شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"لماذا تهجرني؟"... قصص جزائريات مع المرض وأزواجهن

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 29 مايو 202004:08 م

"كانت علاقتي به متوترة من الأصل، كان يُريد أن يضع حداً لزواجنا، بعد حملي للمرة الثالثة ومرور خمس سنوات على زواجنا الباعث للملل، واتسعت الهُوة بيننا كثيراً بعد إصابتي بورم خبيث على مستوى الرأس، حينها كنت أظن أنه سيشفق علي، وتتغير معاملته معي، لكن للأسف لم يتغير أي شيء، بل أصبح يهددني بالزواج ويضربني بشكل يومي".

تروي نور، شابة في العقد الثالث من عمرها، أم لثلاثة أطفال، بنتان وولد في الرابعة من عمره، من بومرداس، الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائر، لرصيف22 حكايتها: "علاقتي بزوجي توترت على نحو كبير بعد مرور خمس سنوات على زواجنا، خاصة بعد تغير مظهري وشكلي بسبب إصابتي بالورم، فأصبحت بدينة، وفقدت رشاقتي التي كان يحبذها في البداية، حتى أنني صرت أتلعثم في الكلام، ولم أعد أقوى على المشي، وهو الوضع الذي لم يتقبله زوجي، وصار ينفر مني حتى في فراش الزوجية".

"زوجي يرفض علاجي"

"صار يضربني ويهينني أمام أولاده وأهله وأقاربه، ويهددني كل مرة بالزواج مرة أخرى"، تقول نور، وتتذكر حادثة مؤلمة وقعت لها منذ عامين: "ذهبت برفقته إلى بيت أهله لقضاء عيد الأضحى المبارك، حينها شتمني وضربني وأنا داخل الحمام، وقايضني بتوقفي عن العمل أو الطلاق".

اضطرت نور للتخلي عن وظيفتها رغم ظروفها المريحة، والراتب المجزي، حرصاً منها على تماسك الأسرة، وتضيف: "هذا الشرط لم يغير الأوضاع بل ازدادت العلاقة سوءاً بيننا بمرور الوقت، ولم يعد يهمه وضعي الصحي، ويرفض علاجي، ودعمي لمواجهة المرض وإمكانية التغلب عليه، رغم أن الأمل بشفائي جد ضئيل".

"علاقتي بزوجي توترت على نحو كبير بعد مرور خمس سنوات على زواجنا، خاصة بعد تغير مظهري وشكلي بسبب إصابتي بالورم، فأصبحت بدينة، وهو الوضع الذي لم يتقبله زوجي، وصار ينفر مني حتى في فراش الزوجية"

وتقول نور: "أصبح يرفض أخذي للطبيب، وأبلغني بأنه سيعيد الزواج، وخيرني بين البقاء أو الذهاب"، فقررت نور العزلة، بعد أن شعرت بالنبذ، وعدم تقبل زوجها لشكلها، خاصة بعد أن أصبحت تتعثر في مشيتها، وتسقط على الأرض كثيراً، وتقضي يومها نائمة في السرير.

تنهي نور حديثها، مقارنة بين حياتها قبل، وبعد المرض: "حياتي انقلبت رأساً على عقب، بعد أن كنت مهووسة بشكلي وأناقتي، والاهتمام بعلاقتي بزوجي بشكل كبير، خاصة وأنه لم يمر على زواجنا كثيراً، فلقد تزوجنا زواجاً تقليدياً، لكنني تعلقت به وأحببته كثيراً، لكن السرطان غير مظهري وشكلي، وصار زوجي يمقتني كثيراً".

"طردني ليتزوج بأخرى"

حميدة، كاتبة وروائية في العقد الرابع من عمرها، أم لطفل، وهي واحدة من السيدات اللواتي هجرهن أزواجهن، حتى أنه لم يعد ينفق عليها، وتركها تصارع المرض وحيدة برفقة ابنها الوحيد، وأصبحت تعيش، وتتعالج من الصدقات اليومية.

تقول حميدة لرصيف22: "اتسعت الفجوة بيني وبين زوجي منذ إصابتي بورم خبيث شوّه وجهي، فتغير مسار زواجنا، وصار ينفر مني ولا يمارس معي أي علاقة حميمة"، وتضيف: "تفاقمت المشاكل بيننا، وصار لا يأتي إلى المنزل ويزورنا مرة في الشهر، وعندما يزورنا يقوم بضربي".

وتشير حميدة إلى أنها كانت تذهب وحيدة لجلسات العلاج الإشعاعي، وهو ما أثر على نفسيتها وأضعف مناعتها، كما أن معاملتها مع ابنها الوحيد تغيرت وصارت تسيء معاملته كثيراً، وتُضيف أن زوجها حاول طردها من مسكنها العائلي حتى يتسنى له الزواج مرة أخرى.

لا يختلف حال حميدة كثيراً عن سمية، شابة جزائرية في العقد الرابع من عمرها، من باب الوادي، أعالي العاصمة الجزائر، لم تكن تتخيل يوماً أنها ستلتقي بفارس أحلامها، لكن شاءت الأقدار أن تُصاب سمية بورم خبيث أطفأ فرحتها، وسكب على سعادتها رماداً.

"أنتظر لحظة موتي"

تحكي سمية لرصيف22: "قرب عرسي وكان كل يوم يمرّ علي تكبر سعادتي أكثر، إلى أن حلّ ذلك اليوم الاستثنائي، الجميع يحومون حولي في انتظار وصول سيارة جميلة تُغطيها الورود، أتممنا مراسيم الزفاف وسط زغاريد النساء، واتجهنا نحو تركيا لقضاء شهر العسل، لكن وقع ما لم يكن في الحسبان، ففي ليلة الدُخلة أُصبت بدوار وسقطت أرضاً، حينها أخذني زوجي إلى أحد المستشفيات هناك، ونصحوني بإجراء سلسلة من التحاليل، فاضطررنا للعودة إلى الوطن".

تقولُ سمية: "لما عدت إلى الوطن أجريت سلسلة من الكشوفات والتحاليل، وثبتت إصابتي بورم قاتل، لم أكن خائفة كثيراً بل بالعكس رضيت بقضائي وقدري، وقررت أن أعيش ما تبقى من عُمري سعيدة مع زوجي، لكن ما وقع كان العكس، حيث تخلى عني وأعادني إلى بيت أهلي، رفض حتى التكفل بمصاريف علاجي أو السؤال عن حالتي، واتهمني بالكذب عليه، حيث كان يتخيل له أنني كنت على علم بمرضي وأخفيت الأمر عنه، ومنذ ذلك اليوم وأنا أتألم بصمت".

ويُعتبر تدهور الوضع الصحي للمرأة الجزائرية، من أبرز العوامل الجديدة التي ساهمت في رفع نسب الطلاق في السنوات الأخيرة، إضافة إلى عوامل أخرى، كمواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت.

"الكثير من النساء اللواتي يصبن بأمراض مزمنة، كسرطان الثدي وعنق الرحم والقصور الكلوي والربو وغيرها من الأمراض المزمنة، لا يحظين بدعم أزواجهن، وأغلبهم يقررون التطليق أو التعدد بفتاوى دينية تحل لهم ذلك، بعد ثبوت عجز المرأة"

وكشفت أرقام رسمية عن ارتفاع معدلات الطلاق في السنوات الخمس الأخيرة بالبلاد، حيث تجاوزت 68 ألف حالة سنوياً، وهو الرقم الذي وصفه حقوقيون ومحامون بـ "المقلق" و"المخيف جداً".

في هذا السياق، تقول رئيسة مكتب العاصمة لجمعية حورية للمرأة الجزائرية، دليلة حسين، لرصيف22: "إن الكثير من النساء اللواتي يصبن بأمراض مزمنة، كسرطان الثدي وعنق الرحم والقصور الكلوي والربو وغيرها من الأمراض المزمنة، لا يحظين بدعم أزواجهن، وأغلبهم يقررون التطليق أو التعدد بفتاوى دينية تحل لهم ذلك، بعد ثبوت عجز المرأة".

و انتقد البروفيسور ديلام، المختص بعلاج سرطان الثدي بمركز "بيار وماري كيري" في العاصمة الجزائر، بحسب صحف محلية، الفتاوى التي تُتيح لزوج التخلي عن زوجته وتركها في منتصف الطريق، تصارع المرض والتوتر والقلق النفسي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard