شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
تصنيف أمريكا للإخوان منظمة إرهابية... ماذا سينتج عن مساواة الجماعة بداعش؟

تصنيف أمريكا للإخوان منظمة إرهابية... ماذا سينتج عن مساواة الجماعة بداعش؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 7 مايو 201907:13 م

يطرح سعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمةً إرهابية تساؤلات كثيرة. فما هي أبرز العقبات التي تواجه صدور مثل هذا التصنيف، وهل القرار المزمع سيشمل الجماعة بكافة فروعها وجمعياتها في العالم أم سيقتصر على الجماعة الأم في مصر وعلى شخصيات بعينها؟ وكيف سيواجه الإخوان ذلك وهل يملكون أدوات للمواجهة؟

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" أوّل مَن أشار إلى هذه المساعي في تقرير ذكرت فيه أن توجّه ترامب الجديد يأني استجابة لطلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اللقاء الذي جمعهما مؤخراً.

ثم كشفت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارا ساندرز أن "الرئيس تشاور مع فريقه للأمن الوطني وزعماء المنطقة الذين يشاركونه القلق"، وأشارت إلى أن إدراج الجماعة على القائمة الأمريكية الخاصة بالجماعات الإرهابية الأجنبية "يأخذ مساره داخل الدوائر الداخلية لصنع القرار".

عقبات تواجه ترامب

فكرة تصنيف الإخوان منظمةً إرهابية ليست جديدة. ذكرت ورقة بحثية كان قد نشرها "المعهد المصري للدراسات"، وهو مؤسسة بحثية مقرّبة من الإخوان أن هذه المحاولات بدأت في نهاية عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وتكثفت في بداية عهد ترامب، وتحديداً عام 2017 عبر عدد من مشاريع القوانين المقدمة للكونغرس، غير أنها واجهت عقبات تمثلت في عدم وجود كيان وهيكل محدد للإخوان عبر العالم ليتم تصنيفه بشكل كامل كتنظيم إرهابي، بالإضافة إلى المخاوف من التأثير السلبي لهكذا قرار على المصالح الأمريكية.

أيضاً، هناك عقبات تقنية وقانونية تجعل اتخاذ مثل هذا القرار أمراً غاية في الصعوبة.

"ثمة فرق بين التلويح والتنفيذ" يؤكد لرصيف22 رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام (تكامل مصر) مصطفى خضري، فالمؤسسات السيادية الأمريكية ليست على قلب رجل واحد، وإنْ كان التلويح بتصنيف الجماعة قد صدر عن مؤسسة الرئاسة، فلا بد أن يخضع لموافقة باقي المؤسسات المعنية كوزارة الدفاع (البنتاغون) والـ"سي آي إيه" ووزارة الخارجية والكونغرس، "وهو طريق طويل ومليء بالمواءمات والمفاوضات وتضارب المصالح".

ويتوقع الباحث السوري حمزة المصطفى أن يلقى هذ القرار ممانعة قضائية أو تشريعية لأنه تترتب عليه نتائج عدة لجهة حظر عدد كبير من الجمعيات والمنظمات الإسلامية الخيرية المحسوبة فكرياً على المدرسة الإخوانية داخل الولايات المتحدة، كما يصنّف عدداً غير قليل من المواطنين الأمريكيين إرهابيين.

ويشير المصطفى إلى أن هناك أحزاباً سياسية تحكم في دول عدّة مثل تركيا والمغرب خرجت فكرياً من جماعة الإخوان المسلمين، كما أن الجماعة في مصر وغيرها من الدول تعبّر عن شريحة مجتمعية كبيرة، وبالتالي فإن تصنيفها منظمةً إرهابية سيكون مخالفاً لتوصيات الإدارات السابقة وبرامج احتواء الإرهاب والتطرف التي توصي بعزل الإرهابيين عن سياقاتهم الاجتماعية والدينية، وهذا سيخلق مخاطر أمنية وسياسية كبيرة.

دوافع القرار

لا ترجع دوافع رغبة ترامب بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية إلى الداخل الأمريكي، وفق رأي المصطفى، "على الرغم من أن ترامب يمثل اليمين العنصري الأبيض وقاعدته كارهة للعرب والمسلمين".

ويعتبر المصطفى أن "الصفقات التي عقدها ترامب مع محور الثورات المضادة في المنطقة، ولا سيما بعد لقائه السيسي مؤخراً، جعله يفكر بالأمر جدياً".

ولأن ترامب يأتي من خارج المؤسسة الحاكمة ولأنه يؤمن بالصفقات على حساب الاستراتيجيات الطويلة الأمد فإنه قد يتخذ هذا القرار كما اتخذ قرارات إشكالية قبل دون حساب للنتائج، يضيف الباحث.

ويتفق المتحدث باسم الجبهة السلفية في مصر الدكتور خالد سعيد مع الرأي السابق، ويؤكد لرصيف22 على ضرورة الفصل بين موقف الإدارة الأمريكية كمؤسسة وبين مواقف ترامب كرئيس، و"حتى ترامب نفسه عوّدنا على إطلاق الموقف ثم ضده بعد قليل، لأنه ليس رجل سياسة بالأساس وإنما رجل أعمال".

وبحسب سعيد، من الواضح أن ترامب حصل من السيسي على ثمن كبير مقابل القبول بالتعديلات الدستورية في مصر ومقابل تهديده للإخوان و"هي تصريحات للتهويش فقط ولن تسفر عن قرارات حقيقية".

حديث الصفقات يطلقه أيضاً نائب مرشد الجماعة إبراهيم منير الذي أرجع نية اتخاذ هذا القرار إلى اقتراب صفقة القرن والعمل على تمريرها.

وفي نفس الاتجاه، يذهب القيادي الإخواني والكاتب المقيم في تركيا قطب العربي، ويشير إلى أن القرار الأمريكي يأتي إرضاء للسيسي وثمناً لتبنيه صفقة القرن و"ذلك على حساب السيادة المصرية"، كما قال لرصيف22.

ويذكّر الكاتب المختص في شؤون حركات الإسلام السياسي والمقيم في تركيا أسامة الصياد بأن النقاش حول حظر الإخوان ليس جديداً، ويضيف لرصيف22 أن "الجديد في الأمر ونقطة التحوّل تتمثل في صعود الصقور في إدارة ترامب عقب إقالة مستشاره للأمن القومي أتش آر ماكماستر، وتعيين جون بولتون خلفاً له، ووصول مايك بومبيو إلى وزارة الخارجية، وهو أهم شخص في الإدارة الأمريكية في ما يتعلق بالتصنيفات الإرهابية، باعتبار أن قائمة التنظيمات الإرهابية تتبع نظرياً لوزارة الخارجية، وهو المسؤول عن إدارج الحرس الثوري الإيراني على قائمة التنظيمات الإرهابية".

رد فعل الجماعة

رسمياً، أعلنت جماعة الإخوان في بيان استغرابها من "أن تكون صياغة توجهات الإدارة الأمريكية مرهونة بديكتاتوريات قمعية في الشرق الأوسط بدلاً من أن تكون سياساتها متسقه مع القيم والمبادئ التي ‘تعلنها’ دوماً الدولة الأمريكية"، وأضافت أنها ستستمر في ما أسمته بـ"العمل وفق فكرنا الوسطي السلمي".

وخرج إبراهيم منير، المقيم في لندن، على فضائية "وطن" التابعة للجماعة ليقول إن هذا القرار قد يدفع شباب الجماعة نحو العنف والتطرف.

وبرأي خضري، فإن بيان الإخوان "ضعيف ويفتقد إلى الحنكة السياسية، وكُتب على عجل، وكان من الأفضل سياسياً وتفاوضياً أن يتأخر بعض الوقت، أو أن يصدر مقتضباً على سبيل النظر والدراسة وفقط".

وبرأيه أيضاً، فإن "حوار منير حمل رسالة سياسية غاية في الخطورة، وخطورة إعرابه عن تخوّفه من التحاق شباب الجماعة بالجماعات المتطرفة، بحال حظر الجماعة، تكمن في أنه سيعرّض شباب الجماعة مستقبلياً للاتهام بالإرهاب".

ويتفق خالد سعيد معه في انتقاد بيان الإخوان، مؤكداً أنه "من الخفة السياسية أن تعجّل الجماعة بالرد عبر بيان ضعيف لا داعي له".

نتائج وتداعيات

يرى خضري أن هناك ثلاث نتائج هامة تترتب على القرار الأمريكي إذا اتُّخذ أولها: وضع قيود على أموال الجماعة وممتلكاتها، وثانيها: وضع قيود على حركة قيادات الجماعة، وثالثها الضغط على الدول التي فيها تمثيل سياسي أو نيابي رسمي للجماعة.

ويعتبر أن أحد أهم أهداف القرار هو تجميد أرصدة ونشاط الجمعيات الإسلامية ذات الصلة بالإخوان في أوروربا وأمريكا، و"ذلك سيرفع من وتيرة خطاب ترامب الشعبوي ويحقق له أهدافاً انتخابية، خاصة مع تدني مؤشرات شعبيته داخل تياره السياسي الجمهوري نفسه".

في المقابل، يقلل القيادي الإخواني قطب العربي من تأثيرات القرار ويرى أن "الجماعة عاشت تحت التلويح بهذا التصنيف معظم عمرها وخاصة في مصر"، مشدداً على "قدرة عناصر الجماعة على التكيّف مع مثل تلك الظروف ومواجهة هذا القرار قانونياً وسياسياً وميدانياً، مثلما فعلت حماس وحزب الله".

في المقابل، يحذّر الصياد من مآلات القرار الأمريكي المتوقع والذي سيساوي برأيه بين جميع حركات الإسلام السياسي، وسيحرج دول حليفة لواشنطن مثل الكويت والبحرين والأردن، كما أن المؤسسات الإسلامية التابعة للإخوان في الغرب ستكون عرضة للحل ولمصادرة ممتلكاتها أو فرض عقوبات عليها وعلى مَن يتعامل معها، ولعل هذا ما دفع اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا إلى اتخاذ قرار في يناير 2017 بإعلان انفصاله عن الإخوان المسلمين.

حدود القرار

إذا أبصر القرار النور، لن يقتصر على إخوان مصر، برأي خضري، بل سيتعداهم إلى كافة المؤسسات التابعة أو ذات العلاقة بالجماعة حول العالم.

أما السعيد، فيتوقع أن يطال القرار الجماعة في مصر بالدرجة الأولى، غير أنه يشير إلى أن الإدارة الأمريكية "لا تستطيع إلقاء ورقة الإخوان هكذا بسهولة، فالجماعة بالنسبة إلى واشنطن ورقة احتياطية يمكن التفاهم معها إذا انقلبت الأوضاع في مصر".

نائب مرشد الإخوان حذّر من تحول شباب الجماعة نحو الإرهاب بحال تصنيف واشنطن لها منظمةً إرهابية، وهذا التحذير "غاية في الخطورة"، برأي مراقبين، لأنه "سيعرّض شباب الجماعة مستقبلياً للاتهام بالإرهاب"
تصنيف أمريكا للإخوان منظمةً إرهابية... "الإدارة الأمريكية لا تستطيع إلقاء ورقة الإخوان هكذا بسهولة، فالجماعة بالنسبة إلى واشنطن ورقة احتياطية يمكن التفاهم معها إذا انقلبت الأوضاع في مصر".

ويلفت الصياد إلى أن مستشار الأمن القومي السابق لترامب كان يميل إلى تصنيف الإخوان قُطرياً، بمعنى تناول كل فرع للتنظيم على حدة، بينما يعتبر بولتون أن الإخوان جماعة إرهابية بشكل عام.

ويتوقع أن يتخذ ترامب قراره منفرداً بعيداً عن الاتفاق مع باقي المؤسسات الأمريكية، بدعم من صقور إدارته، و"على هذا الأساس، سيتم الالتفاف على القرار من قبل مؤسسات مثل الكونغرس والبنتاغون والسي آي إيه ليصبح مجرد قرار شكلي دون أية آثار على الأرض، مثل القرار العشوائي بسحب القوات الأمريكية من سوريا".

تركيا والقرار المنتظر

تستقبل تركيا منابر إعلامية إخوانية كثيرة وتقيم فيها قيادات إخوانية كثيرة، فكيف ستتصرّف تجاه القرار المتوقع؟ يرى الصياد أن تركيا ستجد نفسها في حرج شديد أمام الإدارة الأمريكية.

ولكن خضري يتوقع أن أنقرة ستستخدم القرار كأداة لتعظيم شعبيتها وسط المجتمعات والشعوب الإسلامية، وستكون منابر الجماعة وقياداتها أدوات تفاوض جيدة مع الولايات المتحدة خاصة وأن هناك عدة ملفات عالقة بين الجانبين كملف الداعية التركي فتح الله غولن ودعم الأكراد في سوريا وتسليحهم.

ويعتبر الإعلامي في قناة الشرق عماد البحيري، أن تصنيف الإخوان جماعة إرهابية سيجعل تركيا دولة حاضنة وداعمة للإرهاب وتوفر له منابر إعلامية، ما يستوجب معاقبتها وربما حصارها سياسياً واقتصادياً، وهذا قد يدفع الشعب التركي إلى الضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومطالبته بتسليم قيادات الإخوان للنظام المصري.

تحذير من الإرهاب

يحضر التهديد من تنامي ظاهرة الإرهاب بحال تصنيف الإخوان منظمة إرهابية على لسان كثيرين. حزب العدالة والتنمية نفسه اعتبر على لسان المتحدث باسمه أن "المساواة بين جماعة إرهابية تميل للعنف المتطرف كداعش، وبين جماعة تتحرك وفق القانون والديمقراطية كالإخوان المسلمين، سيكون من أكبر أخطاء التاريخ"، وبالتالي فإن قرار ترامب "سيزيد من الجاذبية الإيديولوجية لتنظيم داعش".

يشير خضري إلى أن "العنف ليس من أدبيات الجماعة منذ الخمسينيات، ومن غير المرجح لجوء الجماعة وشبابها للعنف أو التطرف"، لكنه يضيف: "الضغط يولد الانفجار، وربما تغيّرت الظروف وخرجت الأمور عن السيطرة".

برأي سعيد، سيساهم القرار في دعم "تمدد الجماعات الجهادية والمسلحة وازدياد القناعة بعدم جدوى سلمية الإخوان". وبرأي الصياد، فإن الفراغ الذي سينتج عن تجميد المنظمات الإسلامية التابعة للإخوان في الغرب واختفائها عن الساحة ستملأه نسخ إسلامية جهادية وسلفية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard