شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
الفن يحقق المستحيل... مهرجان فني تجريبي لحماية البيئة في سيدني

الفن يحقق المستحيل... مهرجان فني تجريبي لحماية البيئة في سيدني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأحد 25 أكتوبر 202001:06 م

يأتي هذا المقال ضمن تعاون مع مجلة Arts Asia Pacific التي تعنى بتغطية الفن المعاصر والأحداث الثقافية في سبع وستين بلداً ضمن آسيا والمحيط الهادي والشرق الأوسط، في النسخة المطبوعة. وفي زاويتها The Point تبحث في كيفية تورط أنظمتنا الثقافية والاجتماعية السياسية في تغير المناخ، وما الإجراءات التي يمكن أن تتخذها صناعة الفنون. بالنسبة لهذه القضية، فاختارت دعوة الفنانين الأستراليين التجريبيين لوكاس آيلن وكيم ويليامز، لاقتراح آليات مساعدة لـ Biennale of Sydney المنظمة غير الربحية التي تستضيف أهم معارض الفنون البصرية في أستراليا، لمراجعة ممارساتها البيئية. في مقال بعنوان "تخيل المستحيل"  أو "Imagining the Impossible" لمؤلفيها Lucas Ihlein and Kim Williams، نشر في عددها 120 سبتمبر/أكتوبر من عام 2020.

نجد أنفسنا، كفنانين، مضطرين في بعض الأحيان لإقناع أنفسنا بأننا نملك شيئاً قيماً نساهم به لتحقيق العدالة البيئية. وهذا يطرح لدينا عدة تساؤلات: هل يمكن، بأي شكل من الأشكال، مقارنة ما نفعله بالدور الذي يقوم به الناشطون البيئيون؟ أو أنه دور إصلاحي؟ أو ربما الغاية منه نشر ثقافة شعبية معينة؟ وهل يبقى عملنا فنياً إذا قمنا بكل هذه الأدوار؟

نشأت هذه الأسئلة بينما كنا نتعاون في المشروع الفني التشاركي الاجتماعي، ?Sugar vs the Reef، "هل قصب السكر في خصومة مع الشعب المرجانية؟" (بين عامي 2015-2019)، في منطقة ماكاي، كوينزلاند بأستراليا، الذي عملنا من خلاله على مدار أربع سنوات، بشكل مكثف مع مزارعي قصب السكر الذين جربوا أساليب زراعة مستدامة وتراعي الشروط البيئية.

وقد نجحنا في ابتكار طرق لتوسيع معرفة مجتمع المزارعين بأساليب الزراعة المستدامة. فكان أحد أنجع الأساليب التي توصلنا إليها هو خلق اتصال بين المجتمعات الثقافية المتنوعة وعالم الزراعة المستدامة. أسفر هذا عن مشاركة العديد من المجموعات التي عملنا معها- بما في ذلك مجتمع جزر بحر الجنوب الأسترالي، وشعوب يويبارا الأصلية Yuwibara، والمجتمعات الإيطالية والمالطية- في أدوار هامة لتكوين وتطوير صناعة السكر في أستراليا.

تمت دعوتنا للمشاركة في دورة العالم 2020 لـ NIRIN, البينالي الأسترالي الذي يقام في مدينة سيدني الأسترالية، والكلمة تعني "الحافة" لغة أحد الشعوب الأصلية التي تنتمي إليه والدة المدير الفني للفعالية، بروك أندرو. أندرو، الذي طلب منا أن نخلّص البينالي من استخدامه للبلاستيك أوحى لنا بفكرة (Plastic-free Biennale (2020 لنبدأ سعينا في تحقيق المستحيل.

هل تتضارب اهتمامات الفن مع حماية البيئة؟ و هل لأنظمتنا الثقافية والاجتماعية-السياسية دور في تغير المناخ؟

لقد بدأنا بالتحري عن أولويات بينالي أستراليا كمنظمة ومهرجان، وكذلك عن أولويات الصناعة العالمية للفنون. كما طرحنا أسئلة عن تضارب اهتمامات الفن والبيئة. استرشد بحثنا بإمكانية عالم الفن بإيجاد نماذج لممارسات بيئية أفضل، وبالتالي كيفية قيامه بدور فعال في الحد من أزمة المناخ، التي قد يكون أحد المتورطين فيها.

هل التخلص من البلاستيك هو خيال مستحيل؟

تدفع قوى السوق بأكوام متزايدة من البلاستيك إلى محيطات العالم وممراته المائية. وفي صناعة الفن، كثيراً ما تُستخدم كميات كبيرة من أكياس الفقاعات البلاستيكية لتغليف الأعمال الفنية، كما يدخل البلاستيك المخصص للاستعمال لمرة واحدة في تركيب المعارض الفنية. وهذا البلاستيك يصنّع من منتجات النفط، وينتج الغازات الاحترارية في كل نقطة من دورة حياته.

قد يبدو للوهلة الأولى أن هدفنا واضح وقابل للتحقيق، ولكن هناك العديد من العمليات الأخرى التي تسهم في الأضرار البيئية الناتجة عن عالم الفن، مثل الرحلات الجوية الدولية من قبل القيمين والفنانين والمدراء الفنيين، والمعايير المهنية للمتاحف والتي تتطلب شروطاً صارمة في ما يتعلق بالتكييف الهوائي وضبط معدلات الرطوبة.

فهل يمكن الاستمرار بهذا النموذج البيئي اللا مسؤول؟ لا نعتقد ذلك. هل حان الوقت لإعادة التفكير في هذا النموذج؟ نعم، نعتقد ذلك. هل من السهل إجراء هذه التغييرات؟ لا، مطلقاً.

لذلك، قررنا أن مشروعنا يجب أن يتعامل مع مهرجان أستراليا على عدة مستويات، أولها التدخل التدريجي، ولكن المستمر في المنظمة نفسها. وبهذا ساعدتنا سلسلة من الاجتماعات والمناقشات البسيطة التي أجريناها مع الموظفين على مدار عام عن في الكشف عن بعض المشكلات البيئية التي تعاني منها المنظمة، بالإضافة إلى رغبتها في تغيير سياساتها البيئية والعوائق التي تحول دون حصول هذا التغيير.

ويبدو أن وجودنا، كشهود ومستمعين، شجع الموظفين على تحديد بعض هذه التغييرات والبدء في تنفيذها على المستويين الشخصي والتنظيمي. بدأ الأفراد في تقليل المواد البلاستيكية في المكتب، وبدأ فريق المشتريات في شراء الإمدادات واضعين التأثير البيئي في اعتبارهم.

يقدم مهرجان سيدني البينالي منصة لتسليط الضوء على قدرة الفن المعاصر على حماية البيئة والحد من تغير المناخ عبر تجربة فنية مبتكرة تحاول التخلص من استخدام البلاستيك بالمطلق

وفي "NIRIN" تم استخدام الملصقات الورقية على الحافظة الخشبية القابلة لإعادة الاستخدام بدلاً من ملصقات الفوم المصنوعة من منتجات نفطية، واستخدمت صفائح الحديد المموج بدلاً من لفافات البلاستيك الأسود لتعتيم أفلام الفيديو. كما شجعنا المهرجان على إجراءات إصلاحات إجرائية لسياساته البيئية بالعموم.

ونركز في الوقت الحالي على أن نحوز على شهادة خلو من الكربون، ولهذه الغاية نقوم بتوصيل مهرجان أستراليا بالمنظمات الفنية الأخرى التي قد تمكنت من الوصول إلى هذا الإنجاز للتعلم من تجاربهم.

هذه خطوات أولية، إنما تعكس عمليتنا المتمثلة في تجديد ممارسات منظمة فنية رائدة وتيرة التغيير العالمية: كل شيء يحدث ببطء في ما يتعلق بكارثة بيئية تتكشف وتتطلب إجراءات سريعة وحاسمة. ومع ذلك، فقد قدم لنا المهرجان منصة عامة لتسليط الضوء على إجراءات عالم الفن المعاصر على نطاق أوسع.

فنون بيئية احترافية (؟)

يوضح أحد أعمالنا الفنية التركيبية لـ “NIRIN” في جزيرة كوكاتو الفروقات بين "العمل كالمعتاد" للمهرجان وبين نموذج خيالي لـ "مهرجان خالٍ من البلاستيك" يبنى على أساس مبادئ الإشراف البيئي والمسؤولية الاجتماعية.

قد يقترح فنان عملاً له تأثيرات جمالية واجتماعية قوية، لكن أثره البيئي مدمر، وبينالي سيدني يقدم نموذجاً عن الفن الاحترافي الذي يراعي مسؤوليته تجاه البيئة

إلى أي مدى نقدّر الحرية الفنية؟ بكم التكلفة؟ ماذا لو اقترح فنان عملاً له تأثيرات جمالية واجتماعية قوية، لكن أثره البيئي مدمر؟ هل العمل الذي يراعي المسؤولية البيئية، يعني معرضاً أقل احترافية؟ كيف يمكن أن يجمع المهرجان بين أفضل الممارسات الفنية من جميع أنحاء العالم إذا تم تقليص ميزانية السفر الدولية المخصصة للمدراء من أجل تقليل انبعاثات الكربون؟

هذه بعض الأسئلة المطروحة في عملنا، ونأمل أن يُطلب من الجمهور الذي يزور عملنا الفني التركيبي أن يعيد التفكير في معايير مهرجانات الفن المعاصر على نطاق واسع.

لكن، أثناء كتابتنا لهذه المراجعة، يبدو أن قوى خارجة عن إرادتنا ستثبت أن لها قدرة على إحداث التغيير أكثر من أي نقد فني قائم. ففي مارس، بعد وقت قصير من إطلاقه، تم إغلاق المهرجان بسبب فايروس كورونا، وكذلك جميع المتاحف والمعارض في أستراليا. أعيد افتتاح المهرجان، ولكن مع فرض قيود على الرحلات الدولية وبين الولايات، ولهذا لن يتمكن سوى الجمهور المحلي من تجربة الأعمال بشكل فعلي.

لكن يتدافع المنتجون المبدعون، عبر الفضاء الثقافي، لإعادة تنظيم البرامج حتى يستمر العرض، ولكن بشكل مختلف. ويبدو أن الوقت قد حان أخيراً لزرع الرعاية البيئية في البنية المستقبلية للمنظمات الفنية والمهرجانات الدولية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard