شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"كنتُ أبكي دون وعي"... ماذا حدث للإيرانيات عند حضورهنّ مباراةَ كرة قدم لأول مرة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 15 أكتوبر 201904:32 م

وفقاً للمادة 20 في الدستور الإيراني يتمتع جميع أفراد المجتمع رجالاً ونساءً بحق متساوٍ بالنسبة للحقوق الاجتماعية وبناء على ذلك حضور النساء في الملاعب حقّ فردي ووطني، ولكن رغم ذلك منعت النساء الإيرانيات من الحضور في الملاعب منذ 40 عاما (انتصار الثورة الإسلامية في إيران) حتى يوم الخميس الماضي. ويعتبر هذا اليوم يوم تاريخي للنساء الايرانيات حيث تمكن لأول مرة من الحضور في الملعب وذلك لمشاهدة مباراة المنتخب الوطني لكرة القدم الايراني في مواجهة كمبوديا التي انتهت بفوز قياسي للفريق الإيراني بنتيجة 14 هدفا دون مقابل.

وفي الفترة الأخيرة في حالات نادرة للغاية فقط سمح لعدد محدود من النساء الإيرانيات بالحضور في ملعب "آزادي"، اقتصر على مسؤولات إيرانيات، كما حضرت عدد من النساء الإيرانيات عرضاً مباشراً لمباراة في الماضي.

وفي الفترة السابقة لم يمنع الحظر المفروض على حضور النساء في الملاعب الرياضية بعضَ الشابات الإيرانيات، حيث عملن على التشبّه بالرجال من خلال ارتداء أزياء رجالية وقصّ الشعر واستخدام اللّحى الاصطناعية.

ويعزو البعض هذا التطوّر إلى ضغوط الفيفا على إيران وتهديدها بتعليق كرة القدم الإيرانية في حال عدم فتح الملاعب أمام النساء لمشاهدة مباريات كرة القدم.

وبعد أن انتحرت الشابة الإيرانية التي عرفت باسم "الفتاة الزرقاء" (بسبب ارتدائها زيَّ الفريق الذي كانت تشجعه)، قبل صدور حكم متوقّع عليها بالسّجن بسبب حضور مباراة وهي متنكرة في زيّ رجل، طالب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) السلطات الإيرانية بالسماح لهنّ بالحضور بحرية أكبر.


وخلال الأسبوع الماضي تمّ بيع أكثر من 3500 تذكرة للنساء الإيرانيات عن طريق موقع الكتروني، لحضور مباراة المنتخب الإيراني مقابل كمبوديا ضمن تصفيات المباريات المؤهّلة لكأس العالم في ملعب يستوعب نحو 78 ألف متفرج. لكن منظمة العفو الدولية وصفت هذا العدد بأنه رمزيّ وحيلة دعائية من جانب السلطات الإيرانية بهدف تبييض صورتها بعد الاحتجاج العالمي على وفاة "الفتاة الزرقاء"، ودعت إيران إلى رفع كافة القيود على حضور النساء في الملاعب الرياضية.

شهد حضور النساء الإيرانيات لأوّل مرة لمشاهدة مباراة كرة قدم في اللعب، الحضور المكثّف لقوات الشرطة النسائية، التي كانت تردد دائماً: "انتبهنَ لسلوككنّ اليوم كي يستمرّ حضوركنّ في الملاعب"

كيف حضرت النساء الايرانيات وكيف شعرن؟

عبّرت الإيرانيات اللواتي حضرن ملعب آزادي عن فرحتهن الكبيرة برسم العَلم الإيراني على وجوههن، وحمله على أكتافهن، بالإضافة إلى إطلاق شعارات والتقاط صور عديدة لتخليد هذه اللحظة.

وشهد حضور النساء الإيرانيات لأوّل مرة لمشاهدة مباراة كرة قدم في اللعب، الحضور المكثّف لقوات الشرطة النسائية، التي كانت تردد دائماً: "انتبهنَ لسلوككنّ اليوم كي يستمرّ حضوركنّ في الملاعب".

وقام لاعبو المنتخب الإيراني بعد انتهاء المباراة بإلقاء التحية والشكر على النساء الحاضرات في الملعب والذي واجه تفاعلهنّ الشديد معهم.

"منذ دخوال الملعب حتى نهاية حضوري فيه، شعرت بالحسرة متسائلة كيف حرمونا كلّ هذه السنين من دخول الملاعب، وانتهكوا حقّنا الطبيعي؟!"، هكذا وصفت الإيرانية "شهرزاد" شعورها بالنسبة لحضورها مباراة كرة قدم للمرة الأولى.

وأضافت: "لم نواجه أيّ مشاكل في الدّخول إلى الملعب، وكان من السّهل الدخول والخروج. ولم يكن لدينا أيّ تعامل مع الرجال لأنّ مداخلنا وأماكن جلوسهم كانت مختلفة تمامًا، ومنفصلة عنا".

وتابعت شهرزاد: "طوال الوقت الذي كنا فيه في الملعب، كان لدينا شعور ممزوج من الحماس والحزن، وكان معظم انتباهنا ليس إلى المباراة بل كنّا مركّزات على التشجيع. بالتأكيد سوف نذهب إلى الملعب مرة أخرى إذا كانت التذاكر متوفرة لنا".

وقالت "مريم": عندما وصلتُ إلى الملعب، لم أستطع أن أصدّق أننا تمكّنا أخيراً من الحضور! كنتُ أبكي دون وعي وكأني أواجه صدمة. رؤية الملعب، ورؤية النساء في الملعب، والحماس الذي كانت يصل لي من صوت الهتافات، أشعرني بالقشعريرة".

"في الحقيقة كنتُ أنتظر طوال الـ90 دقيقة ألتقط الصور، وكنت متحمسةً لدرجة أنني لم أتمكن من متابعة المباراة بشكل صحيح. لكن الشيء الذي أزعجني كان وجود العدد الكبير من قوات الشرطة، وظللت أسأل نفسي طوال الوقت لماذا هذا الحضور؟! ما هو السبب وراء حضور الكثير من الشرطيات؟! ماذا يمكن أن نفعل؟ ولكن على أي حال، حاولت تجاهل وجود قوات الشرطة والاستمتاع بالمباراة".


وتقول "زينب": "لطالما أحببت كرة القدم، وأمارسها كلّما تتاح لي الفرصة، لكن الذهاب إلى الملعب ومشاهدة المباراة عن قرب كان حدثاً لا يصدّق. سماع الهتافات ورؤية المشجعات واللاعبين؛ كان ذلك شعوراً شعرنا به جميعنا لأوّل مرة. كما كانت إعلانات My Lady في الملعب من الأحداث الملفتة للنظر. بالتأكيد سأذهب إلى المباريات القادمة إن سمحوا لنا مرة أخرى. ولكن في المرة  القادمة أحاول أن أركز على المباراة بدلاً من التركيز على حضور النساء في الملعب".

سأذهب إلى المباريات القادمة إن سمحوا لنا مرة أخرى. ولكن في المرة القادمة أحاول أن أركز على المباراة بدلاً من التركيز على حضور النساء في الملعب

ويعود منع النساء من الحضور في الملاعب الرياضية إلى قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، وفرض الحجاب وفرض قيود على حضور النساء في المجتمع، بسبب معارضة السلطات ورجال الدين المتشدّدين لحضور النساء في الأماكن الذكورية، واختلاطهن بالرجال.

ورغم رفع الحظر على حضور النساء لمشاهدة مباراة كرة القدم وبعض مباريات كرة الطائرة والسلة والتنس واليد، ولكن لا يزال غير مسموح للإيرانيات التواجد فى مباريات السباحة والمصارعة للرجال، ويبقين على أمل وكفاح من أجل الوصول إلى حقهن الكامل في حضور جميع المباريات الرياضية سواء على مستوى المباريات بين الفرَق المحلية أو الخارجية، حالهنّ كحال المواطنين الرّجال.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard