شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
لم أجد الراحة بحياتي إلّا بعد خلع الحجاب

لم أجد الراحة بحياتي إلّا بعد خلع الحجاب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الاثنين 16 سبتمبر 201901:26 م
Read in English:

I Only Found Peace After Removing the Hijab

بعد أيام سيكون مرّ عام عليَّ بدون حجاب، تعيدني ذاكرتي لليوم الذي أعلنتُ فيه على فيسبوك أنني قمتُ بخلع الحجاب، حينها تعرّضت لعدّة انتقاداتٍ ما زلت أتعرض لها حتى الآن، ولكن بشكلٍ أقل.

هناك من قال لي إنني لن أجد الراحة والستر في حياتي مرة أخرى، وهناك من قالت لي إنني سأندم على هذا القرار، وسأعود لأرتدي الحجاب مرة أخرى، وهناك من قالت لي: ماذا لو قبض الله روحك بهذه الهيئة؟ ناهيكم عن أبي الذي ظلَّ يعاملني وكأنني غيّرت ديني، والحقيقة أنني لم أندهش من هذا، لأنه بالأساس، تم فرض الحجاب في مصر عن طريق ترسيخ خطابٍ يدّعي أنه وسطي، ويُقدَّم بواسطة داعيةٍ شاب يرتدي بدلة وغير ملتحي اسمه عمرو خالد، وهذا الذي جذب العديد من الشابات، ولكنه خطاب يتسم بالتفرقة الطائفية والكراهية، فكان يقول لهن في شرائطه: "ما الفرق بينك وبين المسيحية؟ كيف نفرّق بين المسلمة والمسيحية؟"

ولماذا نحتاج للتفرقة بين أبناء الديانات؟

ما الفائدة الذي ستعود عليك عندما تكون على درايةٍ بديانة الفتيات في الشوارع؟

وماذا عن الرجال؟ لماذا لا تهتمّ بمعرفة ديانتهم في الشوارع؟

هل أَمَرَ الدين بالتفرقة بين البشر؟ هل أزاح الله عني الراحة والستر بمجرّد إزالتي لغطاء الرأس؟ بالطبع لا، لم أجد الراحة بحياتي إلا بعد خلع الحجاب.

لست ضد الحجاب، أنا ضد تقييد حرية جسد المرأة، ضد فرض الحجاب بالقوة أو بالسلطة الأبوية، ضد اختزال علاقة المرأة وربّها في الحجاب

اللحظة الأولى التي خرجتُ فيها للشارع بدون حجاب كانت من أجمل لحظات حياتي على الإطلاق، البعض سيظن أن هذا مكابرة مني، ولكن صدقاً أنني لم أجد الراحة في حياتي مثلما وجدتها بعدما أصبحت راضيةً بشكلٍ كاملٍ عن مظهري الخارجي، استعدتُ ثقتي بنفسي، أصبحتُ أرتدي ما أحب، وأغيّر كل فترة قَصّة شعري، وهذا ما يعدّل من مزاجي بشكلٍ كبير، كاذب من يقنعكن بأن المظهر الخارجي لا يهم والأهم هو فقط الجوهر الداخلي، الجوهر الداخلي مهمّ بقدر المظهر الخارجي أيضاً، وبالأساس هذا ما يفعلونه، يحصرون علاقة المرأة وربِّها في المظهر الخارجي بقطعة قماش، فعندما كنت أكرّس وقتي للعمل التطوّعي، وحينها كنت محجبة، كانت معنا في الفريق بنت غير محجبة ولكن محبة جداً للخير، كانت تتعرّض للكثير من: "وما فائدة ما تفعله وهي غير محجبة؟" كنت أستشيط غضباً، لقد جرّدوا البنت من حبِّها للخير وتقرّبها من الله وتعاملاتها الطيبة، وأصبحوا لا يرون إلا رباً لن يقبل منها شيئاً سوى بارتدائها لقطعة القماش هذه! أي منطقٍ هذا؟!

مرّ عام ولم أندم ولو لحظة واحدة على قرار خلعي للحجاب، بل بالعكس أشعر أن هذه أنا، هذا الطبيعي، هذا الفطري، هذا العادي، كنت أشعر كأن غطاء الرأس دخيل على جسدي، يُعيقني، يقيّدني، يمنع الطفلة التي بداخلي من الفرح بالتسريحات الجميلة ومن تطاير خصلات شعرها مع الهواء ومن لمسه إلا بالمنزل، كانوا يقولون لي: غداً تتزوجين وتتزيّنين لزوجك، وكأنني ملك لهذا الرجل، ويجب أن يأتي ليزيح الأقفال عن جسدي وعن شعري، كنت أشعر بشيءٍ غير منطقي من صغري، كنت متأكدة من ملكيتي لجسدي، هذا الجسد يخصّني وحدي!

الآن أنا راضية مئة بالمئة عن الهيئة التي عليها جسدي، فإذا قرّر الله أن يقبض روحي في هذه اللحظة فآخر ما سأفكّر فيه هو الحجاب، هذا إن فكرت فيه بالأساس.

تذكرت صديقة لي قرّرت خلع الحجاب، خلعته في اليوم الذي قرّرت فيه إنهاء حياتها، أرادت أن تسلم روحها لله بالهيئة التي تحب أن تكون عليها والتي ترتاح فيها.

بالطبع لا شيء مطلق في الحياة، ولكن لا أعتقد البتة أنني سأعود لارتداء الحجاب مرة أخرى في حياتي، خاصة أنني مرّرت بهذه التجربة، وحاربتُ كثيراً مع أهلي والمجتمع، حتى استطعت التخلّص من قفلٍ من الأقفال التي وضعوها على جسدي.

لم أندم ولو لحظة على قرار خلعي للحجاب، بل بالعكس أشعر أن هذه أنا، هذا الطبيعي، هذا الفطري، هذا العادي، كنت أشعر كأن غطاء الرأس دخيل على جسدي، يُعيقني، يقيّدني

هناك من يقولون إنني انحرفت عن المسار واتجهت للإلحاد، لا يعلمون أن اتهامهم هذا هو الإلحاد بعينه، أتختصرون الله بكامل عظمته، في قطعة قماشٍ أشتريها من السوق؟ هل الإيمان بالله بهذا الرخص والسهولة؟

قيل لنا كثيراً "الحجاب عفة"، أنا لا أعرف حقيقةً ما علاقة العفّة بشعري؟ هل شعري مركزٌ للشهوات؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فماذا عن بائعات الهوى المتستّرات تحت الحجاب أو النقاب؟ ماذا عن الرجال الذين لديهم ميل جنسي شديد ناحية المنتقبات والمحجبات؟ هل الحل هو تغطية الشعر؟ إذن سأقوم بتغطية شعري ولكنني أستطيع إثارة الرجل بشفتيّ، بعينيّ، بخطوات جسدي، هل هنا الحجاب سيشكّل عائقاً بالنسبة لي؟ ليست مسؤوليتي أصلاً من سيهتاج لرؤية شعري، هذا شخص يحتاج إلى علاج وأن يفرغ كبته بعيداً عني.

هناك من يقولون إنني انحرفت عن المسار واتجهت للإلحاد، لا يعلمون أن اتهامهم هذا هو الإلحاد بعينه، أتختصرون الله بكامل عظمته، في قطعة قماشٍ أشتريها من السوق؟ هل الإيمان بالله يُباع ويُشترى في المحلات؟ هل الإيمان بالله يُرتدى؟ هل الإيمان بالله بهذا الرخص والسهولة؟ أنتم أكثر من قلّل من عظمة الإيمان بالله.

الحقيقة أني غير مهتمة بالصراع القائم حول فرضية الحجاب من عدمه، ويمكن لهذا تمَّ اتهامي بالإلحاد لأكثر من مرة، عقلي يحدثني أن هذا الصواب، قلبي يحدثني أنه وجد الراحة في ذلك، روحي تقول لي: ربُّك غير مهتم بخصلات شعرك، كوني فتاة صالحة في داخلك فالله ينظر في قلبك، ورغم ذلك بحثتُ في فرضية الحجاب والنقاب أيضاً من باب الفضول، ولم أجد جواباً واحداً مقنعاً بالنسبة لي، الحجاب تم فرضه على مر التاريخ بمختلف الطرق، التي تدور كلها حول عدم امتلاك المرأة لجسدها، هم وضعوا حجاباً بين المرأة وجسدها قبل أن يضعوا حجاباً على جسدها.

أنا لست ضد الحجاب بالمرة، أنا ضد تقييد حرية جسد المرأة، ضد فرض الحجاب بالقوة أو بالسلطة الأبوية، ضد اختزال علاقة المرأة وربّها في الحجاب، ضد التغاضي عن نجاحات المرأة والسؤال أين حجابها؟ ضد ربط الحجاب بالأخلاق والعفة، ضد نعت غير المحجبة بالمسيحية -وكأنها شتيمة مثلاً! - حتى ولو على سبيل المزاح، ولكن ليس بيني وبين الحجاب أو المحجبات أي مشكلة، بالعكس، أمي محجبة وصديقاتي محجبات وأكن لهن كل الحب والود والاحترام.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard