شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
معتقلات الحجاب في إيران... عشرات السنوات في السجون من أجل لحظة حرية

معتقلات الحجاب في إيران... عشرات السنوات في السجون من أجل لحظة حرية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 29 أغسطس 201901:23 م

بضع شَعَرات تطايرت مع الريح كانت كفيلة باعتقالهن. في بلد تفرض فيه السلطات الحجاب على النساء تصبح تلك الشعرات إثماً وعملاً يهدد الأمن القومي. في إيران حيث يُجبر الحاكم شعبه على تنفيذ شعائر دينية، ويخشى أنّ تزول قدرته إذا غابت، يواصل عدد من الايرانيات النضال ضد إجبارية الحجاب، من بينهنّ فتيات في عمر الزهور طالبن بأقل ما يمكن من حرية فزجَّ بهن في السجن.

عمرها 20 سنة وحكم عليها بالسجن 24 سنة 

أعلن المحامي الإيراني حسين تاج في 28 آب/ أغسطس أن محكمة الثورة الإسلامية حكمت على المتهمة الشابة صبا كرد افشاري (20 عاماً) بالسجن 24 سنة بعد مشاركتها في مسيرة في طهران لنزع الحجاب  اعتقلت على إثرها في 1 حزيران /يونيو الماضي. وفقاً للمحامي، فإن القسم الأكبر من العقوبة الصادرة بحق موكلته هي السجن 15 سنة بتهمة "الترويج للفساد والبغاء"، و7 سنوات ونصف السنة بتهمة "التجمع والتواطؤ لارتكاب جرائم ضد الأمن الوطني"، وسنة ونصف السنة بتهمة "الدعاية ضد النظام"، بالإضافة إلى الحرمان الاجتماعي. 

المفاجئ أن حكم الشابة صبا جاء مضاعفاً مقارنة بأحكام صدرت بحق زميلاتها من معتقلات الحجاب. فالمادة الرقم 639 من قانون العقوبات الإيراني تنص على عقوبة السجن عشر سنوات لمن يروج للفساد والبغاء، لكن الحكم المترتب على هذه التهمة جاء 15 عاماً إذ لجأ القاضي إلى تطبيق بند ملحق يجيز التشديد في الحكم إذا ثبت على المتهم عمل "القوادة"، وذلك إمعاناً من السلطات الإيرانية في قمع المخالفين للحجاب الإجباري.  

ما فعلته الشابة صبا قبل اعتقالها من منزل والديها هو نشر صورها خلال مشاركتها في مسيرة في طهران لنزع الحجاب إلى جانب عشرات السيدات اللواتي قمن بتصوير أنفسهن ونشر الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبيتهن من الناشطات في مجال حقوق المرأة ورفض الحجاب، ولم تعترض السلطات طريقهن في الشارع خلال التظاهرة، بل دهمت لاحقاً بيوتهن واعتقلتهن وتحاكمهن منذ أشهر. 

16 سنوات سجن لتوزيعهن الورود في عيد المرأة  

يبدو أن النداءات الإنسانية وتسجيل الاعتراضات على الأحكام الجائرة ضد المرأة في إيران لن تغير في واقع الحال، فالحكم على الشابة كرد افشاري يأتي بعد أيام من توقيع عدد من المدافعين عن حقوق الانسان في 16 آب /اغسطس الجاري على إدانة أحكام أخرى أصدرتها محكمة الثورة الإسلامية في 31 تموز /يوليو على ثلاث سيدات هنّ مجكان كشاورز، ومنيره عربشاهي وابنتها ياسمن ارياني بالتهم ذاتها "الترويج للفساد والبغاء" و"التجمع والتواطؤ لارتكاب جرائم ضد الأمن الوطني" و"الدعاية ضد النظام". لكن ما فعلته السيدات الثلاث كان مختلفاً من حيث الشكل إذ وزعن وروداً في يوم المرأة العالمي 8 آذار/ مارس المنصرم على الراكبات في مترو طهران وصوّرن هذا النشاط ونشرنه على الإنترنت ثم تم اعتقالهن، وانتهى الأمر بهن بالسجن. 

المحامي الإيراني امير رئيسيان يقول إن نزع موكلتيه السيدة عربشاهي وابنتها للحجاب في القطار المخصص للسيدات لا يمكن أن يحسب ترويجاً للفساد، وإن توزيع الورود على السيدات المحجبات هو رسالة محبة منهن ولا يحمل أيّ إهانة لأحد، لكن المحكمة تصر على أنه تهديد للأمن الوطني. 

بضع شعرات تطايرت مع الريح كانت كفيلة باعتقالهن. في بلد تفرض فيه السلطات الحجاب على النساء تصبح تلك الشعرات إثماً وعملاً يهدد الأمن القومي… الحكم بالسجن  24 عاماً على شابة إيرانية عمرها 20 عاماً لمشاركتها في مسيرة لنزع الحجاب 

إحباط عام 

على أن هذه الأحكام الجائرة التي تصدرها السلطات القضائية الإيرانية منذ عام 2017 مع عودة الحراك الاجتماعي النسوي ضد الحجاب ضمن فعاليات مختلفة، أشهرها حركة "الأربعاء الأبيض" و حملة "فتيات شارع انقلاب"، لم تمنع النساء عن الاستمرار في رفضهن للحجاب ونقل نضالهن إلى مراحل متقدمة. 

فقد لجأت الناشطات في البداية إلى ارتداء الحجاب الأبيض ثم رفعه على عصا والسير حاسرات في الشوارع وتصوير أنفسهن، هذا الحراك السلمي لم يعجب الحكومة الإيرانية، وكانت العقوبات بحقهن متوقعة، لكن ليس بهذا الحجم. 

صدمة الشباب في المجتمع المدني الإيراني بالأحكام الجائرة ظهرت بوضوح خلال الأيام الماضية، إلا أن البعض لم يفاجئه هذا الظلم لوجود إبراهيم رئيسي الملقب برجل الإعدامات في رئاسة السلطة القضائية.

في هذا السياق، كتب الصحافي الشهير محمد جواد اكبرين في تغريدة له أن حكم السجن لمدة 24 سنة بالنسبة لنا عمر بأكمله، لكنه بالنسبة لمن أعدم آلاف الناس عام 1988 دون أي محاكمة ليس سوى رقم. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard