شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
إيطاليا تضبط

إيطاليا تضبط "أكبر شحنة مخدرات بالعالم" قادمة من سوريا... لماذا الاعتراض على اتهام داعش؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 2 يوليو 202005:40 م

في أكبر عملية مصادرة على مستوى العالم لمخدرات الأمفيتامين أو ما يُعرف بحبوب الكبتاغون، ضبطت الشرطة الإيطالية شحنة من هذه المادة، قادمة من سوريا، تبلغ 14 طناً وتُقدّر قيمتها بمليار يورو في ميناء ساليرنو، جنوبي مدينة نابولي.

وبحسب صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، فإن الشحنة المؤلفة من 84 مليون حبة تم إخفاؤها في ثلاث حاويات لفائف ورقية معدة للاستخدام الصناعي وعجلات حديدية بطريقة تمنع الماسحات الضوئية من الكشف عما بداخلها من محتويات.

والأسطوانة الورقية الواحدة، وارتفاعها حوالي مترين وقطرها 140 سم، مصنوعة في ألمانيا، وتحتوي على حوالي 350 كيلوغراماً من أقراص الكبتاغون.

إيطاليا تتهم داعش

بحسب صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، بدأت القصة حين وصلت إلى الميناء ذاته قبل أسبوعين كمية صغيرة من حبوب الكبتاغون تم إخفاؤها بشكل سيئ في ملابس. حينها عرف رجال الشرطة أن هناك كميات أخرى في طريقها إلى إيطاليا، وبدأوا تحقيقاتهم في الأمر.

وأشارت "لا ريبوبليكا" إلى أن الشحنة الأولى لفتت انتباه رجال الجمارك لأنها كانت مرسلة من شركة سورية إلى ليبيا عبر شركة سويسرية، كذلك الحاويات الثلاث الجديدة التي تم احتجازها كانت مرسلة من قبل الشركتين ذاتهما، السورية والسويسرية.

بحسب ما أعلنه المحققون الإيطاليون، يقف تنظيم داعش خلف هذه الشحنة، من أجل تمويل أنشطته الإرهابية، معززين استنتاجهم بتوفر هذه المادة بقدر كبير المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا.

وقال المحققون إن حبوب الكبتاغون تنتشر على نطاق واسع بين مقاتلي داعش لمساعدتهم على عدم الشعور بالخوف والألم وبين المدنيين لأنه يقضي على الإرهاق.

وبينما ذكّرت الصحيفة بأن إنتاج هذه المادة كان يتم بشكل أساسي في لبنان كما انتشر على نطاق واسع في المملكة العربية السعودية في التسعينيات، لفتت إلى أنه تم العثور على هذه "المادة المدهشة" في مخابئ الإرهابيين المنتمين لتنظيم داعش، مثل مخابئ منفذي اعتداءات باريس عام 2015، خصوصاً قاعة الحفلات باتاكلان، ولهذا السبب تم تسميتها بـ "مخدر داعش" أو "جهاد المخدرات".

تفاصيل ضبط أكبر شحنة لمخدر "الكبتاغون" في إيطاليا بقيمة بمليار يورو... الشرطة تتهم داعش بإرسالها إلى المافيا الإيطالية، لكن الشكوك تحوم حول المتورط الفعلي

ومع ذلك، قالت صحيفة "لا ريبوبليكا " إن هناك توقعات بأن تنظيم إجرامي في أوروبا مرتبط بالمافيا له يد قوية في وصول هذه الشحنة إلى إيطاليا ثم التخطيط لتوزيعها في باقي دول القارة، لا سيما وأن التقارير تشير إلى تراجع نسبة إنتاج المخدرات فيها عقب تفشي فيروس كورونا.

ولفتت الصحيفة إلى أن الشرطة تحقق في الوقت الحالي لمعرفة هوية المتلقي الذي كان من المفترض أن يتسلم الشحنة في نابولي، إذ ثمة شكوك مرتفعة بأن شخصيات إيطالية على علاقة بهذه الشحنة.

التشكيك بالرواية الإيطالية

في المقابل، ووجهت رواية الشرطة الإيطالية حول المسؤول عن الشحنة بالشكوك، لا سيما من أطراف سورية معارضة.

المشككون في الرواية الإيطالية يعتبرون أن التنظيم ليس في قدرته إخفاء شحنة بهذا الشكل، ولم يعد يسيطر أساساً على مناطق جغرافية بهذا الحجم، فيما ظهرت آراء ترجّح أن يكون إعداد هذه اللفائف قد تمّ في مناطق الحكومة التي تسيطر على كل الموانئ بمساعدة روسيا والحرس الثوري الإيراني.

وفسّر هؤلاء رأيهم بالقول إن الوصول إلى هذه الموانئ بشحنات بهذا الحجم ليس بالأمر السهل، في ظل الحواجز السورية والكردية، فضلاً عن صعوبة عبور مينائَيْ اللاذقية وطرطوس حيث السيطرة التامة للنظام بمساعدة القوارب والطائرات من دون طيار الروسية.

ونشرت مواقع سورية مقطع فيديو يعود لفارس شهابي، عضو البرلمان السوري ورئيس اتحاد غرف الصناعة في سوريا، وهو يهنئ عضو مجلس إدارة غرفة صناعة حلب عبد اللطيف حميدة على افتتاح معمل جديد لإنتاج الورق الذي يشبه في الشكل إلى حد كبير الورق الذي تم ضبطه في إيطاليا.

ويؤكد المشككون في الرواية الإيطالية أنه لا توجد أية إمكانيات صناعية في مناطق المعارضة قادرة على توفير شحنة بهذا الحجم، ولا حتى داعش في عز قوته وسطوته كان يستطيع فعل ذلك.

من جهته، قال المحلل السياسي السوري عبدالله الغضوي: "حدا يخبر إيطاليا أن تنظيم الدولة الإسلامية داعش انتهى ككيان في سوريا والعراق... وليس لديه جغرافية ولا سيادة ولا مصانع للكبتاغون... حتى عمال صناعة الكبتاغون لا يوجد... أين صنعها وكيف صدرها!؟".

وأضاف المحلل السوري في تغريدة له: "يبدو أن إيطاليا تخجل من اتهام الأسد وحزب الله".

وقال المعارض السوري العميد ركن أحمد رحال في تغريدة له: "جميعنا يعلم عدم وجود موانئ تصدير لداعش، وجميعنا يعلم أن مصدر المخدرات الرئيسي بالشرق الأوسط هما نظام الأسد وحزب الله ... لماذا تخفي الحقيقة إيطاليا؟".

"حدا يخبر إيطاليا أن تنظيم الدولة الإسلامية داعش انتهى ككيان في سوريا والعراق، وليس لديه جغرافية ولا سيادة ولا مصانع للكبتاغون"... اعتراض على رواية الشرطة الإيطالية التي اتهمت داعش بتهريب 14 طناً من الكبتاغون من سوريا إلى إيطاليا، من دون "دليل فعلي"

وكتب المعارض السوري قتيبة ياسين في تغريدة له: "في كل شهر تُضبط مثل هذه الشحنة وبذات القيمة، سبق ضبط ذات الكمية في كل من الإمارات والسعودية ومصر جميعها قادمة من مناطق سيطرة الأسد فتخيل ما لم يُضبط، عندما نقول إنه نظام عصابة فنحن نصفه ولا ننعته".

بدوره، انتقد الباحث في "معهد الشرق الأوسط" وصاحب كتاب "الجهاد السوري: القاعدة، الدولة الإسلامية، وتطورات الانتفاضة" شارلز ليستر بيان الشرطة الإيطالية، مشاركاً ما جاء في "لاريبوبليكا" ومعلقاً بالقول: "ليس لدي أدنى فكرة عن الدور الذي تلعبه الشرطة الإيطالية، لكن يؤسفني القول إن الصحافة الكسولة التي تبحث عن عناوين رئيسية لا تساعد".

وسخر ليستر من "الدليل الوحيد" الذي تسوقه الشرطة الإيطالية لربط الشحنة بداعش، وهو القول إن الكبتاغون هو "مخدر داعش وبأن داعش موّل عملياته في الماضي بتهريب المخدرات".

كذلك، اعتبر ليستر أن لا قدرة لدى داعش حالياً على إنتاج هذا الكم من المخدرات، مشيراً في المقابل إلى الأراضي التي يسيطر عليها النظام السوري والتي "كانت مصنعاً كبيراً للكبتاغون ولتهريبه إلى المنطقة".

وذكّر آخرون بتصريح لوزير الداخلية الليبي في حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، في أيار/ مايو الماضي، اتهم فيه النظام السوري بتهريب المخدرات إلى العديد من الدول في المنطقة ومن بينها ليبيا، وذلك من خلال الموانئ التي يسيطر عليها في المنطقة الشرقية اللواء خليفة حفتر.

وبين الرواية الإيطالية والتشكيك بها، يمكن ذكر ما ختمت به "لا ريبوبليكا" تقريرها حول أن "قصة حبوب الكبتاغون لم تنته، فهي بالكاد بدأت". وربما تحمل الفصول القادمة من القصة المزيد من المعلومات عن الجهات التي تدير هذه العمليات بين الدولة المصدّرة وتلك المستوردة وما بينها دول العبور.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard