كبيرة منه في أوروبا.

كذلك توجد تجربة رقميّة ناجحة واحدة، هي مسلسل عُرض على منصة يوتيوب تحت اسم "بدون قيد" واستطاع الوصول إلى الشارعين، الموالي والمعارض، حسب فرج. ويذكر في هذا السياق أيضًا، مسلسل أنتجه الممثل السوري محمد أوسو تحت عنوان "الأعدقاء"، تمّ تصويره في الولايات المتحدة الأمريكيّة، وبُثّ عبر موقع يوتيوب.

ترى الممثلة السورية فاتنة ليلى، المقيمة الآن في ألمانيا، أنّ الإنتاجات السوريّة في الخارج أكثر حريّة في الطروحات والأفعال والتمثيل مما كان عليه الحال في سوريا، وخاصة الإنتاجات المسرحيّة التي تكثر بشكل كبير في أوروبا، وخاصة في ألمانيا.  

ترحيب حديث

مؤخراً، تبنّت قنوات عربيّة -إماراتيّة على وجه الخصوص- بثّ العديد من الأعمال الدراميّة المنتجة في سوريا، في فترة بدأت تشهد انفتاحًا عربيًا تجاه النظام السوري، فهذا العام عرضت الإمارات عددًا من المسلسلات السوريّة على قنواتها الرسميّة، فعرض تلفزيون دبي مسلسل "حارة القبة" الذي تمّ الترويج له بشكل كبير منذ انطلاق عمليات تصويره، والأمر نفسه بالنسبة لمسلسل "الكندوش"، وكلاهما صُوّرا في سوريا، كما تعرض قناة أبو ظبي الحكوميّة مسلسل "350 غرام"، حسب المخرج يامن المغربي.

يضيف المغربي: "الإمارات استغلت عددًا من صنّاع الدراما السورية لإيصال رسائلها إلى منافسيها، مثل مسلسل "المنصة" (الذي عُرض الجزء الثاني منه مؤخرًا على منصة نتفلكس) الذي صوَّر الإمارات كبلد متطور وآمن وقوي على صعيد الأمن السيبراني، دولة حديثة تضم ناطحات سحاب ضخمة ومطاعم فخمة وإنارة دائمة، في حين أن الطرف الآخر لا يحوي سوى الجهل والتطرف والفقر والدمار، عدا ذكر دول بعينها أثناء أحداث العمل، ودون وجود أي شخصيّة إماراتيّة شريرة في العمل".

كلّ هذا يشكلّ عودة الدراما السوريّة عربيًا هذا العام، وقد وصفها بعض العاملين في هذه الدراما بـ"العودة القويّة"، وذلك تمهيدًا لعودة النظام السوري إلى العالم العربي بشكل غير مباشر، "عبر القوة الناعمة التي شكّلت رقمًا صعبًا في المعادلة الفنيّة العربيّة لسنوات طويلة"، حسب المغربي.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard