شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"الرجال عزفوا عن الزواج وتحمل المسؤولية"... عن النساء والحب وأوراق التاروت

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 30 سبتمبر 202005:07 م

انتشرت مؤخراً في المجتمع المصري ظاهرة قارئات المستقبل عبر استخدام أوراق التاروت، وهي إحدى أدوات التنجيم، ويحيط تاريخ اكتشافها غموض كبير وأساطير عديدة.

شاهدتُ العديد من فيديوهات التاروت على يوتيوب في مصر، ولاحظت أن كل شخص من قراء التاروت لديه قناة خاصة به، كما أن معظم قراء التاروت نساء، ومعظم من يشاهدونها نساء، ومعظم الأمور تدور حول الحب، والعلاقات العاطفية.

بعد نهاية الفيديو يتم عادة وضع رقم لطلب قراءة خاصة مقابل مبلغ من المال من باب أن ما حدث شرحه في الفيديو هو قراءة عامة لا تنطبق على الجميع، وأن القراءة الخاصة للفرد ستوضح الفرق، ويكون المبلغ بالدولار أحياناً من عشرة إلى مائة، أي ما بين مائة وألف جنيه، وهناك عدد قليل جداً من قراء التاروت، لا يقرأون قراءة خاصة، ولكن هؤلاء لديهم نسبة مشاهدات عالية جداً، ويتربحون من اليوتيوب.


"اعرف أحوال حبيبك"

روميساء أحمد، (٢٧ عاماً) ممرضة، ومن الفتيات اللواتي لجأن لقراءة التاروت بعد انفصالها عن حبيبها، الذي انتقل للعمل في مستشفى آخر، ولم تتحمل قطع علاقته معها بشكل كلي. تقول أنها كانت "مدمنة" على اهتمامه بها، حتى بعدما أجرى حظر لها من جميع وسائل التواصل الإجتماعي، هنا بدأ يظهر "التاروت" في حياتها، تقول لرصيف22: "أرسلت إلى إحدى الصديقات فيديو تاروت بعنوان "أعرف أحوال حبيبك في الفراق"، انطبق 70 ٪ من القراءة علي، ثم وجدت نفسي أطلب قراءة خاصة من صاحبة القناة التي قالت لي خلال القراءة أنه سيتصل بك خلال أسبوعين، ولكن هذا لم يحدث، وبعد شهر طلبت قراءة ثانية من قارئة تاروت أخرى، وهذه قالت لي إن حبيبك الآن على علاقة مع امرأة أخرى، وسوف يعود إليك بعدما ينهي العلاقة معها، مرت أربعة شهور الآن على آخر قراءة، وقد تعافيت من تعلقي".

 "لجوء النساء إلى التاروت في موضوع العلاقات العاطفية يعود إلى غرس مبدأ احتياجها للرجل من قبل المجتمع، مما يجعلها أكثر تمسكاً بالعلاقة، وأقل شعوراً منه بالاستحقاق"

تفسر روميساء الأمر بشكل عقلاني، فترى أن القارئة الأولى استنتجت من حديثها أن علاقتهما كانت حميمة، لذا توقعت عودتها قريباً، بينما مسكت الأخرى العصا من المنتصف، فقالت إنه في علاقة مع أخرى، وسيعود في وقت غير معلوم. تقول روميساء: "كلتاهما أخبرتاني بما أعتقده من الأساس".

ويلاحظ المتابع لفيديوهات خاصة بالتاروت، أن صاحبته شخصية ذكية، وتمتاز بخفة الدم أو القبول الاجتماعي، كما لو كانت إعلامية.

شعور بالعجز والقهر

نورا أحمد، اسم مستعار، تبلغ من العمر عشرين عاماً، تدرس في كلية الآداب قسم الجغرافيا، لجأت لمشاهدة هذه الفيديوهات منذ بداية علاقتها مع ابن الجيران.

ظلت نورا تطلب قراءات خاصة لتعرف أسباب غموض سلوك حبيبها معها، وهل يخونها مع فتاة أخرى، وطلبت ثلاث قراءات لأوراق التاروت. حرصت ألا تخبر القارئات شيئاً عن تفاصيل العلاقة، لتعرف إذا كن يعرفن الواقع أم يتخيلن، ووقعت إحدى قارئات التاروت في فخها، إذ أخبرتها بأن حبيبها متزوج ولديه أبناء، حينذاك تأكدت أنهن كاذبات.

أما القراءة الثالثة والأخيرة، فطلبتها خوفاً من الانفصال بعد شجار مع حبيبها، وتكهنت القارئة بما حدث، ولكنها لا تدري ما إذا كان هذا محض صدفة أم مهارة روحانية.

"لا فرق في التكوين النفسي بين المرأة والرجل فيما يخص اللجوء إلى قارئات التاروت".

يرى ماهر الضبع، أستاذ علم النفس في الجامعة الأمريكية، أن لجوء الإناث من مختلف الأعمار لقارئات التاروت والكف والفنجان وغيرها "لا يرجع إطلاقاً لوجود فروق في التكوين النفسي للمرأة، والدافع ليس في هذا التكوين، وكذلك ليس سببه انخفاض مستوى الذكاء. فالفروق بين الرجل والمرأة لا تكاد تذكر في هذا الموضوع، ولكن مرد ذلك هو الشعور بالعجز الذي يتم غرسه خلال التنشئة الاجتماعية للأنثى، والضغوط التي تقع عليها، وتجعلها تشعر بالقهر".

ولفت الضبع إلى أن لجوء النساء إلى التاروت في موضوع العلاقات العاطفية تحديداً يعود إلى " غرس مبدأ احتياجها للرجل من قبل المجتمع، مما يجعلها أكثر تمسكاً بالعلاقة، وأقل شعوراً منه بالاستحقاق".

ويعتبر الضبع لجوء الفتيات إلى التاروت لاتخاذ قرارات بشأن العلاقات "كارثياً بسبب الشعوذة".

"الكثير من الرجال عزفوا عن الزواج، والمتزوجون عزفوا عن تحمل المسؤولية، مما دفع بعض النسوة إلى قارئات التاروت لفهم ما يحدث، خاصة أن الإعلام يتقاعس في نشر الثقافة ومحاربة تلك الظواهر"

وتختلف معه صافيناز عبد السلام، متخصصة في العلاقات الزوجية، إذ ترى أن التاروت ينتمي إلى "العلوم الروحانية" الخاصة بالتنجيم، ولكنه يعطي معلومات فضفاضة عامة، وتشدد على ضرورة خضوع علاقات الحب والزواج لأسس علمية ومتخصصين في هذا المجال. تقول لرصيف22: "التاروت ليس هو ما يقيم العلاقة، فعلاقات الحب والزواج يجب أن تخضع لعملية علمية، وطلب المشورة من استشاري علاقات أسرية وزوجية لحل الأمور بين الطرفين. يجب أن لا تقنع الفتاة نفسها بكلام التاروت، ويجب أن لا يؤخذ كلام أوراق التاروت إلا من باب التسلية".

جميع قراءات التارو شهر سبتمبر

تارو برج الحمل

https://youtu.be/W--wLOPHBZY

تارو برج...

Posted by ‎التاروت معراج الروح‎ on Saturday, 5 September 2020

عن العلاقات الثلاثية

وفاء علي، قارئة تاروت مصرية، وتدير قناة بارزة في العالم العربي، يتابعها 686 ألف شخص، تقول لرصيف22 إن التاروت موجود في مصر منذ فترة بعيدة، ولكن الاهتمام به جاء بعد ظهور قارئة التاروت بسنت في برنامج للإعلامي عمرو أديب.

وتنتقد علي انتشار قنوات قائرات التاروت، لأن الكثيرات منهن لسن دارسات لـ"هذا العلم بشكل جاد"، وقالت إنه هنالك قارئات يعتمدن الأسلوب الذي يلاقي هوى في نفوس المشاهدات اللواتي على علاقة مع الرجال.


وعن أكثر المواضيع انتشاراً، تتحدث علي عن العلاقات الثلاثية، إذ تكون طالبة القراءة على علاقة برجل متزوج، فنجد ذلك في عناوين مثل: "اعرفي مصير العلاقة الثلاثية، حبيبك هيختار مين، هيرجعلك إمتي... إلخ).

أما صافيناز فترجع لجوء العديد من النساء إلى قارئات التاروت في مواضيع العلاقات العاطفية والزواج إلى أسباب اجتماعية تخص الرجال لأن الكثيرين منهم عزفوا عن الزواج، والمتزوجين عزفوا عن تحمل المسؤولية، مما دفع بعض النسوة إلى قارئات التاروت لفهم ما يحدث، ولنقص الوعي، خاصة أن الإعلام يتقاعس في نشر الثقافة ومحاربة تلك الظواهر.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard