شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
اعتقالات وقتل على الهوية... اللاجئون على الحدود السورية- التركية ورقة ضغط

اعتقالات وقتل على الهوية... اللاجئون على الحدود السورية- التركية ورقة ضغط "عثمانية"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 25 فبراير 202104:39 م

اعتقلت قوات حرس الحدود التركيّة، أمس، أحد عشر سوريًا حاولوا العبور إلى تركيا بطرق غير نظاميّة. وقالت مصادر أمنيّة لوكالة الأناضول التركيّة إنّ "وحدات من قيادة حرس الحدود في قضاء قزل تبة، بالولاية المقابلة لمحافظة الحسكة السوريّة، كشفت عن وجود مجموعة من السوريين حاولوا التسلّل إلى البلاد. وأشارت إلى أن قوات الدرك أوقفت السوريين الـ 11، ونقلتهم إلى قيادة درك القضاء لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم".

 ليست هذه هي المرة الأولى التي تعتقل فيها القوات التركيّة سوريين يحاولون اللجوء إلى تركيا، هربًا من الحرب الدائرة في البلاد، بل امتد الأمر إلى إطلاق النار وقتل مدنيين سوريين في كثير من الحالات، إذ ذكرت تقارير إخباريّة أنّ القوات التركيّة قتلت حتى نهاية شهر تشرين الثاني/ أكتوبر من العام الفائت 470 مدنيًا بينهم 89 طفلًا و59 امرأة، كما جُرح 523 شخصًا. 

تاريخ التسلل

 تمتد الحدود السوريّة التركيّة على طول شمال سوريا نحو 800 كيلومتر، من الحدود العراقيّة وصولًا إلى البحر المتوسط.

 بعد سقوط الدولة العثمانيّة وتقسيم المنطقة إلى دول قوميّة، تمّ ترسيم الحدود بين تركيا وسوريا بشكلها الحالي في ثلاثينيات القرن المنصرم، مما فرّق بين عائلات ومدن عديدة، إذ تُعد مثلًا مدينة نصيبين التركيّة ومدينة القامشلي السوريّة امتدادًا واحدًا، حتى أن أكراد جنوب تركيا وأكراد شمال سوريا يقولون "فوق الخط وتحت الخط" في الإشارة إلى الأكراد على الطرف الآخر من الحدود، وذلك نسبة إلى خط القطار الذي يشكّل الحدود بين الدولتين في مناطق وجود الأكراد.

 استمرت على مدار سنوات طويلة عمليات تهريب بضائع تجاريّة مختلفة في جميع المناطق الحدوديّة السوريّة التركيّة (محافظات الحسكة والرقة وحلب وإدلب واللاذقيّة المتاخمة للحدود)، تمّ التغاضي عن بعض هذه العمليات وجرى إيقاف بعضها الآخر من قبل قوات الحدود، حتى اندلاع الحرب الكرديّة التركيّة في ثمانينيات القرن المنصرم.

الحكومة التركيّة شددت إجراءاتها في أوقات منتقاة، واستخدمت اللاجئين السوريين والحدود كأوراق ضغط سياسيّة.

تأسس حزب العمال الكردستاني في نهاية السبعينيات، وفي الثمانينيات بدأ هجماته ضدّ القوات التركيّة ردًا على ما اعتبره "قمعاً وظلماً متراكماً" تمارسه الدولة التركية ضدّ الأكراد، فاشتعلت حرب الدولة التركيّة- مقابل النشطاء السياسيين والمدنيين المسالمين من الأكراد، ولم تنطفئ حتى اليوم.

 دعم نظام حافظ الأسد حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان الذي كان مقيمًا في دمشق آنذاك، فأنشأ النظام معسكرات تدريبيّة لمقاتلي "العمال الكردستاني"، ودعمهم بالسلاح وسمح لهم بالتسلّل عبر الحدود بشكل أثار غضب تركيا، فهددت الأخيرة سوريا بهجوم عسكري، مما أدّى في النهاية إلى طرد عبد الله أوجلان من سوريا، واعتقاله لاحقًا ليبقى في سجنه التركي حتى اليوم.

 أدت تلك التطورات إلى توقيع اتفاق أضنة الذي تضمّن بنودًا تمنع استخدام أعضاء حزب العمال الكردستاني للأراضي السوريّة من أجل العبور إلى دولة ثالثة، كما نص على أن سوريا "ستتخذ الإجراءات اللازمة لمنع قادة حزب العمال الكردستاني من دخول الأراضي السوريّة، وستوجّه سلطاتها على النقاط الحدوديّة بتنفيذ هذه الإجراءات".

 هكذا انتهى فصل التسلّل العسكري لمقاتلين أكراد (سوريين وأتراك) بين طرفي الحدود، وبقي التسلل محصورًا بتهريب البضائع التجاريّة حتى بدء الثورة السوريّة في أواسط آذار/مارس 2011.

بعد الثورة 

على طول الحدود السوريّة التركيّة إحدى عشرة بوابة رسميّة (أعلنت تركيا في وقت سابق عن افتتاح معابر جديدة، لكنّها معابر غير رسميّة بين الدولتين)، تسيطر الحكومة التركيّة على كلّ المعابر من الجانب التركي بينما تسيطر الحكومة السوريّة على معبرين فقط من الجانب السوري، فيما تسيطر قوات معارضة للأسد وميليشيات إسلاميّة على أربعة معابر حدوديّة، وتسيطر قوات سوريا الديمقراطيّة (قسد) على خمس بوابات حدوديّة.

 بدأ السوريون باللجوء إلى تركيا بدءًا من شهر أيار/مايو وحزيران/ يونيو 2011، قبل تحضير حملة عسكريّة كبيرة للنظام السوري على مدينة جسر الشغور الحدوديّة. صرّح حينها عبد الله غول، الرئيس التركي آنذاك، بأنّ تركيا تستعد لاستقبال عدد كبير من اللاجئين السوريين.

  ليست هذه المرة الأولى التي تعتقل فيها تركيا سوريين يحاولون اللجوء هربًا من الحرب، ووصل الأمر إلى إطلاق النار وقتل المدنيين أحياناً.

 عبر سوريون معابر الحدود النظاميّة، لكن الكثير منهم تسلّل بشكل غير رسمي إلى الأراضي التركيّة، لأسباب مختلفة. مما حدا الحكومة التركيّة على تشديد إجراءاتها في أوقات معينة، واستخدام اللاجئين السوريين والحدود السوريّة التركيّة كورقة ضغط سياسيّة.

 استثمرت تركيا قدرتها على التحكم بخط الحدود مع سوريا، فبنت جدارًا عازلًا يفصل بين مدينتي القامشلي ونصيبين، كما شرعت بإطلاق النار على المتسللين المدنيين، في الوقت الذي اتهمتها فيه تقارير إعلامية – غير محايدة- بأنها سهلت استخدام أراضيها لمرور مقاتلين سوريين من أجل القتال في ليبيا، واتهمت بالسماح بمرور جهاديين للانضمام إلى تنظيم "داعش" خلال حرب مدينة كوباني مع القوات الكرديّة المدعومة أمريكيًا، مما دفع مسؤولين أكراداً إلى التصريح بأنّهم على استعداد لنقل الحرب إلى الداخل التركي إذا ما استمرت تركيا بدعم الجهاديين.

 إلا أن تقارير حقوقية رصدت في 2016 بدء ظاهرة إطلاق الرصاص على المتسللين السوريين الراغبين في اللجوء إلى تركيا. في 10 أيار/ مايو 2016، نشرت هيومن رايتس ووتش تقريراً تالياً عن إغلاق السلطات التركية الحدود بين البلدين، رصدت فيه أعمالاً عدائية قام بها حرس الحدود التركي ضد طالبي اللجوء من السوريين. إذ بدأت خلال مارس/أذار وأبريل/ نيسان تظهر عمليات القتل المباشر لسوريين يسعون إلى عبور الحدود، بينهم نساء وأطفال.

 الجدير بالذكر أنّ إغلاق الحدود بهذا الشكل وإحكام القبضة التركيّة على المعابر الحدوديّة أشعل الأسعار في سوق تهريب البشر من سوريا إلى تركيا، فحسب تقارير إعلاميّة، قد تصل أجرة تهريب شخص واحد إلى الأراضي التركيّة قادمًا من سوريا إلى 3500 دولار أمريكي.



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard