شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"خدعة تهكمية أخرى"... مشاركة 3 فلسطينيين في إيقاد "شعلة" إسرائيل وبروباغندا كورونا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 14 أبريل 202004:55 م

من 12 شخصاً وقع عليهم الاختيار لإيقاد شعلة ما يسمى بـ"استقلال إسرائيل"، استقرت لجنة الرموز والطقوس التي تترأسها وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريغف على ثلاثة من أصل فلسطيني هم ياسمين مزّاوي وأحمد بلاونة وهشام إبراهيم، وهذا ما أثار ردود فعل فلسطينية مستاءة.

وفي الخامس من أيار/مايو، بحسب التقويم العبري، من كل عام، يحتفل الإسرائيليون بـ"يوم الاستقلال" (يوم هعتسماؤوت) الذي يوافق ذكرى الإعلان عن قيام "الدولة" عام 1948، ويعدّ إيقاد الشعلة في 29 نيسان/أبريل الجاري خلال مراسم على جبل هرتزل بمثابة افتتاح للاحتفالات بعيد "الاستقلال" الـ72.

وذكر حساب "إسرائيل بالعربية"، التابع للخارجية الإسرائيلية، أنه في "تمثيل مشرف للمواطنين العرب بين موقدي الشعلة في عيد استقلال دولة اسرائيل الـ72، تم اختيار أحمد بلاونة وياسمين مزاوي والعقيد هشام إبراهيم ابن الطائفة الدرزية".

وبلاونة هو ممرض في قسم معالجة مرضى الكورونا في مستشفى بوريا قرب طبريا وينحدر من قرية وادي الحمام في الجليل.

وعلاوةً على كونه أحد الممرضين المتفوقين في المستشفى، ومن مؤسسي هيئة جراحة القلب فيه، فقد كان في عداد الطاقم الطبي الذي عالج أول مريض كورونا في إسرائيل.

الضابط في جيش الاحتلال برتبة عقيد، هشام إبراهيم، وقع الاختيار عليه لأنه "ضابط متفوق ومثال لدور الجيش كجيش شعب يوفر الفرصة لجميع المنتسبين إليه، ويمثل العلاقة العميقة بين الدولة وأبناء الطائفة الدرزية"، بحسب لجنة الاختيار. 

أما مزّاوي (21 عاماً) التي تعيش في نوف هجليل (الناصرة العليا)، وتعود أصولها إلى مدينة الناصرة الفلسطينية، فهي مسعفة متطوعة في الخدمة المدنية الإسرائيلية لمواجهة تفشي فيروس كورونا. وتشارك في إيقاد الشعلة ممثلةً طواقم الإنقاذ في نجمة داوود الحمراء، المؤسسة الطبية الإسعافية الأبرز في إسرائيل.

"شهادة تقدير لعرب إسرائيل"

في تعليقها على خبر اختيارها، قالت مزاوي لهيئة البث الإسرائيلي (مكان): "شعور رائع. فخر كبير. فرحانة كثيراً. مؤثر جداً أن أمثل نجمة داود الحمراء وكل المتطوعين والعاملين فيها".

وبسؤالها عن شعورها حيال إيقادها "شعلة استقلال دولة إسرائيل" قالت: "أنا بتخيل أو بآمن أن هاي الشعلة هي شعلة قيم. قيم اللي كبرت عليهن بالبيت من أنا وبنت صغيرة، واللي كمان قريبة كتير لقيم نجمة داود الحمراء".

وزادت: "قيم مثل مساعدة الآخر فش ولا أي تفرقة بين شخص وآخر بين ديانات أو لون. ولهذا أنا كتير فخورة ومبسوطة لهذا الاختيار".

وأضافت: "برأيي وأنا بآمن أن إحنا كوننا مواطنين في ‘دولة‘ إسرائيل بيهم كتير كل ما يخص التعايش مع بعض. عنّا جيران اللي هن شعب يهودي وعنّا جيران عرب. كتير مهم ونعرف ونفهم الآخر".

وقال بلاونة إن اختياره كان "قراراً مفاجئاً ومحترماً وله معانٍ كثيرة"، في ما يتعلق بتكريم الأطقم الطبية المشاركة في مواجهة تفشي كورونا.

وعن شعوره حين تلقى القرار، قال: "انبسطت كتير. الإشي مش هوين (...) هذا يضعني بمنصب كتير عالي. أنك تتقبل هذا القرار مش هوين كتير".

ثلاثة مواطنين من أصل فلسطيني يشاركون في إضاءة شعلة "استقلال إسرائيل"، اثنان منهما أعربا عن "سعادتهما وفخرهما" لمنحهما هذا "الشرف"... وردود فعل فلسطينية مندّدة

وأضاف: "كتير اتفاجئت وانبسطت وشجعتني. ولحد هاي اللحظة كل الناس اللي اتصلوا لي هنّى كتير مبسوطين بهاد القرار. وبيحكوا لي إنو بيطلع لي هاد الإشي. الوالدة اتصلت فيني وكانت مبسوطة كتير كتير واتمنت لي النجاح"، لافتاً إلى أن "أغلب الجهاز الطبي من الأطباء والممرضين هنّى من العرب" وأنه "ولا مرة حسينا أنو فيه فرق بين عربي ويهودي من ناحية الشغل في المستشفيات".

وختم: "حسب رأيي، اليوم الدولة وصلت لمرحلة أنها بتعطي تقدير للعرب على الأشياء اللي بتعملها العرب في الصفوف الأمامية... شهادة تقدير واحترام للأشياء اللي إحنا بنعملها".

استياء فلسطيني

عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعرب الكثير من المعلقين الفلسطينيين والعرب عن استيائهم لهذه المشاركة العربية، متسائلين "هل كانت إسرائيل موجودة بالأساس حتى يقام لها عيد استقلال؟".

في حسابه الفيسبوكي، كتب الصحافي والباحث في مركز "مسارات" للدراسات الإستراتيجية رازي نابلسي: "المُمرّضة ياسمين مزّاوي هي الصهيونيّة من أصول عربيّة اللي رح تولّع شُعلة استقلال إسرائيل هذا العام. هيك الخبر لازم يكون".

من جهتها، قالت مديرة موقع وصحيفة "الاتحاد" الصادرة في حيفا ريم حزان لرصيف22: "كل سنة ‘تفاجئنا‘ وزارة الثقافة (الإسرائيلية) باختيارها للعربي المناوب في دور ‘العربي الجيّد‘. هذا العام، تستغل إسرائيل أزمة الكورونا لتختار ممَرضَين عربيَين – مستغلة عطاء الطواقم الطبية لتجميل صورتها البشعة سياسياً وإنسانياً أمام نفسها والعالم".

"طقوس رخيصة" ومحاولة لـ"تطهير الذات"... تنديد بمشاركة فلسطينيين في إيقاد "شعلة الاستقلال" بينما يصر الاحتلال على مشاركة عرب في احتفالاته السنوية، مستفيداً هذا العام من الطواقم الطبية لتجميل صورته  

واستطردت: "لا أقلل من شأن العمل الإنساني المهني للطواقم الطبية بغض النظر عن أعراقهم في هذه الأزمة – وهذا يجب أن يكون مفهوماً ضمنًا(!)، إنما هذه خدعة تهكمية أخرى في وجه ما تعنيه ديمقراطية حقيقية وحقوق وقيم العدالة الاجتماعية وخاصة في حالة الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل".

وأضافت: "لا يمكن التغاضي عن موافقة هؤلاء الأشخاص، فوزارة الثقافة يمكن أن تعرض عليك هذا ‘الشرف‘ وبوسعك دوماً الرفض ولو كنت يهودياً. وعليهم ألا يشاركوا في مثل هذه المنصة التي تريد محونا كشعب ومواطنين".

ونبهت إلى أن "الأمر في النهاية قضية مواقف سياسية من حكومة إسرائيل وممارساتها وليس وظيفة ومنصباً وتشجيعاً. وهذا ما يجب أن يعيه هؤلاء. هم جزء من جماهير التي ما زالت تناضل من أجل العدالة والحقوق الجماعية، والتي لا ينتهي نضالها عند أي مكسب أو إنجاز فردي، حقيقياً كان أو زائفاً".

وختمت: "نريد لشبابنا أن يتماهى مع قضاياه بالموقف الوطني الذي يرى نفسه جزءاً من قضية أكبر لا يمكن لأصغر شعلة إسرائيلية في هذا السياق أن تكون لمصلحتها".

وبالنسبة لميسان حمدان، وهي إحدى ناشطات حراك "ارفض، شعبك بيحميك" الفاعل ضد التجنيد الإجباري للفلسطينيين الدروز في جيش الاحتلال، فـ"هناك حتميّة لوجود شخص فلسطيني درزي في هذا الطقس دائماً. الشيء الذي تطمح دولة الاحتلال لإبرازه بحيث تغطّي على ارتكابها لسياسيات قامعة تجاه الشعب الفلسطيني ككل، وتظهر للعالم أنه حتى مؤسسة الجيش هي مؤسسة لا تفرّق بين مواطنيها بينما بتخفي أنها فرضت التجنيد على الدروز بالقوة وصادرت معظم أراضيهم كغيرهم من الفلسطينيين، ومع الوقت جعلت من بعضهم خادمين يستجدون منها الصورة الحسنة".

وأردفت حمدان في حديثها لرصيف22: "الاحتلال يسعى دائماً وأبداً إلى تجميل صورته أمام العالم، وهذا يحصل بالضرورة عندما يتكّئ على وجود الفلسطينيين في الداخل".

"طقس تطهير الذات"

في سياق متصل، قال الكاتب والصحافي الفلسطيني ربيع عيد لرصيف22: "لا داعي للمفاجأة حيال هذه الخطوة، فهي ليست أول مرّة يتم اختيار عرب لإيقاد شعلة استقلال إسرائيل، إذ أصبح ذلك طقساً تقوم به إسرائيل لـ‘تطهير الذات‘ من جريمتها الكبرى عام 1948".

وتابع: "طالما دأبت إسرائيل على اختيار عرب بهدف الترويج الإعلامي لمصلحة الرواية الإسرائيلية حتى تظهر أن العرب الفلسطينيين يحتفلون بهذه المناسبة ويفتخرون بكونهم جزءاً منها". وأضاف: "تأتي هذه الخطوة ضمن سياسات ‘الهاسباره‘ الإسرائيليّة، لتظهر أن العرب يحبونها بهدف تبييض صورة الاحتلال ومحاولة قلب صورة نظام الأبرتهايد والتمييز والاحتلال لمصلحة نظام متسامح يجمع كل مواطنيه في مناسبة يستطيع فيها العربي إيقاد شعلة ذكرى استقلال الدولة اليهودية".

وأشار إلى انتفاء الحاجة إلى التأكيد أن هذه الشخصيات (العربية المختارة) للمشاركة هامشية جداً في المجتمع العربي الفلسطيني في أراضي الـ48.

وشدد في الوقت نفسه على أن "غالبية الفلسطينيين في الداخل يحيون ذكرى النكبة في يوم استقلال إسرائيل تحت شعار ‘يوم استقلالهم يوم نكبتنا‘ من خلال زيارة القرى المهجّرة عام 1948 منذ عقود".

وفي ظل تفشي كورونا، من المقرر أن "ينظم الفلسطينيون في الداخل، لمناسبة ذكرى استقلال إسرائيل المزعوم، نشاطات رقميّة من المنازل تؤكد حق العودة، خصوصاً أن ربع الفلسطينيين في الداخل تقريباً لاجئون في وطنهم"، حسب عيد.

وختم عيد بالقول: "مهما سعت المؤسسة الإسرائيلية إلى تشويه تاريخنا وذاكرتنا وهويتنا العربيّة الفلسطينيّة، فلن تنجح في ذلك. مسيرة شعبنا الوطنيّة لا تهزها طقوس رخيصة كإيقاد أحدهم شعلة لا تذكّرنا إلا بالظلم التاريخي الذي لحق بنا وما زال يُمارس علينا حتى اليوم".

أما الكاتبة والناشطة الفلسطينية سماح سلايمة، فاعتبرت بدورها أن الأمر كله لا يعدو كونه "مسرحية"، مذكرةً بأن "شركة والد الفتاة (مزّاوي) فازت بمناقصة وزارة الصحة للإعلام العربي والكورونا، وفي التلفزيون الإسرائيلي كان هناك تقرير مدروس عن الأم التي تحارب الكورونا وسوف تحسّن الوسط العربي، والآن البنت ستضيء الشعلة؟ سبحان الله، كله كله صدف".

وختمت في حديثها لرصيف22: "فلوس ونفوذ وتسلق على كتف النكبة"، موضحةً أن الفتاة هي مذيعة سابقة بصوت إسرائيل وما قالته كله "متدربة عليه".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard