شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"عقد من الخسارة"... 77% من الشباب السوريين يكافحون لتأمين الطعام لكنهم متفائلون

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 11 مارس 202101:23 م

"لقد غيّرت هذه الحرب حياتي تماماً. وتغيّر مكان سكني وطموحاتي وكل خططي. حتى إنني غيّرت تخصصي الجامعي. وكان لزاماً عليّ أن أجد ظروفاً أفضل في ظل هذه الأوضاع السيئة".


كلمات لخص بها الشاب السوري رامي (29 عاماً) وضعه الحالي عقب مرور 10 سنوات على الثورة السورية التي غادر على إثرها مسقط رأسه، حماة (وسط سوريا)، نحو حلب (شمال غربي البلاد) في قرار اضطراري "لن ينساه أبداً".


لكن معاناة رامي ليست فريدة في بلد مزقته الحرب الأهلية لعقد من الزمن، لا سيّما شبابه الذين ربما كان الكثير منهم في طور الطفولة حين بدأ النزاع. سلّطت دراسة للجنة الدولية للصليب الأحمر الضوء على "التكاليف الفادحة التي تكبدها الشباب السوري" تزامناً مع دخول الأزمة في سوريا عقدها الثاني.

 

الدراسة المعنونة "عقد من الخسارة: الشباب السوري بعد 10 سنوات من الأزمة" شارك فيها 1400 شاب سوري، تراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً، ويعيشون في سوريا ولبنان وألمانيا. ونشرت نتائجها مساء الأربعاء 10 آذار/ مارس.

مع دخول الأزمة السورية عقدها الثاني، وجدت دراسة آثاراً اقتصادية هائلة على الشباب السوري، 77% يكافحون لتوفير الطعام وضروريات الحياة. وصلت النسبة إلى 85% بين الشباب، والنساء هن أكثر تضرراً اقتصادياً

تحدث الشباب عن أسر تمزّق شملها وصداقات انقطعت أواصرها، وصعوبات اقتصادية هائلة وقلق كبير، وطموحات مُحبَطَة، وإنجازات ضائعة، وأعباء نفسية عميقة نتيجة سنوات من العنف والاضطراب المتواصلين بلا هوادة.


النساء أكثر تضرراً اقتصادياً

ليس مستغرباً أن تكون الأزمات الاقتصادية في مقدّم ما عاناه ويعانيه الشباب السوري بعد كل ما حدث. من جملة المشاركين في الدراسة، تحدث 62% عن اضطرارهم إلى ترك منازلهم سواء داخل سوريا أو خارجها.


وفي حين فقد نحو نصف المشاركين مصدر دخلهم (49%)، أشار ثمانية من كل 10 تقريباً (77%)، بأنهم يكافحون لتوفير الطعام وضروريات الحياة. علماً أن النسبة وصلت إلى 85% بين الشباب الموجودين في سوريا.


وفي مؤتمر صحافي، الأربعاء 10 آذار/ مارس، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن سوريا لا تزال "كابوساً حياً"، منبهاً إلى أن 60% من السوريين - داخل البلاد- يواجهون خطر الجوع. وذلك في سياق حثه على بذل مزيد من الجهود لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين في مختلف مناطق البلاد.


كان الضرر الاقتصادي على النساء جليّاً بشكل خاص، إذ أفادت 30% من المشاركات داخل سوريا بأنهن لا يحصلن على أي دخل لإعالة أسرهن، وفق الدراسة. 


في غضون ذلك، لفت 57% إلى ضياع سنوات التعليم - إن كانوا قد التحقوا به أصلاً.

"سيرافقني هذا الجرح مدى الحياة"... على مدار الاثني عشر شهراً الماضية، عانى المشاركون من اضطرابات النوم (54%) والقلق (73%) والشعور بالعزلة (46%) والإحباط (62%) والحزن (69%)

تبعاً لما سبق، ظهرت الفرص الاقتصادية والوظائف على رأس قائمة أكثر الاحتياجات إلحاحاً لدى الشباب السوريين، وأعقبتها الرعاية الصحية والتعليم والدعم النفسي. وشكلت "المساعدة الإنسانية" واحدة من أهم أولويات الشباب السوريين في لبنان.


أحمد الذي ينحدر من مدينة حمص ويعيش الآن في لبنان تحسّر على أن وضعه آخذ في التدهور يوماً بعد يوم: "كنت أملك قدراً أكبر من المال عندما كان عمري 10 أعوام مقارنة بما لدي الآن وقد بلغت من العمر 24 عاماً. ليس بحوزتي أي شيء من ممتلكاتي الشخصية التي كنت أملكها في بلدي. فقد كان لدي خزانة ملابس ومكتب وجهاز حاسوب".


أما إيمان شبلي (26 عاماً)، فغادرت لبنان الذي عاشت فيه سنوات مع أسرتها إلى برشلونة لغرض الدراسة. قالت: "بدأت من الصفر. قال لي المحيطون بي إنه من الصعب العثور على فرصة عمل بسبب المشاكل الاقتصادية والحالة التي يفرضها فيروس كورونا".



ضريبة نفسية هائلة

الأثر النفسي للنزاع لم يكن هيناً. من المشاركين في الدراسة من سوريا، ذكر واحد من كل اثنين من الشباب (47%) أن أحد أفراد العائلة المقربين أو الأصدقاء لقي حتفه في النزاع. كما أكد واحد من كل ستة شبان أن أحد والديه، على الأقل، قُتل أو أصيب إصابة خطيرة (16%). أما المشاركون أنفسهم، فقد أصيب 12% منهم.


كذلك فقد 54% من الشباب المشاركين الاتصال بأحد أفراد العائلة المقربين. علماً أن النسبة وصلت إلى سبعة من كل عشرة أشخاص بالنسبة للمقيمين في لبنان.


من آثار ذلك أن المشاركين عانوا في سوريا على مدار الاثني عشر شهراً الماضية، من اضطرابات النوم (54%) والقلق (73%) والاكتئاب (58%) والشعور بالعزلة (46%) والإحباط (62%) والحزن (69%).


وقال المشاركون في البلدان الثلاثة إن الحصول على الدعم النفسي من أبرز احتياجاتهم.


بالنسبة لرامي، كان الأثر النفسي "أسوأ جزء في الحرب". قال: "أنا لا أعاني أية إصابات جسدية. الضرر النفسي والعاطفي كان الجزء الأصعب. حاولت التغلب عليه لكنه ترك عليّ آثاره، وسيرافقني هذا الجرح مدى الحياة".

تحدث الشباب عن أسر تمزق شملها وصداقات انقطعت أواصرها، وصعوبات اقتصادية هائلة وقلق كبير، وطموحات مُحبَطَة، وإنجازات ضائعة، وأعباء نفسية عميقة كنتاج لسنوات من العنف والاضطراب المتواصلين بلا هوادة. لكن أملهم في "الأمان والاستقرار" باقٍ

وأضاف: "في ضيعتنا كنت محبوباً من كل الناس. كنت ضحوك كتير؛ أي ظرف من وراه ضحك أو دعابة ما كنت فوته بنوب (أبداً) ولا بأي شكل. أما هلأ، ما عاد في مجال للضحك. ما عاد أصلاً في شي بيضحك بالحياة، لا نكات ولا شي. الحياة توقفت. انتهت خالصة. مجرد روتين. كل نهار بتفيق وبتستنى إمتى بدك تنام".


الأمل باقٍ

رغم كل ما سبق، عبّرت غالبية المشاركين من الشباب السوري عن تفاؤلها بشأن المستقبل وآمالها وطموحاتها للعقد المقبل.


وأعرب هؤلاء عن أملهم بأن يتحقق لهم "الأمان والاستقرار"، والفرصة لتكوين عائلة والحصول على وظيفة بأجر جيد، وتوفير خدمات رعاية صحية وخدمات ميسورة التكلفة ويسهل الحصول عليها، وإنهاء الاضطرابات والنزاع.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard