شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
الأدب الإيروتيكي... فن يحرّك الشهوة والخيالات الجنسية في أذهان القرّاء

الأدب الإيروتيكي... فن يحرّك الشهوة والخيالات الجنسية في أذهان القرّاء

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 15 سبتمبر 202006:56 م

تتميز معظم الروايات الرومانسية بالعناصر المشوقة والحبكات المثيرة للاهتمام والتي تجعل القراء يواصلون تقليب الصفحات الواحدة تلو الأخرى، حتى الوصول إلى كلمة ***النهاية*** التي يختم بها معظم الكتّاب رواياتهم.

أما جرعة الإثارة فتزداد في حال انتقلت مجريات القصة من الأجواء الرومانسية والمغامرات "البريئة" إلى أحداث تتسم بالفانتازم الجنسي، تحرك الشهوة في عقول القراء وتحطم جميع الممنوعات التي تنوء اللغة في العادة تحت أثقالها.

من كاماسوترا (400 قبل الميلاد) وصولاً إلى the Fifty Shades of Grey و"برهان العسل" لسلوى النعيمي، ديوان Erotica للعراقي سعدي يوسف ورواية "خارج الجسد" للكاتبة الأردنية عفاف البطاينة وغيرهم، كان لهذا النوع من القصص الإيروتيكية حضوره منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا، وحتى إن كان الموضوع الرئيسي يدور حول الجنس، فإن الحبكة تأخذ عشاق الروايات الإباحية في كل مرة إلى مكان آخر، وتلعب دوراً كبيراً في تشكيل تطورهم النفسي، الجنسي وقيمهم الرومانسية.

ما الفرق بين البورنوغرافيا والإيروتيك، وكيف يمكن أن تساعد قراءة الروايات الإباحية في إشعال فتيل الحياة الجنسية؟

البورنوغرافيا vs الإيروتيكية

"إذا كانت مشاهدة الأفلام الإباحية عبارة عن دوش يومي، فإن القراءة الإيروتيكية تعني الاستحمام".

تشير الشبقية أو إيروتيسيزم إلى أي شكل من أشكال المحتوى الذي يقصد به الإثارة الجنسية، فالإيروتيكية في تعريفها، هي فن يتحرر من قيود الممنوع ويكسر جميع التابوهات بطريقة أدبية وبلغة لا تخشى الممنوعات الثقافية، ما يجعل الكتب الإيروتيكية تتميز بقلم حر وفكر إبداعي، يقوم بانتقاء الكلمات المثيرة التي تجعل القارىء/ة يصل إلى النشوة الجنسية، دون تجاوز الحدّ الفاصل بين الفن واللافن وبين الإبداع والابتذال.

وفي حين أنه يُنظر إلى الإيروتيسيزم على أنه "فن له جانب جنسي"، لناحية استخدام الكلمات المثيرة وتصوير الرغبات الجسدية بعمق ولغة شاعرية، فيُنظر إلى البورنوغرافيا على أنها عبارة عن مواد بصرية موجودة فقط لخلق الإثارة الجنسية وليس هناك الكثير لتقديمه، ولكن في نهاية المطاف، إن الهدف من البورنو والشبقية يكاد يكون واحداً: زيادة حدة الإثارة الجنسية.

الإيروتيكية فن يتحرر من قيود الممنوع ويكسر جميع التابوهات بطريقة أدبية وبلغة لا تخشى الممنوعات الثقافية، ما يجعل الكتب الإيروتيكية تتميز بقلم حر وفكر إبداعي، يقوم بانتقاء الكلمات المثيرة التي تجعل القارىء/ة يصل إلى النشوة الجنسية

في حديثه مع موقع رصيف22، تحدث الأخصائي في العلاقات الجنسية، أنطوني حكيم، عن الفرق بين الإيروتيكية والبورنوغرافيا، مشيراً إلى أن الإيروتيكية هي عبارة عن "فن يهتم بابراز الشغف والمشاعر وليس فقط تصوير العملية الجنسية".

وكشف حكيم أن النساء بمعظمهنّ ينجذبن بشكل خاص إلى الأدب الإيروتيكي وذلك لكون القصص تحمل في طياتها الكثير من المشاعر والأحاسيس، منوهاً بأن هذا لا يعني بأن الرجال لا يحبون قراءة القصص والروايات الإباحية أو أن النساء لا يملن إلى مشاهدة أفلام البورنو.

هذا وشدد أنطوني على أنه للشبقية والبورنوغرافيا سلبيات وإيجابيات، إنما الأهم يبقى عدم نسيان أن هذه القصص هي من محض الخيال: "أوقات القصص يلي بتكون بالـerotica والـ porn ما بتكون consensual (بالتراضي)"، مضيفاً بأن الروايات الإباحية تشرع الباب أمام الأوهام والخيالات الجنسية، وبالتالي تمكن المرء من التعرف بعمق على رغباته.

في جوهرها، تبدو الإيروتيكية المكتوبة، أي الأدب الإباحي، أفضل من المواد البصرية الإباحية من نواح عديدة، بخاصة لجهة تشغل الخيال البشري بشكل لا مثيل له، ما يساعد على تحقيق الإثارة بطريقة أكثر حسية وعمقاً مما يمكن أن تفعله مشاهدة الأفلام الإباحية على الإطلاق.

كما أنه عند الانكباب على قراءة الروايات الإيروتيكية، فإن القارىء/ة يشعر بأنه قادر على التحكم بزمام الأمور، فيتخيل الشكل الخارجي للأبطال ويتدخل بأدق التفاصيل بعيداً عن عمل الكاميرا و"الخزعبلات" التي يقوم بها أبطال عالم البورنو.

واللافت أن الإباحية المكتوبة ترتكز بشكل رئيسي على الحبكة المثيرة التي يتم تقديمها من خلال أسلوب أدبي يُعرف بـ "البناء البطيء"، بحيث يتصاعد مستوى الإثارة رويداً رويداً، ويزداد منسوب الأدرينالين مع تقليب الصفحات، لحين الوصول إلى نهاية مرضية على جميع الأصعدة.

أداة مفيدة في غرفة النوم

من المهم تقاسم اللحظات الحميمة مع الشريك/ة، ويمكن أن تكون قراءة الأدب الإيروتيكي معاً أداة مفيدة في غرفة النوم، فكيف يمكن لقراءة الأدب الإيروتيكي أن تحسن الحياة الجنسية لدى الأزواج؟

لا شك أن التوتر يؤثر على صحة الأفراد بعدة طرق، بما في ذلك خفض الرغبة الجنسية، واللافت أنه من أفضل الطرق للتخلص من الضغوطات اليومية والتغلب على القلق هو أن تغرقوا أنفسكم في كتاب جيّد.

بحسب World Literacy Foundation، تبيّن أن القراءة تعمل على خفض ضغط الدم، تقليل معدل ضربات القلب وتقليل التوتر، فالقراءة لمدة 6 دقائق فقط قادرة على إبطاء معدل ضربات القلب وتحسين الصحة العامة.

تسمح لكم الروايات الإباحية بتخيل سيناريوهات قد لا تكونون قادرين على الانخراط فيها في الحياة الواقعية

وفي السياق نفسه، أظهرت الدراسات أن قراءة الأدب الإباحي يمكن أن يكون له بعض الفوائد على الصحة النفسية، ففي دراسة أجرتها جامعة يورك في العام 2013، تبين أن المشتركين الذين قرأوا الروايات الرومانسية لديهم مستويات تعاطف أعلى من المشتركين الذين أفادوا بقراءة أنواع أخرى من الروايات.

وبحسب أستاذة الصحة العقلية والجنس سارا جين، فإن قراءة الكتب المثيرة جنسياً يمكن أن تساعد على تحويل التوتر أو القلق إلى مشاعر إيجابية، مثل الشعور بالإثارة بدلاً من الشعور بالخوف أو الإرهاق.

وهكذا تتحول الإيروتيكية إلى مكان آمن للتعبير عن الحياة الجنسية وحب الاستطلاع، كما يمكنها تعزيز التواصل والمحادثات بين الشركاء حول ممارسة جنسية آمنة وصحية وحيوية.

والإيروتيكية لا تخفف فقط التوتر الذي يمكن أن يكون في الكثير من الأحيان بمثابة حاجز أمام حياة جنسية نشطة وممتعة، بل يمكن أن تساعد المرء على اكتشاف حياته الجنسية والتعبير عن نفسه بطريقة صحية، كما تساعد قراءة المواد الإباحية على بناء الترقب، فالبشر بطبعهم يحبون البناء الجنسي الذي أنشأته الروايات المثيرة والتي تجعلهم ينغمسون في بضعة فصول قبل أن تبدأ كل الأحداث، وعليه يمكن القول إن الشبقية تكافىء صبرنا بأكثر الطرق إرضاءً، بخاصة عند اكتشاف أنواع السيناريوهات التي تثير الثنائي.

المفاهيم الخاطئة حول الروايات الجنسية

باستطاعة الأدب الإيروتيكي أن يخلص المجتمع من وصمات العار حول الإشباع الجنسي، وعليه قد تكون الشبقية مفتاحاً للدافع الجنسي، ولكن لا بد أولاً من تحرير الإيروتيكية من الصورة النمطية السلبية.

في هذا الصدد، كشف موقع Big Think عن أبرز الخرافات والمفاهيم الخاطئة التي تدور حول الروايات الإباحية:

تحب النساء الروايات الإباحية أكثر من الرجال: يُقال إن النساء يفضلن الروايات الإباحية، في حين أن الرجال يميلون إلى مشاهدة أفلام البورنو، إلا أن هذا ليس هو الحال دائماً.

فقد فحصت دراسة أجريت في العام 2016، تأثيرات الروايات الإيروتيكية على الرجال والنساء، وقد أثبتت النتائج أنه لا يوجد فرق في مدى تأثير هذه القصص المثيرة جنسياً على عقول الرجال والنساء على حدّ سواء.

الشبقية والمواد الإباحية سامة للعلاقة العاطفية: يعتبر البعض أن المواد الإباحية سامة للعلاقة بين الثنائي، وهي فكرة شائعة ومنتشرة على نطاق واسع، بحيث يتخوف بعض الناس من المحتوى الجنسي لأنهم يفترضون أنه سيضر بالحميمية ويؤثر سلباً على الرغبة الجنسية، ولكن تبيّن أن قراءة الروايات الإباحية يمكن أن يحسن الحالة المزاجية للأزواج، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على حياتهم الجنسية.

الشبقية مبتذلة وفظة: هناك صور نمطية حول كون المحتوى الإباحي مبتذلاً وفظاً، ولكن ليس هذا هو الحال دوماً، فالواقع أن هناك العديد من الأنواع المتاحة للشبقية المكتوبة، بحيث يمكن أن تتراوح القصص من الأسلوب الرومانسي والرقيق إلى العدوانية.

واللافت أنه لم يتم إنشاء الأدب الإباحي لإثارة الذهول والمفاجأة فقط، بل لمساعدة القراء على استكشاف أجزاء من حياتهم الجنسية لم يسبق لهم تجربتها من قبل.

الاستمتاع بالإيروتيكية أمر سيء: فحصت دراسة أجريت في العام 1998 آثار العلاج بالقراءة bibliotherapy على المرضى الذين يعانون من اضطرابات النشوة الجنسية، ووجدت أن الأدلة المتاحة تبرر الاستخدام الموصى به لكتب المساعدة الذاتية للضعف الجنسي، ولكن فقط بعد التقدير المناسب"، بمعنى آخر، فإن قراءة واستكشاف النشاط الجنسي من خلال الكلمة المكتوبة، هو في الواقع شكل من أشكال المساعدة الذاتية للتغلب على المشاكل الجنسية.

الإيروتيكية والنساء

بهدف رصد تأثير الإيروتيكية على النساء، أجرت مؤلفة الكتب الرومانسية المعاصرة أليساندرا توري، مسحاً لأكثر من 800 امرأة تقرأ الأدب الإيروتيكي، ووجدت أن 95% من المشتركات يعتقدن أن قراءة المواد الإباحية "تمكنهنّ جنسياً".

وقد أخذت توري عيّنة مؤلفة من نساء بمعظمهنّ يقرأن 12 كتاباً أو أكثر من الكتب الإيروتيكية في السنة، من خلال التحميلات الرقمية عوضاً عن الكتب والنسخ الورقية، واللافت أن معظم المشتركات متزوجات ويقرأن هذا النوع من الكتب لزيادة التواصل مع الشركاء الفعليين.

وقد جاءت بعض نتائج المسح على الشكل التالي:

94.71% من النساء كشفن أن قراءة المواد الإباحية تمكنهنّ جنسياً وتوسع تفكيرهنّ الجنسي.

84.92% أخذن شيئاً مما قرأنه واستخدمنه في غرفة النوم.

81.11% أبلغن أن هذا النوع من القراءات زاد التواصل مع الشريك حول الجنس.

وفي هذا الصدد قد يسأل البعض: كيف يمكن لقراءة وكتابة الأدب الإباحي أن يحرر المرأة من القيود التي يفرضها المجتمع؟

"كامرأة، كنت أجد صعوبة دوماً في إخبار شريكي بما أريده جنسياً. بصفتي باحثة وأكاديمية، لطالما وجدت أنه من الصعب عليّ أن أصف بكلمات ملموسة كيف يخطىء العلم والفلسفة والقانون بشكل أساسي في كل ما يتعلق بالحياة الجنسية للمرأة"، هذا ما قالته فيكتوريا بروكس، مضيفة: "لكن الغريب أنه عندما كنت أكتب عن الجنس الخيالي في روايتي الإيروتيكية، كانت الكلمات تتدفق ويثار جسمي كله، والأمر الغريب أيضاً هو أنه حتى الأسئلة الفلسفية والأخلاقية والقانونية الكبيرة حول النشاط الجنسي للمرأة، بدت أنه يمكن التغلب عليها في عالم خيالي".

في حال كنتم تريدون تفعيل خيالاتكم الجنسية، فما عليكم سوى اختيار رواية إيروتيكية مثيرة وقراءتها في السرير

وعليه، اعتبرت بروكس أن هناك علاقة مباشرة بين الكتابة الفلسفية والشهوة الجنسية، كاشفة أن ما يدفعها للكتابة وقراءة الأدب الإيروتيكي هو من أجل لعب دور في إنشاء عالم غير خيالي أو خلق واقع جنسي جديد للنساء.

هذا وكشفت فيكتوريا بروكس أنها لطالما وجدت الشبقية وسيلة لقول ما لا يمكن قوله، لكونها تتمتع بقوة غامضة: "يمكن أن تكون رؤية الكلمات الجنسية المكتوبة أقوى من رؤية صورة إباحية، أو حتى الشعور باللمسة المثيرة لجسد شخص آخر"، على حدّ قولها.

باختصار تسمح لكم الروايات الإباحية بتخيل سيناريوهات قد لا تكونون قادرين على الانخراط فيها في الحياة الواقعية، بالإضافة إلى التخلص من أحد أكبر عوائق المتعة الجنسية: القلق والكبت، فعندما تتخيّلون في أذهانكم الصور والقصص المثيرة جنسياً، فهذا الأمر يسمح لكم بأن تبحروا في عالم مليء باللذات، ما يسمح لكم بالاستمتاع بتجربتكم الجنسية بشكل أعمق.

وبالتالي في حال كنتم تريدون تفعيل خيالاتكم الجنسية، فما عليكم سوى اختيار رواية إيروتيكية مثيرة وقراءتها في السرير.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard