شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هل تأكل الحركة الصهيونية أولادها؟... ما تكشفه فضيحة اغتيال

هل تأكل الحركة الصهيونية أولادها؟... ما تكشفه فضيحة اغتيال "كاستنر" عن مؤسسي إسرائيل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 23 مارس 202104:21 م

مرة أخرى، تفجّرت "الفضيحة"، القضية التي هزت إسرائيل طويلاً وتتجدد من حين لآخر، بعدما طالب مؤرخ إسرائيلي بشرح أسباب استمرار حظر النشر عن هوية عملاء الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) المتورطين في اغتيال يسرائيل رودولف كاستنر، المحامي والصحافي والزعيم الصهيوني المجري، في قلب تل أبيب عام 1957 عقب محاكمته بتهمة التعاون مع النازيين.

 

اشتُهر كاستنر بإنقاذه نحو 1700 يهودي في بودابست إبّان الحرب العالمية الثانية، من خلال التعامل مع النازيين. وقد اغتيل بعد إدانته رسمياً بأنه "باع روحه للشيطان" وتعاون مع النازيين، قبل أن تبرئه المحكمة الإسرائيلية العليا بعد وفاته.

 

وتشكل "قضية كاستنر" "معلماً فارقاً" في تاريخ الحركة الصهيونية عموماً، وتاريخ إسرائيل خصوصاً. ويعتبرها البعض "جرحاً لا يزال ينزف بين صفحات هذا التاريخ".

 

وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ديفيد بن غوريون، في 5 نيسان/ أبريل عام 1957، أمراً بحظر نشر هوية عملاء الشاباك المطلوبين للإدلاء بشهاداتهم في القضية "لأسباب تتعلق بأمن الدولة".

 

شكّل التدخل الصارخ لبن غوريون في المحاكمة عنصراً آخر للإثارة والضجة، في القضية التي أثيرت حولها تكهنات وشبهات عديدة منذ اتهام كاستنر بالتآمر مع النازيين ضد اليهود. ظلت الأسئلة بلا إجابة حتى الآن، بعد مرور 64 عاماً.

 

الوقت يغذي الشكوك

أخيراً، تقدم المؤرخ الإسرائيلي نداف كابلان بالتماس إلى المحكمة الإسرائيلية العليا لمنحه حق الإطلاع على مستندات القضية. يسعى كابلان إلى "كشف الحقيقة التي طالما أخفتها إسرائيل عن مواطنيها" في مسألة تورط الشاباك في مقتل كاستنر.

 "قضية كاستنر" تشكّل "معلماً فارقاً" في تاريخ الحركة الصهيونية عموماً وتاريخ إسرائيل خصوصاً، ويعتبرها البعض جرحاً لا يزال ينزف بين صفحات هذا التاريخ

في تصريح لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قال كابلان: "منذ متى كان رئيس وزراء إسرائيل يتدخل في مثل هذه الأمور؟ كانت القضية حساسة للغاية بلا شك. لكن السؤال هو: لماذا؟ وماذا يخبرنا ذلك عن تورط الشاباك في العملية (الاغتيال)؟".

 

قبل التقدم بالالتماس، بحث كابلان طويلاً في الأرشيف الإسرائيلي، وعثر على وثيقة بن غوريون لحظر النشر. وقد اطلع على يوميات رئيس الوزراء الراحل ليعرف بمن التقى بن غوريون قبل إصدار هذا التوجيه؟ وقد زاد ما اكتشفه شكوكه.

 

في 27 آذار/ مارس من ذاك العام، وقبل نحو 10 أيام على صدور أمر منع النشر، التقى بن غوريون إيسر هاريل، أول مدير للشاباك. كتب أول رئيس وزراء لإسرائيل في يومياته: "جاء إيسر لرؤيتي. كان قلقاً للغاية بشأن حيل الإرهابيين العلنية والسرية". لكن التفاصيل الباقية ليست واضحة، إذ حُظرت صفحتان كاملتان من اليوميات حول ذلك اليوم لأسباب غير واضحة إلى الآن.

 

استمر كابلان في البحث حول الأمر قائلاً إن "دافعي في هذا البحث هو الاقتراب قدر الإمكان من الحقيقة. ليس لدي اهتمام شخصي أو عاطفي بهذه القصة المأسوية، فقط الفضول الأكاديمي والعقلي".

 

ومن الأسئلة التي يسعى كابلان إلى الإجابة عنها في بحثه: لماذا سعى هاريل إلى عفو عن المدانين بقتل كاستنر قبل نهاية محكوميتهم؟ ولماذا لم يتدخل الشاباك لمنع الاغتيال برغم اشتراك منفذ إطلاق النار في الترتيب لمحاولة اغتيال لم تُنفّذ لكاستنر عام 1955.

 

في ردوده على طلبات رفع السرية عن ملف كاستنر، يقول الشاباك إنه يعارض ذلك لأن الملف يحتوي على "تفاصيل مثل أنماط تشغيل الخدمة، ومهام الخدمة، وتفاصيل عن مصادر معلومات وأهداف المخابرات (المخبرين) الذين قد يضر الكشف عنهم بأمن الدولة حتى اليوم" دون تقديم توضيح وافٍ للطريقة التي يتضرر بها أمن إسرائيل عام 2021، علماً أن تلك المعلومات الأمنية مضى عليها ستة عقود.

 قادة "الحركة الصهيونية العالمية" و"اليشوف العبري" تعاونوا بشكل وثيق مع النازية، مقابل دولة يهودية على أرض فلسطين التاريخية تستوعب "اليهود الأقوياء" من دون "اليهود الضعفاء"

ومعروف أن تفاصيل حول أساليب الشاباك ومهامه ومصادره ومخبريه كانت قد أُعلنت عام 2015.

 

كاستنر زعيم صهيوني أم عميل نازي؟

في ليلة 3/4 آذار/ مارس عام 1957، قُتل كاستنر بعدة طلقات من مسدس قرب منزله في تل أبيب بعد أقل من عامين من إدانة محكمة إسرائيلية له بأنه "باع روحه للشيطان" بتعاونه مع النازيين. علاقة كاستنر، أحد زعماء الحركة الصهيونية في المجر، بالنازيين ودوافعه أثناء الهولوكوست ليستا واضحتين تماماً حتى الآن.

 

ففي حين ساعد في ركوب 1.685 يهودياً قطاراً إلى الحرية بدلاً من غرف الغاز النازية، يقول منتقدوه إن حياة هؤلاء اليهود دفع ثمنها مئات الآلاف من اليهود الآخرين الذين قدمهم إلى النازيين. هناك رواية مزعومة أخرى فحواها أن كل ما فعله مع النازيين كان بالتنسيق مع الحركة الصهيونية عبر تسليم "اليهود غير النافعين" و"إنقاذ اليهود النافعين".

 

استناداً إلى الرواية الأخيرة، يُعتقد أن الشاباك أمر أو سهّل اغتيال كاستنر حتى لا يفضح حقيقة تعاون مؤسسيه مع النازيين.

 

ورد في تقرير: "لم يكن الهولوكوست ممكناً بدون طابور خامس يهودي!" لمركز مدار الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، الذي يمثل عرضاً لكتاب "خيانة" للكاتب اليهودي الأمريكي بنجامين هخيط، أن قادة "الحركة الصهيونية العالمية" و"اليشوف العبري" تعاونوا بشكل وثيق مع النازية امتثالاً للإرادة والإملاءات البريطانية للحصول في المقابل على دولة يهودية في أرض فلسطين التاريخية، على أن تستوعب الدولة المزعومة "اليهود الأقوياء" دون "اليهود الضعفاء".

 تاريخ من الاغتيالات الصهيونية - الصهيونية… 60 من أصل 80 من ضحايا الاغتيال السياسي الصهيوني على مدار 100 عام قبل اغتيال إسحاق رابين، كانوا يهوداً

كان كاستنر، بحكم رئاسته للجنة الصهيونية في المجر آنذاك، قد أجرى مفاوضات مع النازيين حول إمكانية إنقاذ يهود هنغاريا (المجر)، وانتهت المفاوضات بإنقاذ 1.684 يهودياً فقط - تبين لاحقاً أنهم أقرباؤه ومقربون منه- مقابل نقل 20 ألف يهودي آخرين إلى العمل القسري بالنمسا، وفق كتاب هخيط.

 

اللافت أن في عداد قادة الحركة الصهيونية واليشوف العبري، الذين اتهمهم "هخيط" بالتواطؤ مع النازية وذكرهم بالاسم، بن غوريون الذي حظر نشر هوية المتورطين من الشاباك في القضية، ربما حتى لا يتورط هو الآخر.

 

واعترف زئيف إكشتاين بإطلاق النار على كاستنر وأُدين بالقتل. كان الرجل يعمل مخبراً لدى الشاباك وينتمي إلى اليمين المتطرف. وأُدين شخصان آخران في القضية: السائق الذي قاد إكشتاين لمسرح الجريمة والشخص الذي زوده السلاح.

 

عام 1958، برأ قضاة إسرائيليون كاستنر من تهمة التعاون مع النازيين، وبالتالي المساعدة في قتل العديد من اليهود المجريين. وتحاول حفيدة كاستنر، زعيمة حزب العمل، ميراف ميخائيلي، منذ سنوات تبرئة اسمه.

 

ورغم خطورة اغتيال و"محاكمة كاستنر" وما خفي وراءها، فإنها ليست أول حادثة اغتيال صهيونية لصهاينة، إذ أفضى بحث أستاذ علم الاجتماع في الجامعة العبرية في القدس، نحمان بن يهودا، حول تاريخ الاغتيالات بين اليهود، الصادر عام 2000، إلى أنه من أصل 80 واقعة اغتيال سياسي ارتكبها يهود على مدار 100 عام سبقت اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، كان هناك 60 ضحية من اليهود أيضاً، وذلك وفق ما نقله أنطوان شلحت، الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية في صحيفة "السفير - فلسطين" عام 2013.

 

ورأى شلحت أن العديد من عمليات القتل وحوادث الاغتيال السياسية هذه وقعت في إطار الصراعات والخصومات بين المنظمات والأجنحة السياسية والعسكرية الرئيسية في الحركة الصهيونية (منظمات الهاغاناه، وإيتسل، وليحي) خلال العقود الثلاثة التي سبقت إقامة إسرائيل عام 1948، منبهاً إلى وقوع عشرات محاولات الاغتيال الفاشلة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard