شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
صدق نصر الله...

صدق نصر الله... "الموضوع هو موضوع الدولة اللبنانية"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

السبت 8 أغسطس 202006:44 م

صدق الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. "الموضوع هو موضوع الدولة اللبنانية". انفجار بيروت ليس تفصيلاً تقنياً. ما جرى أبعد من ذلك بكثير، أو على الأقل هكذا يجب أن يكون.

ولكنه مرّة جديدة، يخطئ، وطبعاً عن قصد، في رسم الصورة العامة. لا يجب انتظار نتيجة التحقيق ليحسم اللبنانيون أمرهم حول ما إذا كانت توجد دولة في لبنان أم لا، وحول ما إذا كان هناك أمل ببناء دولة أم لا. "لي بيجرِّب المجرَّب بيكون عقلو مخرَّب"، يقول المثل الشعبي.

اللحظة الآن هي تماماً "لحظة حسابات سياسية"، وهي لحظة تحميل المسؤولية عمّا نحن فيه لكل أحزاب المنظومة التي "أدارت الأذن الطرشاء" ولم تخجل من ادعاء عدم المعرفة بما يجري في أهم مرفق حيوي في لبنان، وعلى رأسها حزب الله.

هذا الحزب له نصيب الأسد من هذه المسؤولية. بنى منظومة أمنية-عسكرية ضخمة يستحيل في ظل وجودها التفكير في بناء دولة حقيقية. لا يمكن بناء دولة عندما تنافس هكذا منظومة القوى والأمنية والعسكرية الشرعية على أبرز صلاحياتها، بدءاً من توقيف مطلوبين وإزالة تعديات على الأملاك العامة، وصولاً إلى منعها من الوجود الفعّال في مناطق واسعة والتفرّد بقرارات مصيرية كالسلم والحرب، ومروراً بمساومة أجهزة أمنية على صلاحياتها بحيث لا تنطبق على عناصره.

وكل هذا كان يترافق مع خطاب توتيري لا يهدأ، لا يتردد في اتهام أي معترض على أي تشوّه من هذه التشوهات في بنية الدولة بـ"العمالة"، ولا يتردد في إيصال الأمور إلى حافة الحرب الأهلية بحال طالب خصومه بضبط شيء ما من هذا التفلّت، لا بل لا يتردد في خوض حروب أهلية صغيرة كما فعل في السابع من أيار/ مايو 2008.

اللحظة الآن هي تماماً "لحظة حسابات سياسية"، وهي لحظة تحميل المسؤولية عمّا نحن فيه لكل أحزاب المنظومة التي "أدارت الأذن الطرشاء" ولم تخجل من ادعاء عدم المعرفة بما يجري في أهم مرفق حيوي في لبنان

ساهمت سياسات حزب الله في تعميق الشرخ القائم بين الجماعات اللبنانية. هذا الشرخ موجود بمعزل عنه، في نظام طائفي يحترف كل رموزه لعبة التحريض والتفرقة لتحقيق المكاسب، ولكن إشاراته المتكررة والتي لا تتوقف عن قدرته كحزب على منع أي قرار يتعارض مع مصالحه، حوّلت الصراع السياسي بشكل شبه كامل إلى صراع أهلي، لأنه أقصى المؤسسات الشرعية من المعادلة.

أما في لعبة الفساد والمحسوبيات، فهو شريك للطبقة السياسية الفاسدة، وقاسمها، ولو متأخراً، استغلال المال العام لتوزيع منافع على محظييه، وحجز حصته من التعيينات الإدارية القائمة على أساس المحاباة والتي أنتجت جهازاً إدارياً مترهلاً. وقبل ذلك، رضي بالتواجد الشكلي في مجلس النواب دون أي معارضة حقيقية للسياسات التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه، لأنه قايض ترهّل الدولة بحماية وجوده وتمدد نفوذه، ضمن معادلة رعاها النظام السوري قبل إخراجه من لبنان.

صدق الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. "الموضوع هو موضوع الدولة اللبنانية". انفجار بيروت ليس تفصيلاً تقنياً. ما جرى أبعد من ذلك بكثير، أو على الأقل هكذا يجب أن يكون. ولكنه مرّة جديدة، يخطئ، وطبعاً عن قصد، في رسم الصورة العامة

وفوق كل ذلك، لم يرضَ حزب الله بأدواره اللبنانية، فأرسل مقاتليه، كرمى لعيون إيران، إلى سوريا بالآلاف وإلى العراق واليمن، ملقياً بثقل تدخلاته الخارجية على السلطة اللبنانية التي وجدت نفسها كالأبله في خضمّ صراعات إقليمية، دون أن يأبه للثمن الذي سيدفعه اللبنانيون.

كل هذه القضايا عن دور حزب الله ومسؤوليته عمّا وصلنا إليه يجب أن تُطرح في النقاش العام، وخاصةً في نقاشات الحركات والمجموعات التي تطالب بالتغيير أو تدّعيه.

وإذا كانت لدى بعضها أوهام عن عدم مسؤولية حزب الله عمّا وصلنا إليه، كان يجب أن تزول عندما خرج أمينه العام داعياً القوى السياسية الكبرى إلى التضامن في وجه المطالبة بالتغيير، أو عندما حمل السلطة وحيداً على ظهره، هو وبعض الديكورات التي يحرّكها، بعدما رفض البعض الاستجابة لدعوته لحسابات خاصة لا لرغبة في التغيير.

لا يتحمّل حزب الله لوحده وزر ما وصلنا إليه. كل القوى السياسية التي شاركت في الحكومات والتي اقتطعت لنفسها حصصاً من التعيينات الإدارية ومن خدمات الوزارات ومن تلزيمات المشاريع وعاثت فساداً في البلد مسؤولة "بالتكافل والتضامن"، ولكن حين يقول أحدهم "الموضوع هو موضوع الدولة اللبنانية"، ومعه حق في قوله، يجب وضع النقاط على الحروف.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard