شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"أسوأ من أي شيء اختبرته في سوريا"... شهادة سوري حول قتاله في ليبيا والدور التركي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 26 مايو 202008:12 م

"قالوا لي إنني سأنضم إلى خط الدعم أو الوحدات الطبية. لكن القتال هنا أسوأ من أي شيء اختبرته في سوريا. جميعها معارك قريبة في شوارع ضيقة".

هكذا قال الشاب السوري وائل عمرو (22 عاماً) مستعرضاً لصحيفة "الغارديان" البريطانية مشاركته في القتال بليبيا لمصلحة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً والمدعومة من تركيا.

كان عمرو يحلم بالسفر جواً لتمضية إجازة رائعة خارج مدينته إدلب حيث يستمر القتال بين المعارضة السورية وقوات نظام الرئيس بشار الأسد. لكن رحلته الجوية الأولى كانت من تركيا (دخلها عبر الحدود في آذار/مارس الماضي) إلى ليبيا حيث يقاتل حالياً في الخطوط الأولى الخطرة في حرب بالوكالة.

"بعض السوريين هنا من أجل المال، آخرون يقولون إنهم يدعمون الليبيين ضد الاستبداد. لكني شخصياً لا أعرف لماذا طلبت تركيا من المعارضة السورية القتال في ليبيا. لم أكن أعرف أي شيء عن هذا البلد باستثناء الثورة ضد (العقيد معمر) القذافي"، أضاف عمرو.

تركيا وحلم الـ"الوطن الأزرق"

يقاتل عمرو مع عدد كبير من مواطنيه على بعد ألفَي كيلومتر من وطنهم كمرتزقة في ليبيا بسبب خطة تركيا المتطلعة للسيادة الجيوسياسية في شرق البحر الأبيض المتوسط، والمعروفة بـ"الوطن الأزرق" (mavi watan بالتركية)، حسب "الغارديان".

يتعلق المشروع الذي يعود لـ14 عاماً بالصراع الطويل الأمد مع اليونان على قبرص المقسمة والمنافسة مع أثينا والدول المجاورة (مصر وإسرائيل ولبنان) في مجال حقوق التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط. غير أن الصراع بلغ ذروته خلال الحرب الأهلية الليبية التي اجتذبت العديد من القوى الأجنبية.

في نهاية عام 2019، ومع إدراكه أن قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر الذي شن هجوماً للسيطرة على العاصمة في نيسان/أبريل من العام نفسه، على وشك الاستيلاء على طرابلس، قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخطوة جريئة إذ أعلن دعمه العلني لحكومة "الوفاق"، وتوقيع اتفاقات جديدة بشأن الحدود البحرية والتعاون العسكري بين الحكومتين.

"حكومة الوفاق الوطني كانت تفتقر إلى الدعم العسكري والدبلوماسي، لكنها لا تفتقر إلى أموال النفط حتى الآن. كانت هذه خطوة ذكية من جانب أنقرة: من خلال دعم طرابلس، تتطلع تركيا إلى استرداد مليارات الدولارات من عقود البناء غير المكتملة التي وقعت في عهد القذافي، وإلى أن تغدو الخيار الأول عندما يتعلق الأمر بإعادة الإعمار المطلوبة بعد هذه المعركة من القتال"، حسب ما قال مدير معهد "صادق" البحثي الليبي أنس القماطي للغارديان.

"قيل لي سأكون في خط الدعم والوحدات الطبية. لكن الوضع هنا لا يشبه أي شيء اختبرته في سوريا"... شهادة شاب سوري نقل من تركيا للقتال كمرتزقة في ليبيا تكشف الخديعة التي تعرض لها، كما نقلت "الغارديان" 

الصحيفة البريطانية اعتبرت أن مغامرة أردوغان الأخيرة (في ليبيا) أتت بثمارها على الرغم من أن أنقرة باتت معزولة على المسرح العالمي، عدا أن التدخل في ليبيا لا يحظى بشعبية كبيرة لدى الناخبين الأتراك.

تمكنت قدرات تركيا الاستطلاعية وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار الخاصة بها، علاوةً على القوات التركية والمقاتلين السوريين في الميدان، من لجم مكاسب قوات حفتر بشكل مطرد منذ كانون الثاني/ يناير الماضي. في الأسبوع الماضي مثلاً، ساهمت في الاستيلاء على قاعدة جوية رئيسية من قوات حفتر التي أعلنت انسحاباً جزئياً من الخطوط الأمامية لطرابلس.

سُجّل حينذاك انسحاب مقاتلين روس متحالفين مع الجيش الوطني الليبي مع عتادهم الثقيل من العاصمة عبر مطار بلدة بني وليد إلى الجفرة (منطقة نائية في وسط البلاد ومعقل لقوات حفتر)، وفق ما صرح به رئيس بلدية بني وليد سالم عليوان لرويترز.

في حين قالت القوات التابعة لـ"الوفاق" لاحقاً إن "سبع طائرات شحن عسكرية تحمل كميات من الذخائر والعتاد العسكري وصلت إلى بلدة بني وليد، ونقلت مرتزقة فاغنر الفارّين"، مقدرةً عددهم بـ"حوالى 1600 مرتزق".

محاولات عرقلة "مسيرّة إماراتياً"

في 25 أيار/ مايو، أفصحت عدة وسائل إعلام عالمية وعربية عن تقارير/ رسائل أممية تكشف عن جهود إماراتية وروسية لدعم حفتر من ناحية ومواجهة التدخل التركي في ليبيا وعرقلته من ناحية أخرى.

كشف أحد هذه التقارير عن "مهمة سرية مكونة من 20 مرتزقاً من قوات غربية تابعة لشركات خاصة مُسيّرة إماراتياً، انتقلت إلى ليبيا من العاصمة الأردنية نهاية حزيران/ يونيو عام 2019، تحت مسمى ‘بعثة علمية‘ كلفها الأردن رسمياً إجراء أبحاث علمية في ليبيا".

لكن وكالة الأنباء الألمانية أوضحت أن هذه البعثة لم تكن سوى فريق يتولى مهمة عسكرية هدفها "عرقلة سفن التموين التركية التي تزود قوات ‘الوفاق‘ المعدات العسكرية".

ويعتقد الخبراء الأمميون أن هدف المهمة كان "إنشاء قوة هجومية بحرية باستخدام الزوارق السريعة وطائرات الهليكوبتر الهجومية التي تصعد إلى السفن التجارية وتفحصها، كجزء من عملية أكبر تتضمن نشر قوات كوماندوز تراقب وتدمر أهداف العدو (قوات حكومة الوفاق)"، وفق ما نقلت "نيويورك تايمز".

بحسب التقرير الأممي الصادر في 80 صفحة انتقل أعضاء المهمة إلى بنغازي عبر العاصمة الأردنية عمان في طائرات شحن وعُرّف عنهم بأنهم"علماء" من أجل التغطية على الأنشطة الحقيقية للمهمة. كما أشار إلى أن التخطيط لإرسال فريق المهمة نفذته شركات مركزها في الإمارات، منها "لانكاستر 6" و"أوبوس كابيتال أسات".

عبر تهريب طائرات وأسلحة ومرتزقة من جنسيات عدة ومن خلال دعم سياسي وإعلامي… تقارير ورسائل أممية تكشف المحاولات الإماراتية والروسية لمواجهة التدخل التركي في ليبيا وسبل تعزيز قوات حفتر

لفت التقرير أيضاً إلى تدبير هذه الشركات ست طائرات مروحية لنقل البعثة من جنوب أفريقيا في حزيران/ يونيو عام 2019 إلى بوتسوانا ثم إلى بنغازي، قبل إلغاء المهمة وتحوّل أعضائها رسمياً من "علماء" إلى "عمال نفط".

وبيّنت "نيويورك تايمز" الأمريكية أن مرتزقة في عداد أفراد المهمة جاءوا من جنوب أفريقيا وبريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة، وكان مقرراً أن يشاركوا في القتال إلى جانب حفتر مقابل 80 مليون دولار أمريكي، وأن نزاعاً بين الطرفين "على جودة الطائرات" التي جلبوها معهم، عقب أربعة أيام من وصولهم إلى ليبيا، دفع بهم إلى المغادرة بزورقين سريعين (أحضروهما معهم) بحراً نحو مالطا. وحدث أن تعطل أحدهما فتركوه خلفهم.

وفي تقرير ثانٍ، قالت "الجزيرة" القطرية إنها اطلعت عليه، وُجّه الاتهام للإمارات بالالتفاف على قوانين حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، المفروض منذ عام 2011، عبر رحلات جوية منتظمة منذ منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي، من الإمارات إلى الشرق الليبي استخدمت فيها طائرات مسجلة بشكل رئيسي في كازاخستان.

تحدث التقرير كذلك عن "جسر جوي خفي مخطط له قيد التشغيل بين الإمارات وليبيا، يعتقد أنه يمر بمدينة سيدي براني المصرية الساحلية القريبة من الحدود مع ليبيا".

روسيا أكثر تدخلاً؟

تقرير أممي ثالث، كشفت عنه "الجزيرة" أيضاً، أبرز فيه خبراء أمميون تلقي حفتر دعماً روسياً تمثل في تزويده تحليلاً سياسياً للأوضاع، وتقديم توصيات تعزز نفوذه، لا سيما إعلامياً، بالإضافة إلى تنظيم مفاوضات بين الجنرال الليبي وأطراف ليبية أخرى.

وسلط التقرير الضوء على رفض حفتر السماح للخبراء الروس بأي عمل "ذي مغزى" أو المشاركة في "صنع القرار الرئيسي".

وفي 26 أيار/ مايو، ذكرت القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) أن روسيا التي تنفي أي دور في ليبيا أرسلت أخيراً مقاتلات إلى ليبيا لدعم المرتزقة الروس الذين يقاتلون إلى جانب حفتر، في تصعيد كبير في النزاع القائم هناك، موضحةً أن المقاتلات غادرت روسيا وتوقفت أولاً في سوريا إذ "أعيد طلاؤها لتمويه أصلها الروسي" وصعوبة التعرف عليها قبل وصولها إلى ليبيا.

ويتسق الإعلان الأمريكي مع تصريح وزير الداخلية في حكومة "الوفاق" فتحي باشاغا قبل أيام بأن روسيا أرسلت ثماني مقاتلات على الأقل تعود إلى العهد السوفياتي من قاعدة حميميم في سوريا إلى ميليشيات حفتر، من بينها ست طائرات من طراز "Mig-29" واثنتان من طراز "Su-24".

بالعودة إلى التقارير الأممية الخاصة بالتدخل الروسي والإماراتي، فإنها تلت تقريراً أممياً صدر في وقت سابق من الشهر الجاري، ووثق فيه خبراء المنظمة الدولية للمرة الأولى حشد مئات المرتزقة التابعين لـ"مجموعة فاغنر" الروسية المعروفة بقربها من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وآخرين سوريين أتوا من دمشق، كـ"قوة فعالة مضاعفة" لدعم قوات حفتر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard