شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"جسدي زقطط من الفرحة"... نساء يحكين عن أول ليلة بعد الطلاق

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 9 يوليو 202004:56 م
لم تكن سارة محمد (25 عاماً)، تعمل بالمحاسبة في القاهرة، تدرك أن طلاقها، واللقب الجديد الذي حصلت عليه، وهي في العشرينيات من عمرها، سيحمل معه كل هذه المتاعب، ونظرات الاستغراب التي تملأ الوجوه، بمجرد معرفة الآخرين أنها مطلقة، فكلمات المواساة التي لا تصلح ما تم تكسيره بقدر كونها تؤلم صاحبتها، وتزيد من عمق الجرح الذي لا تشعر به سوى صاحبته، هكذا وصفت سارة شعورها، في حديث لرصيف22، بمجرد سماع كلمات أمثال: "ربنا يعوض عليكي، أنتي صغيرة على كده"، وغيرها من الكلمات.

لم تغب عن مخيلة سارة حياة الزواج الصعبة، المليئة بالمشاكل رغم صغر سنها. كانت تدرك أن الحياة صعبة، ولكنها أيضاً كانت تحمل مشاعر الحب الصادق لزوجها، وهذا ما جعلها تُقبل على خطوة الزواج.

"أصعب أيام حياتي"

تحكي سارة لرصيف22: "في يوم الطلاق، لم أكن أدري ماذا أرتدي، وبالفعل لم أذق طعم النوم نهائياً، كنتُ أفكر وأبحث عن المشكلة الحقيقية وراء ما حدث، لأجد في النهاية أن السبب اختياري الخاطئ، وأصبحت أوجه اللوم العنيف إلى نفسي، خاصة عندما أنظر في عيون أهلي وأجد اللوم الأكبر فيها، وكأنهم يؤكدون انتصارهم وهزيمتي".

"كدت أن أجن بالفعل من التفكير الطويل، وأنظر إلى الساعة، وكلما أقترب من موعد النهاية أريد أن يتوقف الزمن، وبالفعل جاءت اللحظة، كنتُ أتمنى أن يقول لي إنه غلطان، سأسامحه، ولكنه لم يقل، فأنا بالفعل وبعد كافة هذه المشاكل كنت أتمنى ذلك، وأستغرب نفسي لكن هذه هي كانت حقيقة مشاعري بكل صدق"، تقول سارة.

"لم يكن الوالدان يدركان أن ضعف القدرة الجنسية لدى الرجل سبب كاف للمرأة لطلب الطلاق، على الرغم من تجميل السبب باختياري لكلمات موائمة للموقف والتقاليد والعادات ولكن لم يكن هناك فائدة"

"من أصعب أيام حياتي"، هكذا وصفت سارة أول ليلة بعد طلاقها قائلة: "انهمرت الدموع من عيني اللتين كادتا أن تجفا من كثرتها، لم أشعر بنفسي ولم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق، كنت أبحث عن شريكي في كل مكان، وصار شريط الذكريات يدور في مخيلتي، ولم أذق طعم النوم مرة ثانية، وفي لحظة ندمت، ولكن كلما أنظر للأسباب أرجع للصواب مرة أخرى، وسبب ندمي الرئيسي نظرة المجتمع لي وأنا مطلقة بعد شهرين من زواجي، وكلامهم عني وعن سمعتي، ولكن القرار جاء بعد استحالة العيش، وفي النهاية أنا مبسوطة به".

"أسعد يوم في حياتي"

أما الأمر لدى نسرين نبيل (30 عاماً)، مدرسة في حضانة، تسكن في القاهرة، فلم يأخذ شكلاً درامياً بل وصفته بأنه "أسعد يوم في حياتي"، تقول لرصيف22: "جسدي زقطط من الفرحة كونه لم يذق إلا طعم المرار والضرب المبرح، من زوج لا يعرف الإنسانية، ولا يدرك معنى المودة، والرحمة التي يقوم عليها الزواج السليم، بل كان لا يدرك سوى الضرب، فهو يعتبره وسيلة للتفاهم".

لم يكن قرار الطلاق لنسرين عفوياً، فقد قررت وخططت، انتظرت حتى تتوظف في "عمل مرموق"، لتحصل على راتب يكفيها هي وابنتها، تحسباً لرفضه الانفاق عليها وعلى ابنتها بعد الطلاق، لذا فور التوظيف قررت الطلاق.

تضيف نسرين: "جمعت ملابسي في شنطة سفر وتركته نائماً في الساعة السادسة صباحاً واصطحبت ابنتي معي، وذهبت لمنزل أهلي الذين لا يدركون مدى معاناتي معه، وبالفعل صادقوا على قرار الطلاق معي، وبعد معاناة عامين في المحاكم تم الطلاق، والرحلة الآن للمحاكم بسبب النفقة على طفلته".

"الليلة التي حصلت فيها على الطلاق كانت من أسعد أيامى، شعرت بأني امرأة تستحق من يحترمها، يحافظ عليها، يصونها، يدرك معنى الزواج والرجولة وأن يكون رجلي وأن أكون في حمايته، وأدركت أن قراري سليم، وانبعثت في قلبي طمأنينة لم أشعر بها منذ زواجي، واتخذت حينها من ابنتي حضناً ورفيقاً، واعتبرت نفسي من هذه الليلة الأم والأب معاً، إلى هذه اللحظة".

"شعرت بانكسار، وحسرة، وصعبت عليا نفسي".

على عكس نسرين، تقول علا رمزي (28 عاماً)، موظفة في أحد المصارف في القاهرة، لرصيف22: "شعرت بانكسار، وحسرة، وصعبت عليا نفسي".

"ليلة طلاقي كانت صعبة بالفعل، عندما قال لي المأذون: أعطي لنفسك فرصة يا بنتي، كنت متأكدة بيني وبين نفسي أن الأمر لم يحتمل فرصاً، ولكني شعرت بأن حياتي انتهت ولا يوجد حياة بعد الطلاق، لم أكن أعرف ما السبب في هذا الشعور، ولكني لم يكن لدي أي ملامح عن المستقبل".

"فكرت في الانتحار"

تتذكر نسرين تفاصيل يومها الأول بعد الطلاق، تحكي: " الطلاق كان ظهراً، وبعده قررت أن أقضي اليوم مع صديقاتي، وبالفعل أحدث الأمر فرقاً معي، بعد إقامة حفلة صغيرة من جهتهم لي كاحتفال بالطلاق، وبعد معاناة من شعوري بالضيق، بل وصل الأمر للرغبة في الانتحار بسبب نظرات الأهل والجيران لي وكأني ارتكبت جريمة لا تغتفر، إلى أن ذهبت للطبيب النفسي عقب الطلاق بفترة، وفقاً لنصيحة إحدى صديقاتي، وبالفعل، وبعد عدة جلسات معه شعرت بالتحسن، واستطعت أن أستكمل حياتي وأدركت أن الطلاق ليست نهاية بل بداية لحياة جديدة وفرصة لاستعادة التفكير".

"بلاش قلة حيا"، كلمة طرقت أذن علا مرات كثيرة لمجرد التفكير بأن تحكي لوالديها عن سبب طلبها للطلاق، تقول: "لم يكن الوالدان يدركان أن ضعف القدرة الجنسية لدى الرجل سبب كاف للمرأة لطلب الطلاق، على الرغم من تجميل السبب باختياري لكلمات موائمة للموقف والتقاليد والعادات ولكن لم يكن هناك فائدة، إلا أنه بعد تصميمي، تم الطلاق وسط عدم قبول منهما، فكان صعب علي عدم تعاطفهما معي، ولكن مع مرور الوقت استسلما لوجودي وللأمر ككل".

أزمات ما بعد الطلاق

علق الدكتور محمد مهدي، أستاذ الطب النفسي، أن الرغبة في الانتقام هي أول المشاعر التي تجدها عند معظم السيدات والرجال أيضاً، يقول لرصيف22: "عقب قرار الطلاق وعند وجود الأطفال، نجد أن المعظم يتجه إليهم كرغبة في الانتقام والمكايدة بهم، على الرغم من التحذير من استخدام الأطفال في هذه الأمور، لما له من عواقب نفسية عليهم".

"الليلة التي حصلت فيها على الطلاق كانت من أسعد أيامى، شعرت بأني امرأة تستحق من يحترمها، يحافظ عليها، يصونها، يدرك معنى الزواج والرجولة وأن يكون رجلي وأن أكون في حمايته"

يضيف مهدي لرصيف22: "المرأة بعد الطلاق تُعاني من الوصمة المجتمعية، وصعوبة استئناف الحياة مرة أخرى سريعاً، المحاذير التي يتم وضعها عليها بمجرد الطلاق، فنحن لدينا قسوة في التعامل داخل المجتمع مع المرأة المطلقة للأسف الشديد".

وأوضح مهدي أن المرأة بعد الطلاق تمر بعدة أزمات، أولها انعدام الثقة بنفسها، عدم رغبتها في الزواج مرة أخرى، خوفاً من الوقوع في نفس المشكلة، وأن تحصد اللقب للمرة الثانية، ويأتي هنا دور الأهل بأن يكونوا داعمين لها، وأن تقبل على ممارسة ما تتقنه لتحقق نجاحات، لتثبت لنفسها أنها قادرة على تحقيق شيء، وهذا ما يفسر لنا رغبة المرأة في التفوق والتعلم وممارسة الجديد عقب مرورها بأزمة الطلاق.

وينهي مهدي حديثه قائلاً: "إن الأمر سواء على المرأة أو الرجل فهو موجع، انتهاء حياة وأسرة، فيما يخص المرأة فقد أصبحت بلا رفيق، بالطبع يتم الأمر عندما يصل الطرفان لمحل مسدود، ولكن عليها أن تدرك أن فترة من حياتها قد انتهت لتبدأ فترة أخرى قد تكون أجمل مع إعادة حساباتها، مع التقرب إلى عائلتها وطلب المساعدة، وألا تخجل من ذلك".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard