شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"من هو هذا الربّ الذي تؤمنون به؟"... حزن مضاعف على سارة حجازي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 16 يونيو 202001:41 م

مرّت أكثر من 48 ساعة على تداول خبر انتحار الناشطة المصرية المثلية الجنس سارة حجازي في كندا، ولا يزال "جدل" رحيلها مستمرّاً. فريقٌ يُحمّل الدولة المصرية والمجتمع المصري الذنب، وفريق منزعج من الترحّم على سارة، وآخر معترض على اعتبارها "بطلة".



بدأ آخر فصول حياة سارة حين رفعت علم قوس قزح في حفلٍ لفرقة مشروع ليلى في القاهرة، معلنةً مثليتها الجنسية. ثم اعتُقلت في تشرين الأول/أكتوبر 2017 وراحت تخوض رحلة اللا قبول في مصر. تعرّضت خلال فترة الاعتقال للتحرّش الجنسي من السجينات. وبعد خروجها عاشت في ظل ضغوط مجتمعية أجبرتها على السفر إلى كندا. وهناك وضعت حداً لعزلتها. 

قالت في رسالتها الأخيرة، وفقاً لأصدقائها:
 ‏إلى إخواتي: حاولت النجاة وفشلت، سامحوني.
إلى أصدقائي: التجربة قاسية وأنا أضعف من أن أقاومها، سامحوني.
إلى العالم: ‏كنت قاسياً إلى حد عظيم، ولكني أسامح. 

اللافت أن قسوة العالم لم تخفّ حتى بعد رحيلها، بل زادت. وهذا ما دفع العديد من الشخصيات العامّة للتعليق على الأمر، آخرهم حامد سنّو، عضو فرقة مشروع ليلى المثلي الجنس الذي نشر في 15 حزيران/يونيو مقطع فيديو وهو يغنّي كلمات سارة الأخيرة على انستغرام: "السما أحلى من الأرض! وأنا عاوزة السما مش الأرض".

أرفق سنّو، المقيم في نيويورك، الفيديو برسالة مطوّلة، مما جاء فيها:

 "لم أستطع التعبير عمّا أفكّر به منذ رحيل سارة. دائماً أعجز عن التعبير بسبب الطعنات المستمرة. وقد يكون هذا سبب عدم تمكني من كتابة أغنية طوال سنوات. لاحظتُ أن هناك الكثير ممن ينتظرون تعليقاً منّي على رحيل سارة، لكن ماذا سأقول الآن غير الذي كنت أقوله لسنوات مضت؟ وهل يؤثر رأيي بكلّ الأحوال؟ 

كثيرون تطرّقوا إلى أن سارة عانت تعباً نفسياً (وأنه قادها إلى الانتحار). لكن المرض النفسي لا يأتي من فراغ، بل من عنف. وُلدنا هكذا، وحملنا التجارب الصعبة معنا أينما ذهبنا. معدلات وفاة 'الأقلية' أعلى من غيرها. هذا ما تفعله هذه التجارب بنا، وبأجسادنا. هذا ما يفعله الكره بنا.

نقضي الجزء الأول من حياتنا في بلداننا، نُطالب فيه بالحرية، ثم نقضي الجزء الثاني بعيداً عن بلداننا حيث وُعدنا بالحرية، لنجد أنفسنا متعبين.  

"من هو هذا الربّ الذي تؤمنون به والذي يمكن أن يخلق شخصاً أو أي شيء آخر بشكل غير مثالي؟ من هو هذا الرب الذي يتغاضى عن هذه الكراهية؟ من هو هذا الرب الذي يريدك أن تُصحح خلقه؟"... حزن مضاعف على سارة حجازي

لقد خُدعت بتفاؤلي. اعتقدت أن الموسيقى قد تغيّر العالم. اعتقدت أن محاربتي العنصرية والذكورية والرأسمالية وغيرها قد تجعل الناس ينظرون إليّ كإنسان. ينظرون إلينا كبشر. دم سارة على يديّ، تماماً كما هو على يديك. كان يجب أن أكون أنا في السجن بدلاً منها. 

أعتذر إذا كنت قد أعطيت أحداً أملاً بأن يتم النظر إلينا كبشر... ولكن الحقيقة أنهم ينظرون إلينا دائماً كبشر ولهذا يقومون بقتلنا، اعتقاداً منهم أنه أمر من الله.

لا أعلم ما الذي يمكن أن أفعله بالتعليقات الكارهة التي قرأتها في اليومين الماضيين. نعيش في مجتمع يعتقد أنه يمكن أن يتحدث باسم الله. مجتمع يعتقد أن بإمكانه تصحيح خلق الله. مجتمعنا يقتل الأبرياء ويبصق على قبورهم حتى قبل دفنهم. لم يحثّنا الله على أي من هذا. ولا ينتمي هذا إلى أيّ من الأديان. 

من هو هذا الربّ الذي تؤمنون به والذي يمكن أن يخلق شخصاً أو أي شيء آخر بشكل غير مثالي؟ من هو الرب الذي يتغاضى عن هذه الكراهية؟ من هو الرب الذي يريدك أن تُصحح خلقه؟

إلى أفراد مجتمع الميم الذين يتابعونني، خلقكم الله كما خلق كل من حولكم. أنتم مثاليون. جميلون. أنتم محبوبون وتستحقون الأفضل".

"ممكن غلطت مع بنات بس منمتش مع راجل"

في مقلب آخر، صُدم العديد من روّاد التواصل من الموسيقي المصري إسلام شيبسي الذي كتب في منشور على فيسبوك: "أي حدّ عندي بأيّد المثليين والملحدين وبقول دي حرية شخصية أو حرام نظلمهم، يمسح نفسه من عندي. الإلحاد كفر والمثليين والشذوذ الجنسي من الكبائر. معنديش كلام تاني. لو شايف إن كلامي عنصرية أو تخلّف غور من عندي في 60 داهية". 

وتراجع شيبسي عن المنشور وحذفه، وكتب عبر حسابه على انستغرام: "أتمنى تسامحوني عشان أنا عمري ما كان في قلبي كره أو عنصرية لأي إنسان على وجه الأرض". 

وأرجع بعض متابعيه هذا التحوّل في الرأي إلى أنه متخوف من عدم إحيائه حفلات في أوروبا على خلفية موقفه. 

وكان شيبسي قد كتب: "أنا ممكن أكون مش بصلي بانتظام بس ما كفرتش بربنا. وممكن أكون غلطت مع بنات بس منمتش مع راجل أو قتلت أو سرقت".

"نقضي الجزء الأول من حياتنا في بلداننا، نُطالب فيه بالحرية، ثم نقضي الجزء الثاني بعيداً عن بلداننا حيث وُعدنا بالحرية، لنجد أنفسنا متعبين"... حامد سنّو يكتب عن رحيل سارة حجازي

وعلّق كثيرون على رحيل سارة، منهم الممثل عمرو واكد الذي كتب: "انتحار سارة حجازي مؤلم جداً. كل واحد ساكت عن الحق شارك في الضغط عليها للانتحار. مش النظام بس اللي مسؤول عن فقدانها للأمل هي وكل اللي حقهم مسلوب. المسؤولية تقع على كل واحد شايف الظلم وساكت. ربنا ينتقم من كل واحد مش هامه إلا نفسه". 

وكتبت الفنانة اللبنانية كارول سماحة: "آه من قساوة هذا العالم وقساوة البشر". وتساءلت الإعلامية علا الفارس: "من يعيشون دور أولياء الله في الأرض، إلى متى؟ ناس ما بتعجبك، بتختلف عنك ما تحتك فيها... ما تلحقها بكل مكان لتبث سمومك وقرفك.. إتركوا البشر بحالهم". 

وتعرّض المخرج والممثل الكويتي لهجوم حاد من بعض متابعيه عقب قوله: "لكِ الجنة ولهم الجحيم إن شاء الله". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard