شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
لطميات

لطميات "كورونية" في العراق لمواجهة الفيروس المميت

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 24 مارس 202012:41 م

برغم الدعوات العالمية لالتزام المنازل والابتعاد عن الاختلاط، نشر رواديد عراقيون لطميات يتحدون فيها فيروس كورونا ويشجعون الناس على مواصلة إحياء الشعائر الدينية، ذاكرين أن زيارة مقام الإمام موسى الكاظم تشفي من أي مرض.

يصادف يوم 20 آذار/ مارس (25 رجب) ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم، سابع أئمة الشيعة الـ12 المعصومين، وفيه اعتاد ملايين المسلمين الشيعة زيارة مرقده لطلب تحقق حوائجهم، هو الملقب بـ"باب الحوائج".

في العادة، يأتون من أغلب محافظات العراق، بالسيارات أو مشياً على الأقدام. ولكن هذه السنة كانت الأمور مختلفة بسبب تفشي فيروس كورونا. إلا أن ذلك لم يمنع كثيرين من إتمام زيارة "سيد بغداد"، وقد يكون طلب الشفاء من كورونا أو تجنب الإصابة به أحد أبرز مطالب زائريه هذا العام.

خُطب دينية كثيرة أطلقها بعض رجال الدين الشيعة والرواديد دعت إلى زيارة الإمام الكاظم، وعدم الاكتراث بمخاطر الوباء الناجم عن كورونا، بل ذهب بعضهم إلى اعتبار أن زيارته تعالج المصابين بهذا الفيروس، ما أثار ضجة على منصات التواصل الاجتماعي التي امتلأت بتحذيرات من كارثة إنسانية قد تحصل.

"أنا الما خفت"

واحدة من اللطميات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قدمها الرادود حسين الحجامي، بعنوان "أنه الما خفت".

وتقول اللطمية:

ـ أنه الما خفت من ذيج... أبد ما خاف من هايه (أنا الذي لم أخف من تلك المصيبة لن أخاف أبداً من هذه)

ـ خلينه نمشيله، خلينه نمشيله… ترى الكاظم دوانه (لنذهب إليه، لنذهب إليه، فالكاظم دواؤنا)

ـ يا كورونا هاي ومنها نختاض؟!… ترا الكاظم دوا ويشافي الأمراض (ما هذه الكورونا حتى نخشاها؟!... الكاظم دواء ويشفي من الأمراض)

ـ انوي وروحله لو بيك الأعراض… النفسية ترتاح ابابه (انوِ زيارته واذهب إليه لو ظهرت عليك أعراض... فالنفس ترتاح عند بابه)

بهذه الكلمات، أراد الشاعر والمؤدي حث الناس على زيارة الإمام الكاظم وكأن شيئاً لم يكن، مدّعيين أن العلاج لكل الأمراض يمكن أن يتم بزيارة مرقده في بغداد.

الردود على هذه اللطمية كانت مختلفة. على تويتر، علق أحد المغردين قائلاً: "للأسف بعض الأصوات تنشر الطائفية حتى في أصعب الظروف".

ويستغل بعض الرواديد الظروف الاستثنائية التي تعصف بالبلاد أو الظواهر والحروب والأوبئة من أجل طرح ألبوماتهم ولطمياتهم التي تلاقي رواجاً بين بعض الفئات العمرية الشابة، كطريقة سريعة لكسب الشهرة والوصول إلى الناس دون صرف مبالغ كبيرة للترويج الإعلاني.

"أصعب الأمراض جفك سيدي يداويها"

لطمية أخرى بعنوان "رحمة الله" ظهرت متحدثةً عن كورونا، ولكنها تناولت نظريات المؤامرة ضد الشيعة، بحسب كلمات القصيدة التي أدّاها الرادود حسين العكيلي الكربلائي.

تقول اللطمية في منتصفها:

ـ تدري يالمهدي النواصب سيدي أذونه (هل تعلم يا مهدي أن النواصب جاؤوا لأذيتنا؟)

ـ جابوا الأمراض لينه همهم يقتلونه (أحضروا الأمراض إلينا بغية قتلنا)

ـ ما دروا دكتور عدنه عجزوا يعرفونه (لم يدروا أن لدينا طبيباً لا يعرفونه)

ـ ليك يالمهدي فزعنه من مرض كورونا (إليك يا مهدي التجأنا من مرض كورونا)

ـ أصعب الأمراض جفك سيدي يداويها (أصعب الأمراض يداويها كفك يا سيدي)

ـ والبلاد البيها شخصك يا مرض يلفيها (والبلد حيث توجد لا يصيبه المرض)

توصي الإرشادات الصحية بارتداء الكمامات في الأماكن التي تشهد اختلاطاً وازدحاماً. لكن المنشد العراقي علي مسلم يتفاخر في أنشودة له بعدم ارتداء الكمامة لأن زيارة مقام الإمام الكاظم تشفي من الأمراض

وأحدثت هذه اللطمية ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي لما تحمله من كلمات وصفها بعض العراقيين بأنها تحريض على الطائفية. وسخر بعض المغردين من كلماتها بالقول: "وأخيرا طلعوا الصين نواصب"، و"النواصب" هو مصطلح يعني مَن ناصبوا آل بيت رسول الله، ومنهم أئمة الشيعة الـ12، العداء.

"مخالفة تعليمات المرجعية العليا"

يعلّق رجل الدين الشيعي، السيد فلاح النور، على هذه الظاهرة ويقول لرصيف22: "ما يقوم به بعض الرواديد هو عمل خاطئ جداً، ويُعَدّ مخالفة واضحة لتعليمات المرجعية الدينية العليا وخلية الأزمة الحكومية"، ويضيف: "تشجيع الناس على إقامة المجالس والمشاركة في هذه التجمعات لا يدل على التزام بالتعاليم التي أصدرتها السلطات الدينية والحكومية، وقد تؤدي هذه السلوكيات إلى كارثة إنسانية في العراق".

وعن سبب ظهور هكذا لطميات، يقول النور: "هناك قسم من الرواديد قد تأخذهم العاطفة تجاه الشعائر الدينية، أو بسبب نتيجة فهمهم الخاطئ للدين والشعائر التي هي مستحبة في ذاتها"، ويعلّق: "حفظ النفس واجب، وإذا تعارض الواجب والمستحب يسقط الواجب، مثلاً في أداء فريضة الحج والتي هي فرع من فروع الدين، إذا خاف الإنسان من أدائها، فإنها تسقط".

يستبعد النور أن تكون الشهرة وراء ظهور اللطميات الكورونية، ويقول: "حبهم للشهرة احتمال ضعيف، لأن بعضهم رواديد مشهورين" ويضيف: "نرجو من الجميع الالتزام التام بتوصيات المرجعية والجهات المختصة فإنهم حجة علينا ومخالفة كلامهم لا يجوز شرعاً وعقلاً".

كثيرون يحذّرون من التجمعات. ففي لقاء تلفزيوني عبر قناة الشرقية العراقية، قال المتحدث باسم وزارة الصحة سيف بدر بخصوص مراسيم زيارة الإمام موسى الكاظم: "الزيارة مستحبة ولكن حفظ الأرواح واجب"، كما دعا العراقيين مضيفاً: "الله يخليكم الزموا بيوتكم وحافظوا على عوائلكم، وكونوا على قدر المسؤولية الأخلاقية والدينية والشرعية والقانونية".

الصدر يغرّد خارج السرب

يقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ضد المواقف التي تحث على التوقف عن زيارة المقامات الدينية في العراق، ويتهمه البعض باتخاذ هذا الموقف لتحقيق مكاسب سياسية وتوسيع قاعدته الشعبية. في 20 آذار/ مارس، نشر تغريدة أمل فيها "من الجميع الإسراع في إتمام الزيارة"، أي أنه رفض إيقافها رغم أنه دعا إلى "التزام النظام والتزام القواعد الطبية والصحية لكي لا يكون مصدر عدوى وأذى للغير".

لاقت التغريدة فيضاً من الانتقادات لما فيها من دعوة للناس إلى التجمع، ليعود الصدر وينشر تغريدة أخرى تناقض الأولى في المضمون ويقول فيها: "لم نعترض على حظر التجوال ولم نخرقه... ونوهنا للزيارة من البيوت وفوق السطوح".

هل تعلم يا مهدي أن النواصب جاؤوا لأذيتنا؟/ أحضروا الأمراض إلينا بغية قتلنا/ لم يدروا أن لدينا طبيباً لا يعرفونه/ إليك يا مهدي التجأنا من مرض كورونا... لطميات عراقية تعارض الحجر المنزلي للوقاية من الكورونا وتحث على زيارة المقامات الدينية

وللحد من تفشي فيروس كورونا، كان المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني قد أفتى بإلغاء إقامة صلاة الجماعة، للمرة الأولى منذ عام 2003، وطالب مؤيديه بالالتزام بالتعليمات الحكومية التي تهدف إلى الحد من انتشار الوباء.

"إجيتك يا سيدي من غير كمامة"

توصي الإرشادات الصحية بارتداء الكمامات في الأماكن التي تشهد اختلاطاً وازدحاماً. لكن المنشد علي مسلم يتفاخر في أنشودة له بعدم ارتداء الكمامة.

ففي أنشودة بعنوان "أنت الطب والدكتور – يا كارونا"، يقول:

ـ من طكني الخبر والليل مانامه

ـ اجيتك يا سيدي من غير كمامه

ـ يلي زيارتك ضد كل الأمراض

ـ إذا سدوا ضريحك والله نختاض

في الشطرين الأول والثاني، يتفاخر المنشد بأنه بعد سماع خبر انتشار كورونا في العراق، أسرع إلى زيارة الإمام الكاظم من دون ارتداء كمامة، وفي الشطر الثالث يقول إن زيارة مقام الكاظم تشفي من كل الأمراض، وفي الأخير يعبّر عن أن إغلاق المقام يسبب له الحزن، في دعوة لا تتماشى مع العقل والمنطق، ولا تقبلها والمراجع العليا في العراق.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard