بعد أيام قليلة، سيمر على اختفاء المواطن مصطفى النجار 500 يوم، ومصطفى النجار لمن لا يعرفه، طبيب أسنان مصري، وبرلماني سابق في عام 2012 في مصر، بعد انتخابه كنائب عن دائرة مدينة نصر والقاهرة الجديدة.
وبرغم أن الدستور والقانون المصري يلزمان الدولة بإجلاء مصائر مواطنيها المختفين، فإن الدستور والقانون ما هما إلا حبر على ورق بالنسبة للأجهزة الأمنية في مصر. وظلت الدولة ساكنة لم تفعل شيئاً، ولم تأخد أي خطوات ملموسة تجاه بلاغات أسرة الدكتور مصطفى النجار، ولم تتحرك النيابة العامة لتحقق في البلاغات المقدمة لديها.
قضية الاختفاء القسري هي قضية إنسانية. أن يكون رب الأسرة أو أحد أفرادها مختفياً هو شعور لا يمكن أن يتخيله أحد.
وبالرغم من أن جريدة الدستور، عبر موقعها، نقلت عن أحد المصادر الأمنية في تشرين أوّل/ أكتوبر عام 2018، خبراً بعنوان "القبض على مصطفى النجار في إهانة القضاء"، لم تستدع أي من الجهات المسؤولة المحرر الذي نشر الخبر والمصدر الأمني الذي نقل عنه، واكتفت الدولة بالنفي المطلق والإصرار على أن النجار غير مقيد الحرية، وهو ما تفعله الدولة دائماً تجاه كل البلاغات أو حالات المختفين قسرياً.
ونشرت الهيئة العامة للاستعلامات يوم 18 تشرين أوّل/ أكتوبر، بياناً جاء فيه، أن "الجهات المختصة في مصر تنفي نفياً قاطعاً أن يكون الدكتور مصطفى أحمد محمد النجار، طبيب الأسنان والبرلماني السابق، وأحد مؤسسي حزب العدل، ألقي القبض عليه من الأجهزة الأمنية، أو أنه سلم نفسه إليها، كما تؤكد أنه لا صحة مطلقاً لأي شائعات حول ما يسمى باختفائه قسرياً"، ما جعل أسرته تلجأ إلى محكمة القضاء الإداري لمطالبة الدولة بالبحث عنه.
وقضت دائرة الحقوق والحريات بمجلس الدولة بتاريخ 20 كانون الثاني/ يناير 2020 بـ "وقف تنفيذ القرار السلبي وإلزام وزير الداخلية بالكشف عن مكان احتجاز الدكتور والبرلماني السابق مصطفى النجار"، لكن هذا الحكم لم يغير في الأمر شيئاً، وتعاملت السلطات الأمنية مع الحكم القضائي على أنه لم يصدر، ونفت مرة أخرى القبض على مصطفى النجار، وأصدرت بياناً أقل ما يقال عنه إنه بيان مستفز لأي شخص عرف مصطفى سابقاً، قالت فيه إن النجار هارب من تنفيذ حكم قضائي ضده بالسجن 3 سنوات.
لماذا لم تتحرك الدولة المصرية وتأخذ خطوات ملموسة لإجلاء مصير مصطفى النجار وغيره من المختفين منذ مدد طويلة، كعضو حزب الدستور المصري أشرف شحاتة، المختفي منذ أكثر من عامين، والشاب مصطفي ماصوني المختفي منذ أكثر من عامين، واكتفت الدولة بنفي إخفائه، كما فعلت مع مصطفى النجار وأشرف شحاتة؟
دائماً يخطر في بالي أن الدولة التي تحركت كاملة عندما نشرت الإذاعة البريطانية بي بي سي، فيلماً قصيراً عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، طرحت فيه قضية الاختفاء القسري. حينها تحركت السلطات المصرية في غضون أقل من 48 ساعة، وكانت زبيدة، التي ادعت أسرتها أنها مختفية قسرياً، موجودة أمام الرأي العام على أحد الفضائيات المصرية تنفي خبر اختفائها.
لماذا لم تتحرك الدولة المصرية وتأخذ خطوات ملموسة لإجلاء مصير مصطفى النجار وغيره من المختفين منذ مدد طويلة، كعضو حزب الدستور المصري أشرف شحاتة، المختفي منذ أكثر من عامين، والشاب مصطفي ماصوني المختفي منذ أكثر من عامين، واكتفت الدولة بنفي إخفائه، كما فعلت مع مصطفى النجار وأشرف شحاتة؟
قضية الاختفاء القسري هي قضية إنسانية. أن يكون رب الأسرة أو أحد أفرادها مختفياً هو شعور لا يمكن أن يتخيله أحد. أتذكر عندما تقدمت لنا أسرة ببلاغ عن إخفاء ابنهم قسرياً وتقدمنا ببلاغات للنائب العام، ظهر ابنهم بعد شهور أمام النيابة العامة وبلغتُ الأسرة عن ظهوره، لم أكن لأتخيل أن الأسرة ستشعر بتلك السعادة!
إن كان لي أن أقدم نصائح لأسر جميع ضحايا الاختفاء القسري، فستكون ألا تتنازلوا عن إجلاء مصائر ذويكم، حديثكم عنهم هو الضمانة لسلامتهم، وهو بمثابة توثيق لتلك الفترة ولجريمة الاختفاء القسري، وهي، طبقاً للقانون الدولي، جريمة لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن
وقالت والدته وقتها "على الأقل الآن عرفنا هو فين"، وكذلك المختفي قسرياً الذي يتعرض للتعذيب ويكون معصوب العينين ومكبل اليدين، وهو ما يحدث لهم، كما سمعت من شهادات من مختفين قسرياً كنت أقدم الدعم القانوني لهم ولأسرهم، هو شعور قاس يفقد الإنسان الإحساس بآدميّته والإحساس بالوقت والحياة كلها.
إن كان لي أن أقدم نصائح لأسر جميع ضحايا الاختفاء القسري، فستكون ألا تتنازلوا عن إجلاء مصائر ذويكم، لا تجعلوا اليأس يتسلل إلى قلوبكم مع مرور الأيام، فإن أقل حقوقكم هو أن تتحرك الدولة وتجلي مصائر ذويكم. حديثكم عنهم هو الضمانة لسلامتهم، وهو بمثابة توثيق لتلك الفترة ولجريمة الاختفاء القسري، وهي، طبقاً للقانون الدولي، جريمة لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن، ولابد أن يأتي يوم يحاسب كل شخص متورط في إخفاء أي مواطن. ودائماً تذكروا أن الحياة بلا أمل ليست حياة. المختفون قسرياً ليسوا أرقاماً ولا يجب أن يكونوا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينخدني معك
ايم -
منذ 3 أياماللهم أجعل محمد زوجا لي ومن نصيبي ادعو لي
شهد نصر -
منذ 3 أيامبالنظر لأسمك فعلى ما يبدو إنك مسلمة رغم إن كل ما ف المقالة لا يعبر عن ديانتك او مجتمعك بل وتحترمي...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أياممقال ممتع. في الوقت عينه هناك أنواع كثيرة من القراءة وهناك دائماً دوافع خلف القراءة. في تعليم...
Robin Le Corleone -
منذ 6 أيامهبد وتدليس . دماغ الرجل أكبر بنسبة ثلاثين بالمئة من دماغ النساء وعدد خلايا دماغ الرجل أكبر بكثير...
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامقصة نجاح حلوة ونادرة. شكرا على مشاركتها.