شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"منكم وفيكم"... أغاني من التراث الشامي والفلسطيني تعبيراً عن قضايا التعددية الجنسية والجندرية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 10 فبراير 202005:05 م

لأن الموسيقى لغة عالمية ومساحة تعبيرية حرة وممتعة، يمكن دائماً توظيفها لطرح الأفكار والقضايا، أو حتى مواجهة المجتمع بأكثر الطرق سلمية، لا سيما لو كانت الألحان مألوفة للمستمع وراسخة بالفعل في ذهنه. ويبدو اللجوء إلى التراث الموسيقي المشترك أقرب الحلول لطرح وتناول القضايا الاجتماعية التي يُمكن اعتبارها "حساسة" أو تقع في خانة "التابوهات الاجتماعية"، كقضايا التعددية الجنسية والجندرية، على سبيل المثال.

فعلى لحن "بيلبقلك شك الألماس" من التراث الشامي، غنّى فنانو مشروع "غنّي عن التعريف"، الناتج عن مؤسسة "القوس - للتعددية الجنسية والجندرية في المجتمع الفلسطيني"، في إصداره الجديد بعنوان "منكم وفيكم"، بعد تعديل طفيف في الكلمات، لتلائم طرح مفاهيم التعددية الجنسانية والجندرية داخل المجتمع الفلسطيني، فمثلاً، لا لوم ولا شيء يغير الحب، لولد يرتدي فستان يتمايل وخدّه مثل الرمان:
بيلبقلَك شك الالماس آه، يا علي

أخدوا الماسك.. يا ويل ويلي

شوفوا ابني يا عيوني.. بِهالفستان

شوفوا عمال يتمايل.. خدُّه رمّان

حبايب لا تلوموني..لومكم ما كان

بيغير حبي لوليدي.. يا عيني عيني


في الإصدار الجديد "منكم وفيكم" الذي طُرح مطلع شباط/فبراير الجاري، "وظّف فنانو وفنانات مشروع "غنّي عن التعريف" ألحاناً أصيلة من التراث الشامي والفلسطيني، للتعبير عن تجارب وقصص لها علاقة بجنسانيّتنا وهويّتنا الجنسية"، بحسب تعبير عمر الخطيب، المنسق الإعلامي لمؤسسة "القوس".

في الإصدار الجديد "منكم وفيكم"، وظّف فنانو وفنانات مشروع "غنّي عن التعريف" ألحاناً أصيلة من التراث الشامي والفلسطيني، للتعبير عن تجارب وقصص لها علاقة بالجنسانيّة والهويّات الجنسية

التواصل عبر الذاكرة التراثية

عمد الفنانون المشاركون في الإصدارين السابقين إلى كتابة وتلحين أغانيهم الخاصة، لطرح ذات المفاهيم حول التعددية الجنسانية وضرورة قبولها، فيما حاول الإصدار الجديد التقارب مع المجتمع عبر ذاكرته التراثية، يفسر الخطيب: "لأن علاقتنا مع هذا التراث، في بعض جوانبه، علاقة حميمية: كبرنا على أنغامها في أفراحنا وأتراحنا، ولطالما غنّيناها ورقصنا عليها. ثانياً، لما فيها من إمكانات تعبيرية غنية وجميلة، إذ إن أغاني مثل (ظريف الطول) أو (على دلعونا) قائمة في أساسها على الارتجال، وإضافة المقاطع التي تعبّر عن المناسبة، وغنّيت في أشكال وكلمات متنوعة جداً".

وعن اختيار اسم "منكم وفيكم" يوضح عمر: "لما في الفكرة من مقولة سياسية واجتماعية هامة، مفادها أننا، كأشخاص نعيش هذه القصص، جزء لا يتجزأ من المجتمع ومنظومته الثقافية، نرفض أي شكل من أشكال إقصائنا أو تجاهلنا أو إنكار وجودنا، كما جاءت (منكم وفيكم) هذا العام أصلاً كفرصة للردّ على كل ما مررنا به العام الماضي من ملاحقة رسمية وعنف مجتمعي، ومواجهة لكل الأفكار الإقصائية والمسيئة لنا ولتجاربنا".


عمد الفنانون المشاركون في الإصدارين السابقين إلى كتابة وتلحين أغانيهم الخاصة، لطرح ذات المفاهيم حول التعددية الجنسانية وضرورة قبولها، فيما حاول الإصدار الجديد التقارب مع المجتمع عبر ذاكرته التراثية

إرهاب التوجه الجنسي

كانت مؤسسة "القوس - للتعددية الجنسية والجندرية في المجتمع الفلسطيني"، والمؤسسات الشبيهة، قد واجهت حملة من التخويف والغضب، خلال العام الماضي 2019، شملت كل شخص يعيش توجهاً جنسياً أو جندرياً مختلفاً عما هو مهيمن على المجتمع، بعد نشر عدة إعلانات للمؤسسة، أحدها لفعالية عُقدت في مدينة نابلس مطلع آب/ أغسطس 2019، وآخر لفعالية أخرى بنهاية ذات الشهر.

نشر المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية حينها، لؤي ارزيقات، بياناً يعلن فيه منع فعاليات مؤسسة "القوس"، معتبراً أن نشاطات "القوس" والمؤسسات الشبيهة، ضرب ومساس بالقيم العليا للمجتمع، وتوعّد القائمين عليها، ودعا المواطنين إلى التبليغ عن أي شخص على علاقة بالمؤسسة، ما يعد تحريضاً ضد مجتمع المثليين الفلسطينيين والمؤسسات الداعمة لهم.

يواجه المثليون ومجتمع الميم الفلسطيني خطراً واضحاً، لا يقف عند رفض المجتمع الفلسطيني لهم فحسب، وإنما يمتد أيضاً لجرائم تمارس بحقهم، سواء في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية أو في الداخل المحتل

من قبل نشر هذا البيان، يواجه المثليون/ات والمتحولون/ات جنسياً في فلسطين خطراً واضحاً، لا يقف عند رفض المجتمع الفلسطيني لهم فحسب، وإنما يمتد أيضاً لجرائم تمارس بحقهم، سواء في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية أو في الداخل المحتل، إذ طُعن فتى فلسطيني بلغ من العمر 16 عاماً في منتصف العام الماضي 2019، على أيدي اثنين من إخوته في مدينة تل أبيب، بسبب هويته الجنسية والجندرية، لذلك ليس مستغرباً أن يتخذ نشطاء مجتمع الميم تدابير تضمن أمنهم.

وحرصاً على سلامتهم داخل المجتمع، وبسبب ما قد يتعرضون له من مخاطر على حياتهم، عمد الفنانون المشاركون في الإصدار الجديد إلى إخفاء هوياتهم، والاحتفاظ بسرية معلوماتهم، فمنذ نشر جهاز الشرطة الفلسطينية بيانه ودعوته الأمن الفلسطيني لملاحقة نشطاء مجتمع الميم الفلسطيني والتحريض ضدهم، واجهت المؤسسة عملية ملاحقة وتضييق ممنهجة بحسب الخطيب، "دفعتهم للتعامل مع معايير جديدة للأمن والأمان، منها ظهور بعض نشطائهم أو حلفائهم، خاصة بعد تجربة ملاحقة واستفزاز سابقة لفنانات اشتركوا في غنّي عن التعريف"، حتى أن الفنانين المشاركين في الإصدار الثالث، أبدوا عدم رغبتهم في المشاركة أو التعليق الصحافي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard