شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"السيد هاشتاغ" و"فرقة النمر"... جرائم ارتكبها سعود القحطاني لحساب بن سلمان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 27 أغسطس 202005:08 م

شيئاً فشيئاً، يتكشف المزيد من المعلومات عن الدور الذي لعبه مستشار MBS السابق ورجله الأثير سعود القحطاني في ترهيب خصومه السياسيين ومنتقديه والقضاء عليهم.

بعدما اتهمته أسرة الناشطة الحقوقية والنسوية المعتقلة لجين الهذلول بالإشراف على تعذيبها والتحرش بها جنسياً، وتورطه في قضية القتل الوحشية للصحافي المعارض جمال خاشقجي، ظهرت أدلة إضافية أخيراً على دوره في خطف أمراء سعوديين مناوئين للعاهل الحالي الملك سلمان ونجله وولي عهده الأمير محمد.

في تقرير مستفيض، فصّلت المجلة الأمريكية Vanity Fair الدور الذي لعبه القحطاني في خطف الأمير السعودي سلطان بن تركي الثاني وخطفه عام 2015، عقب إرساله خطابين إلى أعمامه يحثهم فيهما على عزل الملك "العاجز صحياً" و"الدمية" بيد نجله، مبرزةً دوره اللاحق في مساومة حاشية الأمير المختطف وإغرائهم بالمال من أجل التستر على الجريمة.

منذ أن عرضت السلطات السعودية على سلطان - عبر والده المقيم آنذاك في القاهرة- إرسال طائرة فخمة إلى باريس لتأخذه وحاشيته للقاء والده، شعر مرافقوه بأن في الأمر "فخّاً". لكنه صدّق أن العائلة المالكة تريد المصالحة معه. 

جعلته رجل بن سلمان لـ"المهمات الحساسة والعدوانية"... مجلة "فانيتي فير" الأمريكية تفصّل دور "السيد هاشتاغ" أو سعود القحطاني في عملية اختطاف الأمير سلطان بن تركي الثاني عام 2015

"كابتن سعود" والرحلة المثيرة

حالما التقى الجميع بـ"الكابتن سعود" الذي كان يجلس في مقصورة الطائرة التي تتسع لـ189 راكباً، شعروا أنه لم يكن طياراً، برغم محاولته أن يكون "ودوداً" مع الركاب وإطلاقه النكات وعرض صور أطفاله على الموظفين لدى الأمير.

من الأمور التي أثارت الشكوك في هوية "الكابتن سعود"، أنه لم يستطع مواكبة حديث قصير عن تدريب الطيارين مع أحد مرافقي الأمير، وأن طاقم الطائرة كان مؤلفاً من 19 شخصاً، وهو أكثر من ضعفَيْ العدد المعتاد للموظفين. كان الطاقم كله من الرجال، وليست في عداده "شقراوات أوروبيات" كاللواتي يشاركن عادةً في رحلات الديوان الملكي السعودي. بدا أفراد الطاقم مسؤولي أمن أكثر منهم أفراد طاقم الضيافة. وانبهار سعود بساعة "بريتلينغ" للطوارئ، التي ارتداها رفيق الأمير، كان مثار دهشة أيضاً. كيف لقائد طائرة أن يستغرب ساعة مخصصة لاستدعاء المساعدة في حال وقوع حادث تحطم، حتى إنه قال: "لم أر قط واحدة مثلها".

هذه الأسباب كلها دفعت أحد عناصر أمن الأمير سلطان إلى تحذيره: "لا تركب الطائرة. إنه فخ". وحذّره موظف آخر: "هذه الطائرة لن تهبط في القاهرة"،

فسأله الأمير: "أنت لا تثق بهم؟"، وأجاب الموظف: "لماذا تثق بهم؟". لم يجب سلطان. لكنه كان متردداً حتى عرض عليه "الكابتن سعود" لجم مخاوفه بترك 10 من أفراد طاقم الطائرة في باريس، كـ"بادرة حسن نية" لإظهار أن الرحلة ليست عملية اختطاف. وكان ذلك كافياً للأمير الذي كان متعباً ويفتقد والده، فأخبر الوفد المرافق له أن يبدأوا حزم الأمتعة.

تحول المسار 

غادرت الطائرة باريس بهدوء، وظل مسار رحلتها إلى القاهرة ساعتين مرئياً على الشاشات في المقصورة. قبل أن تومض الشاشات وتنطفئ.

انزعج موظفو سلطان، فسأل أحدهم "الكابتن سعود": "ماذا يحدث؟". ذهب للتحقق وعاد زاعماً أن هناك مشكلة فنية، وأن المهندس الوحيد الذي يمكنه إصلاحها كان من أفراد الطاقم الذين هبطوا في باريس. لكنه طمأن الجميع بأن لا داعي للقلق وأنهم سيصلون في الموعد المحدد.

عندما بدأت الطائرة بالهبوط، أدرك جميع الذين على متنها أنها لن تهبط في القاهرة. لم يروا نهر النيل، ولا أهرامات الجيزة. بكل تأكيد رأوا امتداد الرياض العمراني.

ولمّا لاح "مركز المملكة"، وهو برج يتوسط العاصمة الرياض، اندلع الهرج والمرج. طلب أعضاء الوفد المرافق لسلطان من غير السعوديين معرفة ما سيحدث لهم إذا هبطوا في السعودية بدون تأشيرة وخلافاً لإرادتهم، في حين صاح سلطان: "أعطني بندقيتي".

رفض أحد حراسه تلبية الطلب. كان رجال "الكابتن سعود" يحملون بنادق، وبدأ تبادل إطلاق النار على متن الطائرة. جلس سلطان صامتاً حتى هبطت الطائرة ودفع رجال "الكابتن سعود" بالأمير إلى أسفل الممر. وكانت تلك آخر مرة رآته فيها حاشيته.

في الأثناء، أوقف حراس الأمن فريق الأمير المختطف في منطقة احتجاز بالمطار ثم نقلوهم إلى فندق حيث مكثوا ثلاثة أيام غير قادرين على المغادرة بدون تأشيرات. وفي اليوم الرابع والأخير، أحضر الحراسُ الأجانبَ إلى مكتب حكومي واحداً تلو الآخر.

في غرفة الاجتماعات، كما بدت، رأى الحراس "كابتن سعود" بجلباب طويل وليس بثياب الطيّار. قال لهم: "أنا سعود القحطاني. أنا أعمل في الديوان الملكي". وطلب من الأجانب التوقيع على اتفاق عدم إفشاء، وعرض المال على بعضهم، وإعادتهم إلى الوطن.

الإشراف على تعذيب لجين الهذلول والتحرش بها جنسياً في السجن، وقيادة فريق قتل جمال خاشقجي وجهود التجسس على الناشطين السعوديين عبر منصة تويتر وغيرها… سلسلة جرائم سعود القحطاني تتضح

"السيد هاشتاغ" و"فرقة النمر"

كان القحطاني آنذاك معروفاً لدى السعوديين باسم "السيد هاشتاغ" بسبب حضوره الملحوظ على وسائل التواصل الاجتماعي للإشادة بفضائل ولي العهد بن سلمان والتقليل من شأن منتقديه. مع اختطاف سلطان، أصبح سعود لاعباً مركزياً في جهاز أمن الديوان الملكي، يمكن الأمير محمد الاعتماد عليه لإنجاز "مهمات حساسة وعدوانية".

بعد خمس سنوات تقريباً، أصبح السياق الكامل لعملية اختطاف الأمير سلطان -التي أسكتت ناقداً مزعجاً، وقدمت درساً لأي منشق محتمل في العائلة المالكة- أكثر وضوحاً في إطار قضية أخرى ضد بن سلمان.

هذه الدعوى التي يتهم فيها سعد الجبري، المسؤول الاستخباراتي السعودي السابق الذي يعيش في المنفى بكندا، الأمير محمد بمحاولة قتله على يد فريق اغتيال دولي يسمى "فرقة النمر".

بحسب الجبري، فإن فريق القتل تأسس عام 2015، إذ طلب الأمير محمد منه نشر وحدة سعودية لمكافحة الإرهاب "في عملية انتقامية خارج نطاق القضاء ضد أمير سعودي يعيش في أوروبا" انتقد الملك سلمان.

زعم الجبري في دعواه أنه رفض العملية التي كانت "غير أخلاقية وغير قانونية" ومسيئة إلى المملكة. وتضيف الدعوى أن بن سلمان أنشأ "فرقة النمر" بعد ذلك وعيّن القحطاني رئيساً لها.

وبعد نحو عامين، نفّذت الفرقة جريمة اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، مطلع تشرين الأول/ أكتوبر عام 2018، في حادثة هددت مكانة ولي العهد الشاب الدولية. وأُقيل القحطاني من منصبه في الديوان الملكي واختفى عقب تقارير عن تورطه في الجريمة. 

وقبل عدة أيام، أشارت "بلومبيرغ" إلى دور للقحطاني في التجسس على ناشطين وحقوقيين سعوديين معارضين في الخارج، في فضيحة اختراق حسابات عبر تويتر، وكشف هويات مستخدمي حسابات مجهولة، وهذا ما أدى إلى توقيف ستة ناشطين واغتيال بضعة معارضين، أحدهم خاشقجي.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard