شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
لا أخاف محاولاتكم إسكاتي.. سأجد دوماً الطريق لقول ما أريد

لا أخاف محاولاتكم إسكاتي.. سأجد دوماً الطريق لقول ما أريد

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الاثنين 24 يونيو 201910:32 ص

بدأ الهجوم عليّ منذ فترةٍ وجيزة، عندما بدأتُ "أزعزع" إيمانهم العظيم ومعتقداتهم الراسخة، عندما أصبحت كلماتي سوطاً مسلّطاً على مشاعرهم المرهفة.

استطاعت شرطة الفضيلة بالتعاون مع مافيا الأخلاق والدين منعي من التغريد على صفحتي بموقع تويتر لمدّة يومين، ومن ثم منعي لمدّة أسبوع، لأكتشف بعد فترةٍ أنهم يطالبون بجعل حسابي على تويتر من ضمن الحسابات الخادشة للحياء، أي +18.

أيُّ كلامٍ عن الدين أو الجنس، أيُّ رأي يخالف معتقداتهم البالية يواجهونه بمحاولات الإقصاء.

أوّل محاولةٍ لإسكاتي كانت بعد تعليقي على تغريدةٍ ذكوريّةٍ بامتياز، فكتبت men are trash وهي جملة تستخدمها المغرّدات للتعبير عن سخطهن تجاه التصرّفات الذكوريّة. لم أكن أوّل واحدة تردّد هذا القول وطبعاً لن أكون الأخيرة، لا يزال المغرّدون، رجالاً ونساءً، يستخدمونه بكل حرّية من دون أيِّ منع، ولكن شاء "زعران" تويتر أن يجعلوا مني عبّرةً، فبلّغوا عني وتمَّ منعي من التغريد لمدّة يومين.

أمّا المرّة الثانية فكانت بسبب كتابتي لكلمة "عرصات"، متوجّهةً بشكلٍ ساخرٍ إلى تغريدة تدّعي بأن المرأة أصبحت تستخدم تويتر ووسائل التواصل لتمارس الزنا.

تحاول شرطة الأمر بالسكوت والنهي عن التعبير أن تمنعني، أنا شخصيّاً، من إبداء رأيي والتواصل مع الناس عبر السوشال ميديا، إذ بدأتُ أشكّل عائقاً بينهم وبين نشر خرافاتهم وأكاذيبهم.

والمرّة الثالثة كانت بسبب نشري لكتابٍ مخصّصٍ لتعليم الأطفال طبيعة الحمل والولادة، الصور واضحة والجهاز التناسلي لكلٍّ من الأم والأب واضحٌ، ليبيّن بدقّةٍ كيفيّة سير العملية، فخُدش حياؤهم ودُمّر إحساسهم المرهف!! هم يريدون حجب هذه المواضيع لأنّ الجنس عيبٌ وحرامٌ، لا يجوز أن يتعلّم الأطفال عن حقيقة الحمل، وماذا يحصل عندما يُدخل الرجل عضوه في فرج المرأة.

نحن نعشق الكلمة الحرّة، بطلة هذه المعركة المستمرّة.

يُفضّل هؤلاء المسؤولون عن نشر الأخلاق، أن يتعلّم الطفل من أصدقائه في الشارع وأن يشاهد الأفلام الإباحيّة، فمن العيب أن يتثقّف ويقرأ كتاباً علميّاً يحاكي مستواه الفكري.

عندما تنتقل مافيا الأخلاق والفضيلة من الشارع إلى وسائل التواصل الاجتماعي، نشعر كمغرّدين/ات هاربين/ات من العالم الخارجي، بأننا محاصرون/ات، مقموعون/ات، نشعر بأن شرطة الأفكار تريد أن تفرض رأيها علينا. لم يعد يكفيها بلادنا، بل تريد أن تعبر حدود العوالم الأخرى، تريد أن تسيطر على العالم الافتراضي، وهو أحد أهمّ المنافذ التي نستطيع من خلالها أن نصرخ ونعبّر ونقاوم.

أيُّ كلامٍ عن الدين أو الجنس، أيُّ رأي يخالف معتقداتهم البالية يواجهونه بمحاولات الإقصاء.

إذا تكلّمتُ عن المرأة ومحاولاتها الجبّارة للقضاء على الفكر الذكوري الذي عنّفها وقمعها، يتهمونني بالفجور.

إذا حاولتُ أن أعرض أفكاراً جديدة حول الجنس وكيفية التعامل مع الآخر، ما قد تحرّر أجيالاً من قيود التقاليد الّتي أثقلت كاهلهم، يتهموني بالفسق.

لو تحدّيتُ رجال دين يستخدمون سلطتهم لتحقيق مآربهم من سرقةٍ وفسادٍ أخلاقي، يتهمونني بالكفر.

تحاول شرطة الأمر بالسكوت والنهي عن التعبير أن تمنعني، أنا شخصيّاً، من إبداء رأيي والتواصل مع الناس عبر السوشال ميديا، إذ بدأتُ أشكّل عائقاً بينهم وبين نشر خرافاتهم وأكاذيبهم.

عندما تنتقل مافيا الأخلاق من الشارع إلى وسائل التواصل الاجتماعي، نشعر كمغرّدين هاربين من العالم الخارجي، بأننا محاصرون، مقموعون، نشعر بأن شرطة الأفكار تريد أن تفرض رأيها علينا. 

إذا حاولتُ أن أعرض أفكاراً جديدة حول الجنس وكيفية التعامل مع الآخر، ما قد تحرّر أجيالاً من قيود التقاليد الّتي أثقلت كاهلهم، يتهموني بالفسق.

لا أخاف.. ولّى زمن الخوف إلى غير رجعة.. خفتُ كثيراً في الماضي، سكتُ عن حقوقي، سمحتُ للعديد من الناس باستغلال صمتي، فالصمت في الشرق الأوسط دلالة تهذيب وأخلاق الفتاة.

مهما حاولتم قمعي، سأجد ألف طريقةٍ وطريقة لإيصال أفكاري، لا أخاف آلهتكم أيّها الأتقياء الورعون، باءت كلُّ محاولاتكم بالفشل، فصوتي اليوم أعلى وكتاباتي تعبر القارّات، وبالتأكيد، لست وحيدةً في هذه المعركة.

لا تخيفنا مافياتكم ولن تردعنا محاولاتكم البائسة لفرض ثقافة الرأي الواحد. فنحن نعشق الكلمة الحرّة، بطلة هذه المعركة المستمرّة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard