شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
السعودية ليست مؤهلة بعدُ لـ

السعودية ليست مؤهلة بعدُ لـ"العلمانية"!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 27 يناير 202005:38 م

"هل تخرجونني من الملة إذا سألتكم هل العلماني كافر؟ وهل يُشنع بي غداً لأني أنكش ببيت الدبابير؟ وهل سؤالي هذا تعدٍ كبير على ثوابتكم؟"، هذا ما تكهنت به الكاتبة السعودية وفاء الرشيد وتحقق عقب ساعات من نشر مقالها المثير للجدل "هل العلماني كافر؟"، عبر صحيفة "عكاظ" المحلية.

ففور نشر المقال، انطلق الهجوم على الكاتبة والصحيفة باعتبارهما "تحاربان الدين" وتسعيان إلى "نشر الكفر والإلحاد، وهدم ثوابت المجتمع".

في المقال الذي نشر في 26 كانون الثاني/يناير، لم تأتِ الرشيد بجديد عما هو متداول عالمياً وخلاصته أن "العلمانية لا تعني إلغاء الدين أو محاربته"، لكنها ربما تعجلت الطرح على مجتمع يتلمس خطواته الأولى نحو الحداثة والانفتاح بعد عقود من "التشدد الديني وبث الأفكار الرجعية" ومنها اعتبار العلمانية "كفراً وإلحاداً".

العلامة السعودي ورئيس هيئة كبار العلماء الأسبق عبد العزيز بن باز يقول في فصل تعريف العلمانية والحكم على منتسبيها: "العلمانيون ما يؤمنون بالدين، يدعون الدنيا، ما يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، هذا العلماني يدعو إلى متابعة العالمين، وأن يكون على رأي العالمين في شركهم وضلالهم وخرافاتهم. هم يقولون بفصل الدين عن الدولة؟ هذا معناه، ما عندهم دين، يدعون إلى العالمية. إذًا كفار؟ نعم. يقولون الدين في المسجد أما برا (خارج) المسجد لا؟ ولو، بعضهم ما يرى الدين بالكلية، يرى الدعوة إلى ما عليه الناس وبس".

وهذا ما رسخ في أذهان غالبية السعوديين سنوات طويلة. ولم يكن ممكناً أن يسمح للرشيد بنشر مقالها قبل دفعة "الإصلاحات" التي بدأها الأمير محمد بن سلمان منذ توليه ولاية العهد، محاولاً تغيير الصورة النمطية لبلاده كبلاد محافظة اجتماعياً ومتشددة فكرياً ودينياً انطلاقاً من طمس "تيار الصحوة" الديني الذي ساد نحو 30 عاماً ومعالمه.

في مقالها المثير للجدل، أقرت الرشيد مسبقاً برد الفعل المتوقع لطرحها الذي يعكس أن السعوديين ليسوا جميعاً مؤهلين لهذا "التحول الجذري" الذي يرغب بن سلمان في سنِّه من دون تدرج أو تمهيد.

"داخل القرآن نفسه هناك ‘الأحسن‘ و‘الأقل حسناً‘ ألا وهو ما يتلاءم مع العصر والزمان"... هجوم شديد على كاتبة سعودية طالبت بـ"دين يتعايش مع معطيات الحال المتغيرة بكل تفاصيلها بلا جمود وتحجر"

"دعوا الناس تؤمن أو تكفر"

في المقال، تطرح الرشيد السؤال وتحاول الإجابة عنه: "فعلاً لا يمكن أن يتعايش الإسلام مع العلمانية؟ وهل يعني فصل الدين عن الدولة محاربته؟ فصل الدين عن الدولة لا يعني إلغاء الدين أو محاربته، فالأديان موجودة وتمارس في الدول العلمانية".

وتمضي شارحةً: "من حق الإنسان في ظل العلمانية أن يعبد ربه كيفما يشاء، ولكن ليس من حقه إجبار باقي المجتمع على مفاهيمه الدينية. إذا أعدنا النظر بالموقف وتم تجديد الفهم الديني بصورة تتفق مع مبادئ العدل والمساواة بين البشر، فسنجد أن فصل الدين عن الدولة هو مفهوم يتفق مع بعض مفاهيم القرآن، لأنه يرفض الإجبار والإكراه بصورة مطلقة وجلية"، مستشهدةً ببعض الآيات القرآنية.

وتضيف أن "مفاهيم الدين حالياً أصبح التباين فيها واضحاً بين الفقهاء والطوائف والجماعات المتناحرة باسم الدين. فمن يا ترى هو صاحب الحق فيهم ليفرض مفهومه الديني على الآخرين؟ وهل أخذ من الله تفويضاً بأن مفهومه للدين هو المفهوم الصحيح، وأن من حقه إجبار الآخرين عليه؟".

وذكرت بأن عمر بن الخطاب في عام الرمادة أوقف العمل بـ"حد السرقة"، متسائلةً: "هل أخطأ أم اجتهد في فهم روح الإسلام واعتبر القرآن المرجع الذي يؤخذ منه ما يناسب العصر والظروف ليحافظ على الأمة؟".

كما استشهدت بالآية "وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم"، للقول إنها تعني "أن هناك داخل القرآن نفسه ‘الأحسن‘ و‘الأقل حسناً‘ ألا وهو ما يتلاءم مع العصر والزمان".

وحثت الأصوات التي ترفض العلمانية باعتبار أنها تتعارض مع الدين إدراك "أن ذلك فقط مفهومها الخاص أو مفهوم بعض الفقهاء عن الدين… فدعوهم يؤمنون ودعوهم يكفرون واجتهدوا بالنصوص، وتنوروا ونوروا جيلنا الجديد بدين يتعايش مع معطيات الحال المتغيرة بكل تفاصيلها بلا جمود وتحجر".

وختمت: "لا يمكن أن ننفتح على العالم بلا تقبل أديان الآخرين وقناعاتهم".

ناشطون سعوديون يطالبون بمقاضاة صحيفة عكاظ والكاتبة وفاء الرشيد التي كتبت مقالاً دافعت فيه عن العلمانية، معتبرةً أنها "لا تتعارض مع الدين ولا تعني محاربته"

"حرب مستمرة على الإسلام"

ودشن ناشطون سعوديون وسم "عكاظ منبر الساقطين" مهاجمين الصحيفة عبره لأنها "تشن حرباً مستمرة ضد الإسلام".

وذهب البعض أبعد بالقول إن المقال يمثل "خروجاً عن النظام الأساسي للحكم في المملكة" و"مسّاً بأمن الوطن وسيادته"، مستندين إلى العديد من مواد الدستور التي تشدد على أن الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية (كتاب الله وسنة رسوله) مصدر التشريع فيها.

وذكّر مغردون بمنشورات ومقالات سابقة للرشيد تنادي فيها بـ"دولة مدنية" و"ملكية دستورية" لتجديد السعودية وغيرها، مطالبين بـ"مقاضاتها عن القديم قبل الجديد".

كما نوهوا بمقالات سابقة لعكاظ "تشذ" عن السائد والمقبول في المجتمع السعودي من بينها مقال للكاتب عبد الله خياط يشبّه المرأة التي تغطي جسدها كله بالأسود بـ"كيس الفحم".

وعلى الجانب الآخر من الذين اتهموا الرشيد بالرغبة في "إطفاء نور الله"، أشاد البعض بجرأتها في طرح الأفكار التي "تنير العقول".

وعلقت الإعلامية السعودية منى أبو سليمان: "لماذا الهجوم ما دامت القضية تناقش منذ سنين بالعالم الإسلامي؟ وفاء الرشيد لها رؤية لاستقلال بعض شؤون الدولة عن الدين. تستطيع أن تختلف معها  كلياً أو على معايير ارتباط الدولة والمجتمع والإنسان بالدين بدون بذاءة. إذا أردت نصر الله انصره بأدب".

ورداً على الهجوم، اكتفت الرشيد بالقول عبر تويتر: "لا أحمل أجندات وأنا أكتب. أنا فقط هنا لأفكر، وعلى من لا يتفق معي أن لا يقرأ مقالاتي... الحياة بسيطة وتتسع للجميع".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard