شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"التناغم المذهل في جسد المرأة"... كيف تؤثر الإباضة على الرغبة الجنسية لدى النساء؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 11 مارس 202105:00 م

الإباضة هي العملية التي يتم خلالها إطلاق بيضة من أحد المبايض، فتنتقل عبر قناة فالوب، حيث يمكن أن يحدث إخصاب بواسطة خلية منوية.

في العادة، تستمر الإباضة لمدة يوم واحد وتحدث في منتصف الدورة الشهرية، أي قبل أسبوعين من الموعد المتوقع للدورة، مع العلم بأن وقت هذه العملية يختلف من امرأة إلى أخرى، وقد يختلف من شهر إلى آخر.

إذا كانت المرأة تخطط للحمل، فينبغي عليها تتبع الدورة الشهرية وموعد الإباضة حيث تكون الخصوبة عالية، ومن الممكن أن يحدث الحمل في حال مارست الجنس قبل يوم أو يومين من موعد الإباضة.

ولكن كيف تؤثر الإباضة على الرغبة الجنسية لدى النساء؟

دور الهرمونات

مع كل دورة شهرية، يستعد جسم المرأة لعملية حمل محتملة.

ومما لا شك فيه أن الهرمونات تؤثر بشكل كبير على السلوك الجنسي للمرأة، بخاصة لناحية الرغبة الجنسية لديها، ولكن هذه التأثيرات معقدة ويمكن أن تختلف من امرأة إلى أخرى.

via GIPHY

في حديثها مع موقع رصيف22، أكدت القابلة القانونية، فرح كنج، أن الهرمونات تلعب دوراً رئيسياً في جميع مراحل الحيض، بما في ذلك مرحلة الإباضة، والتي تعتبر مؤشراً على وجود دورة شهرية منتظمة.

وأوضحت فرح أنه خلال هذه الفترة ترتفع معدلات الأستروجين والتستوسترون، بالإضافة إلى ارتفاع هرمون LH (الذي يتحكّم بالجهاز التناسلي لدى الرجال والنساء ويقوم بتنظيم وظيفة الخصيتين لدى الرجال، والمبيضين لدى النساء) ما يسمح للبويضة بالنضوج وإطلاقها في نهاية المطاف.

"تحثّ الهرمونات المرأة على ممارسة الجنس بشكل أكبر خلال مرحلة الإباضة، حيث تكون معدلات الخصوبة عالية وتزداد فرص الحمل"

وفي هذا الصدد، أشارت كنج إلى أن ارتفاع معدلات البروجسترون والأستروجين، يؤدي إلى زيادة الرغبة الجنسية لدى المرأة.

وبالرغم من قلّة المعلومات وندرة الأبحاث التي تتناول الرغبات الجنسية لدى النساء، إلا أن فرح سلّطت الضوء على دراسة قامت بتتبع العلاقات الجنسية لدى النساء لمدة 90 يوماً، وتبيّن أن معظم هؤلاء النساء يمارسن الجماع خلال فترة الإباضة، أي عند ارتفاع هرمون LH.

واعتبرت فرح أن النساء خلال مرحلة الإباضة يملن أكثر فأكثر للانخراط في النشاطات الاجتماعية، وتزداد ثقتهن بأنفسهن وتكون قوتهن الجسدية أكبر: "تشعر المرأة خلال فترة الإباضة أنها قادرة على ممارسة نشاطات بدنية تتطلب مجهوداً كبيراً، بالإضافة لرغبتها المتزايدة في المشاركة في النشاطات الاجتماعية".

via GIPHY

وتحدثت كنج عن التناغم الرائع والمذهل الذي تختبره النساء في أجسادهن، بين التكاثر وازدياد الرغبة الجنسية: "تحثّ الهرمونات المرأة على ممارسة الجنس بشكل أكبر خلال مرحلة الإباضة، حيث تكون معدلات الخصوبة عالية وتزداد فرص الحمل".

وعن"نافذة الخصوبة"، أي الفترة التي تكون فيها المرأة خصبة وقادرة على أن تصبح حبلى، شرحت فرح أنه عندما تترك بيضة ناضجة مبيض المرأة وتنتقل إلى قناة فالوب، يمكن للنطف تخصيب هذه البيضة. ويمكن للنطف أن تعيش داخل الجهاز التناسلي للمرأة لمدة 5 أيام تقريباً بعد الجِماع، مضيفة: "لكي يحدث الحمل يجب على الحيوانات المنوية تخصيب البيضة بعد 12 إلى 24 ساعة من الإباضة. ثم تنتقل البيضة المخصبة إلى الرحم، حيث يمكن أن تتصل ببطانة الرحم وتتطور إلى جنين".

آراء صادمة حول الإباضة والرغبة الجنسية

أثار موضوع الإباضة وتأثيرها على الرغبة الجنسية الكثير من النقاشات الحادة والمواقف المتطرفة لمدة نصف قرن على الأقل.

ففي سبعينيات القرن الماضي، تبنى العديد من علماء الاجتماع وجهة نظر تُعرف بـ Blank Slate (القائمة الفارغة)، والتي تعني أن علم الأحياء لا علاقة له بالسلوك الجنسي البشري.

وفي هذا الصدد، أعلن عالما الاجتماع وليام سيمون وجون غانيون، بفخر، أن السلوك الجنسي هو نص مكتوب "مُحدد تاريخياً وثقافياً بالكامل"، ورفضا ما اعتبراه "افتراضاً غير مثبت" بأن الدوافع الجنسية هي سمات بيولوجية ثابتة.

 لمجرد أن الأفراد يمارسون الجماع طوال الدورة الشهرية، فهل يعني ذلك أن الاختلافات الهرمونية ليس لها أي تأثير على السلوك الجنسي البشري؟

وعليه، أشار الدكتور دوغلاس كينريك، أستاذ علم النفس في جامعة أريزونا، إلى أنه، ومن منظور تطوري، سيكون من الصعب تخيّل قوى الانتقاء الطبيعي التي كانت ستقود أي كائن حي إلى فصل علم الأحياء تماماً عن التكاثر.

وتابع كينريك، في مقاله الذي ورد في موقع سيكولوجي توداي، متسائلاً: "إلى جانب المشاكل النظرية، ماذا عن كل تلك الهرمونات، مثل هرمون التستوستيرون والأستروجين، التي ثبت أنها مهمة جداً في التأثير على السلوك الجنسي للحيوان، ولا تزال تتجول بانتظام وبكثافة في عروق البشر؟ لماذا تنتج أجسامنا كل تلك الهرمونات إن لم يكن لها تأثير؟

في الواقع، كان هناك اعتقاد أن الرغبة الجنسية للإنسان تنفصل تماماً عن الدورة الشهرية للإناث، على الرغم من أن العديد من الثدييات الأخرى ركزت أنشطتها الجنسية خلال فترة الإباضة.

واعتبر أولئك الذين تبنوا هذه النظرية أن البشر يقيمون علاقات جنسية طوال مدة الدورة الشهرية للإناث، وليس فقط أثناء الإباضة، إنما أيضاً أثناء الحيض، أي عندما لا يُمكن أن يحدث حمل.

ولكن لمجرد أن الأفراد يمارسون الجماع طوال الدورة الشهرية، فهل يعني ذلك أن الاختلافات الهرمونية ليس لها أي تأثير على السلوك الجنسي البشري؟

على الرغم من ممارسة الجنس من حين لآخر خلال الدورة الشهرية، إلا أنه من الملاحظ أن النساء يزدن من اهتمامهن ونشاطهن الجنسي خلال فترة الإباضة، ما يزيد من احتمالات الحمل، ويؤكد دور العوامل البيولوجية التي لا تخضع للتحكم الواعي، بخاصة وأن معظم السيدات لا يعرفن وقت الإباضة.

أما الصورة فتزداد تعقيداً مع آراء بعض علماء النفس التطوّري، على غرار ستيف جانغستاد ومارتي هاسيلتون وزملائهم، الذين قدموا دليلاً على أن النساء قد لا يختبرن زيادة في الرغبة الجنسية أثناء الإباضة فحسب، بل قد يوجهن هذه الرغبات أحياناً نحو رجال غير شركائهن الحاليين، بخاصة بالنسبة للنساء اللواتي لا يتمتع شركاؤهن الحاليون بجاذبية جسدية عالية، أو بالهيمنة والعضلات المفتولة، وهي سمات تؤخذ على أنها إشارة لجينات جيدة، وفق أسلوب الطاووس.

بمعنى آخر، تقترح هذه الحجّة أن الذكور الأكثر جاذبية يتمتعون بفرص جنسية أكثر من منافسيهم الأقل جاذبية.

إذن يمكن القول إن انجذاب المرأة للرجل يختلف باختلاف الدورة الشهرية، بحيث تفضل النساء مثلاً الرجل الذي يتمتع بصفات أكثر ذكورية، خلال فترة الإباضة، كما يمكن أن تتغير مواقف النساء تجاه شركائهن أيضاً عبر دوراتهن، فالمرأة التي تعتبر أن شريكها جذاب جنسياً، تصنفه بشكل إيجابي أكثر عندما تكون في مرحلة الإباضة.

زيادة الرغبة الجنسية

تكشف العديد من النساء أن الرغبة الجنسية لديهن تكون أقوى في أوقات معينة من الشهر، ومن المرجح أن تلاحظ المرأة التي تتبع دوراتها الشهرية أن هذه الرغبة تزداد بشكل ملحوظ قبل التبويض مباشرة، وكأن الطبيعة تتدخل بطريقة ما لتزيد من إنتاج الهرمونات، بغية زيادة الرغبة الجنسية وإتاحة فرصة للحمل، في حال أراد الأزواج ذلك.

وسواء كانت النساء أكثر اهتماماً بممارسة الجنس مع غرباء جذابين أثناء مرحلة الإباضة أم لا، فإن الإباضة تزيد من رغبتهن الجنسية بشكل واضح، كما يرتفع معدل ممارسة الجنس مع شركائهن الحاليين.

via GIPHY


في هذا الصدد، نشرت ورقة بحثية في مجلة "الشخصية وعلم النفس الاجتماعي"، أعدّها كل من روبن أرسلان، كاترينا شيلينغ، تانجا جيرلاخ ولارس بينكي، بعد فحص أكثر من 26 ألف بيان من يوميات أكثر من ألف امرأة، أبلغن عن مؤشرات مختلفة عن اهتمامهن الجنسي بشريكهن وبرجال آخرين، مع العلم بأن بعض النساء اللواتي شاركن في هذه الدراسة كنّ يستخدمن حبوب منع الحمل، ولا يخضعن للدورات الطبيعية للهرمونات.

النساء قد لا يختبرن زيادة في الرغبة الجنسية أثناء الإباضة فحسب، بل قد يوجهن هذه الرغبات أحياناً نحو رجال غير شركائهن الحاليين، بخاصة بالنسبة للنساء اللواتي لا يتمتع شركاؤهن الحاليون بجاذبية جسدية عالية

بشكل عام، تبيّن أن المرأة لديها اهتمام أكبر بكثير بشريكها الحالي مقارنة بالرجال الآخرين، كما أن النساء اللواتي يخضعن لدورات طبيعية تزيد رغبتهنّ الجنسية خلال الأيام التي يكنّ فيها أكثر عرضة للخصوبة.

أما بالنسبة للنساء اللواتي يأخذن حبوب منع الحمل، فقد تبيّن وجود مسارات مسطحة نسبياً من الاهتمام الجنسي على مدار دوراتهنّ.

إذن، يبدو أن الرغبة الجنسية لدى المرأة تزداد بشكل ملحوظ أثناء الإباضة، وهو أمر هام في دلالاته، نظراً لكون معظم النساء يجهلن موعد الإباضة، وبالتالي عندما تُضاف هذه النتائج إلى الأدلّة التي تشير إلى أن الرجال يبدون اهتماماً متزايداً بالنساء اللواتي يمرن في فترة الإباضة، وتُضاف أيضاً إلى النتائج الأخرى التي تفيد بأن هرمون التستوستيرون يؤثر على الرغبة الجنسية لدى كلا الجنسين، فمن الواضح أن الآراء المتطرفة حول الجنس البشري، والتي تبناها العديد من العلماء، على غرار جون غاغنيون ووليام سيمون، كانت خاطئة.

الجدير بالذكر أن فحص مخاط عنق الرحم أو قياس درجات حرارة الجسم هما من الطرق التي بوسعها الكشف عن موعد الإباضة، ويبدو أن أجسامنا "مبرمجة" لممارسة الجنس في "الوقت المناسب"، إلا إن ازدياد الرغبة الجنسية ليست دائماً علامة على اقتراب الإباضة، ففي حال كانت المرأة متوترة أو مكتئبة، فقد لا تشعر بهذه الرغبة خلال "نافذة الخصوبة".

أما في حال لاحظت السيدة غياب الرغبة الجنسية لفترة طويلة، فيجب عليها أن تتحدث بكل صدق مع شريكها، وتحصل على المشورة الطبية اللازمة، ففي بعض الحالات، يمكن أن يكون انخفاض الرغبة الجنسية علامة على عدم التوازن الهرموني أو مؤشر على وجود مشاكل طبية أخرى.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard