شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
قرف واستغراب وأساطير... مني الرجل وأحاسيس النساء

قرف واستغراب وأساطير... مني الرجل وأحاسيس النساء

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 27 يناير 202105:04 م

تحكي الأساطير أن الملكة الفرعونية، كليوباترا، كانت تحافظ على جمال بشرتها، ونضارتها، وسر ذلك في استخدامها السائل المنوي الخاص بالرجال، تضعه على وجهها كقناع من أجل إحداث تقشير كيميائي للوجه، وبالتالي إعادة النضارة والجمال للجلد.

وذهبت الأسطورة إلى أبعد من ذلك، تقول إن للملكة المصرية "حماماً رومانياً"، هو عبارة عن حوض كبير مليء بالسائل المنوي لمئات الرجال، فقط من أجل جمالها.

في العصر الحالي، ترى معظم النساء التعامل مع السائل المنوي بهذا الشكل مدعاة للغثيان، تقول ميساء شعث (22 عاماً) خريجة جامعية من غزة لرصيف22: "العالم يبحث فقط عما هو جريء كنوع من الدعاية ليس إلا، الأمر بالنسبة إلي مقرف، كون الخليط يشبه المخاط إلى حد ما".

وتضيف: "وإن كان مفيداً فمن المستحيل أن أضعه على وجهي، هل انقرضت مستحضرات التجميل حتى أستعمل هذا النوع".

يوافقها الرأي محمد جلاس، طبيب نفسي من غزة، إذ يقول لرصيف22، معبراً عن الذوق المعاصر: "يعتبر المني من الفضلات، مثله مثل المخاط والبصاق، لذلك من الشائع جداً ألا تستسيغه الزوجة إلا داخل الرحم، تماماً كما ينفر الرجل من المرأة في وقت الطمث، ويسمى القرف الجنسي".

وتتفق معهما كذلك طبيبة التجميل، هداية أبو الكاس (40 عاماً) من غزة، تقول لرصيف22: "الفكرة مقززة، السائل المنوي مفيد، ولكنه مخصص ليكون داخل الرحم فقط لتكوين خلايا كائن حي، وليس على البشرة التي قد يتسبب بحساسية ونقل أمراض إليها".

الفتاوى الدينية والسحر

اختلف فقهاء المذهب السني في طهارة ونجاسة مني الرجال، وتسود ثلاثة اجتهادات: الأولى ترى أنه نجس كالبول، والثاني أنه نجس يجب غسله إن كان رطباً، فإذا جف على الثوب يكفي للطهارة منه الفرك، والثالث أن المني طاهر ولكنه مقرف، كالمخاط، والبصاق. أي أن الفقهاء قرنوا المني بالمخاط والبصاق (وهو الإحساس الذي تمثلته ميساء وهداية) وكل ما يعتبر قذراً خارجاً من الإنسان، واختلفوا في طهارته أو نجاسته.

ولكن كيف نظر الفقهاء إلى استخدام المني كوسيلة تجميل على الوجه مثلاً؟ يجيب الدكتور عبد العزيز عودة لرصيف22، وهو داعية إسلامي، وخطيب جمعة في غزة: "ليس هناك نص قطعي في الموضوع، ولذلك اختلف فيه الفقهاء، فالإمام الشافعي يقول إنه طاهر فهو المادة التي يخلق منها الإنسان، وعلى هذا يجوز معاملته كالتعامل مع السوائل الطاهرة".

ينسب السحرة للسائل المنوي قوة أسطورية (ربما تعود لبقايا الأديان القديمة)، يقول أحدهم: "هو سحر مهلك لأنه سحر سفلي يتم فيه تسليط عبدة للشياطين منهم طوش كموش بلخ"

أوجد السحرة والمشعوذون خيالاً خصباً للنساء مرتبطاً بمني الرجل، (ربما يعود لبقايا الأديان البدائية، إذ ربطوه بقوى آلهة الخصوبة) وتوهموا أن له قوة خارقة مرتبطة بالحب والكراهية، وتشاع طرق يستخدم فيها مني الرجل مثل "سحر المحبة بالمني"، ويتم فيه تطويع الزوج باستخدام المنى الخاص به بعد حرقه، ويسمى سحر السائل المنوي. يقول أحد السحرة لرصيف22، معروف باسم "الدباح" من قطاع غزة: "يمكن أيضاً خلط المنى بالزعفران ودم الغزال، ويكتب به طلاسم السحر الأسود، وبعدها يبخر بالبخور المطلوب، ويقرأ عليها الساحر أسماء عبادة الشياطين السفلية".

ويضيف: "هو سحر مهلك لأنه سحر سفلي يتم فيه تسليط عبدة للشياطين منهم طوش كموش بلخ".

لجأت ريم قدير (40 عاماً)، اسم مستعار، ربة منزل من غزة، إلى أحد السحرة، لتطويع زوجها (كما هو منتشر في المجتمعات الذكورية التي لا تحظى فيها كثير من النساء بالتعليم والعمل)، تقول لرصيف22: "ضاقت بي السبل في تطويع زوجي فما كان مني إلا أن قمت بزيارة أحد السحرة، الذي قال لي "أريد بعضاً من منى زوجك"، وهنا كانت المفاجأة، فكيف سأحصل عليه وزوجي يمارس معي الجنس المهبلي، استطعت الحصول على جزء ضئيل منه، وحين ذهبت إلى الساحر أخبرني أنه سيحرقه في طقوس معينة".

المني والبشرة

إذا كان البعض يرى المني خليطاً مقززاً، ويراه آخرون نوعاً من النجاسة، فهناك بعض حفيدات الملكة كليوباترا يرينه "لغزاً" من الجمال والعلاج، وأبرزهن ما كتبته خبيرة تجميل المشاهير، تشيلسي لويس، في كتابها "دليل العناية بالبشرة" عن المني بأنه "سلاحي البشري لبشرة نضرة ومتوهجة"، وأبرز ما ذكرته أنه يساعد في علاج حب الشباب والتجاعيد.

كتبت لويس، وهي تعمل في مجال التجميل منذ أكثر من 22 عاماً: "الجماع يعمل على تحسين إنتاج الكولاجين في البشرة، كما يمكنك فعل أكثر من ذلك باستخدام قناع الحيوانات المنوية".

إذا كان بعض النساء يرين المني خليطاً مقززاً، وتراه أخريات نوعاً من النجاسة، ويُستخدم في أعمال الشعوذة، فهناك بعض حفيدات الملكة كليوباترا يرينه "لغزاً" من الجمال لا يخلو من مخاطر

تقول علا زامل (43 عاماً)، تعمل مهندسة في العراق: "أعمل قناعاً للبشرة بمني زوجي، ولا يتم الأمر بسكبه على وجهي مباشرةً، بل أستقبله في يدي ثم أنشره على وجهي".

وتضيف لرصيف22: "كان لدي ندوب سوداء في وجهي، ومع الاستمرار على وضع هذا الخليط ذهبت تلك الندوب".

أما طبيبة الأمراض الجلدية دوريس داي، فتحذر النساء من استخدام هذا الخليط على البشرة، تقول: "لا يمكن المني اختراق الجلد بأي شكل من الأشكال بخلاف ما يمكن أن يفعله المرطب العادي. فالماء في السائل المنوي، بعدما يجف على بشرتك، يمكن أن يتركها أكثر جفافاً. فإذا كنت تعانين الاحمرار، فعليك أن تكوني حذرة".

"مضاد للاكتئاب"

لاحظ الطبيب العام، رمزي نادر (55 عاماً)، لبناني، أن "تعرض المرأة للسائل المنوي يمكن أن يقلل من أعراض الاكتئاب لديها، لأنه يحتوي على مادة الميلاتونين، وهي مادة كيميائية تحفز الجسم على النوم والاسترخاء".

ويضيف نادر لرصيف22: "علمياً، السيروتونين والميلاتونين هما جزء من السائل المنوي، يعرف تأثيرهما المضاد للاكتئاب، هذه العناصر قادرة على تهدئة الشخص، ومساعدته على النوم".

ويقول خبير التجميل، صالح زعنون (62 عاماً) من الضفة الغربية، لرصيف22: "يحتوي السائل المنوي على هرمون البروستاجلاندين، الذي يعمل في جسم الأنثى على تحفيز إنتاج هرمون الأستروجين الأنثوي، الذي يساعد بدوره على تحسين حالة الجلد والأظافر والشعر، كما يجعل ثدي المرأة في حالة جيدة".

ويحذر أيضاً من أن السائل المنوي يتأثر بنوعية الغذاء الذي يتناوله الشخص، كما تعتمد الجودة والرائحة وكمية المني على عوامل مختلفة، منها: الأمراض المزمنة، والتهاب الجهاز البولي التناسلي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard