شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
هل نقول وداعاً للبدلات الرسمية وربطات العنق في أماكن العمل؟

هل نقول وداعاً للبدلات الرسمية وربطات العنق في أماكن العمل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 27 مارس 201903:47 م

في خطوةٍ لطالما اعتُبرت غير ممكنةٍ بالنسبة لموظفي المجموعة التي تتخذ من "وول ستريت" مقرّاً لها، قرّرت إدارة "غولدمان ساكس" أن تصبح أقلّ تشدداً بشأن التزام الموظفين بقواعدها في ارتداء الملابس الرسميّة، وتماشياً مع هذا النهج الجديد، أصدر بنك الاستثمار الأميركي مذكّرة داخليّة تنطوي على إعفاء الموظفين من ارتداء الملابس الرسميّة وربطات العنق الخانقة.

ففي السابق، كانت هذه الشركة الضخمة والتي يعمل بها حوالي 36 ألف موظف، تفرض على موظفيها ارتداء الملابس الرسميّة، غير أن الوضع قد تغيّر الآن بعد تنامي القوّة العاملة الشابة (حوالي 75% من الموظفين في الشركة دون سن الأربعين) ونتيجة طبيعة العمل، التي تتجه، شيئاً فشيئاً، نحو بيئةٍ أقل رسميّة وأكثر مرونة.

تعتبر هذه الخطوة فريدة من نوعها في عالم "الأعمال والبزنس"، إذ تفتح المجال أمام الشركات المختلفة، لتتبع نهجاً جديداً يسير نحو التخلّص من سياسة الملابس الرسميّة أثناء ساعات العمل.

فهل البدلات الرسمية وربطات العنق في طريقها للاندثار؟

طغيان "الكاجوال" في بيئات العمل

إذا تفحّصنا عن كثب خزانة ملابس بعض أصحاب الشركات العملاقة، لوجدنا أن معظم الخيارات باتت تصبّ في خانة المرونة واللباس "الكاجوال"، بعيداً عن البدلات الرسميّة.

فقد اشتهر "ستيف جوبز"، مؤسّس شركة "أبل"، بالظهور دوماً بقمصانٍ سوداء اللون وجينز أزرق، وبدوره عُرف صاحب موقع فيسبوك "مارك زوكربيرغ"، بقمصانه الرماديّة البعيدة عن "الفذلكات" والتعقيدات، بالإضافة إلى غيرهما من أصحاب الشركات الذين احتضنوا أيضاً نهج المرونة في لباسهم.

واللافت أنه بعد مرور 3 سنوات، على المذكّرة التي أصدرها البنك الأميركي "جي بي مورغان"  والتي تنطوي على السماح للموظفين بارتداء اللباس غير الرسمي، أبلغ الرئيس التنفيذي لشركة "غولدمان ساكس"، "ديفيد سولومون" والذي يعمل ك"دي جي" في أوقات فراغه، أنه بإمكان الموظفين من الآن فصاعداً التخلّص من بدلاتهم الرسميّة، وارتداء ملابس لائقة "بطريقةٍ تتوافق مع توقعات الزبائن"، مشدّداً على ضرورة اتخاذ قرار حكيم بهذا الشأن، وفق ما جاء في المذكّرة الداخليّة: "جميعنا يعلم ما هو مناسب وغير مناسب لمكان العمل".

وبالرغم من أن هذا الأمر لا يعني بالضرورة أن يرتدي الموظفون جميعاً الجينز، غير أن هذه النقطة تبدو مبهمة بعض الشيء وعرضةً للكثير من التأويلات ووجهات النظر المختلفة.

ففي حين أن الرجال في الشركة قد ارتاحوا عموماً من "هاجس" ربطات العنق والبدلات التي تعيق نوعاً ما تحرّكاتهم في العمل، بحسب ما أكّده أحد موظفي "غولدمان ساكس" بالقول: "جميع الرجال في الشركة تحمّسوا لهذه الفكرة"، إلا أن قرار التخلّص من اللباس الرسمي لم يحصل على موافقة الجميع، خاصّة وأن البعض اعتبر أن هذه الخطوة محفوفةٌ بالمخاطر، وقد تؤثّر سلباً على بيئة العمل.

جميعنا يعلم ما هو مناسب وغير مناسب لمكان العمل

في هذا الصدد، قالت "سوزان سكافيدي"، المديرة الأكاديميّة لمعهد قانون الموضة في جامعة فوردهام:"على مرّ العقود، قامت البدلات باهظة الثمن بإبراز القوّة في وول ستريت، وكانت بمثابة "الدروع".


المساواة بين الجنسين

يبدو أن هذه السياسة الجديدة في اللباس تحمل الكثير من التعقيدات، خاصّة بالنسبة للنساء اللواتي يكافحن من أجل إثبات أنفسهنّ في ميدان العمل، فينتابهنّ القلق لمجرّد التفكير بالتخلّص من "البليزر" والملابس الرسميّة:" لقد حقّقنا للتوّ المساواة في البنطلون، وفجأة قيل لنا إن البنطلون الرسمي لم يعد معيار اللباس في العمل"، هذا ما أشارت إليه "سكافيدي"، وتابعت حديثها بالقول: "ستحتاج النساء إلى إيجاد طريقةٍ أخرى لتحقيق التكافؤ في ملابس العمل، أو غيرها من الإجراءات الشكليّة".

قامت البدلات باهظة الثمن بإبراز القوّة في وول ستريت، وكانت بمثابة "الدروع"

واللافت أن مبدأ التكافؤ لا يطال فقط السلطة وتولّي المناصب الرفيعة، بل يُعنى بالشقِّ المالي أيضاً.

فقد شاركت "جاكلين وونغ"، المهتمّة بتقاطع الجنس والحياة المهنية، بنشر دراسةٍ في العام 2016 حول الاختلافات في كيفيّة مكافأة الرجال والنساء في مكان العمل، بناءً على الجاذبيّة التي يتمتعون بها.

وقد وجدت "وونغ" أن الأشخاص الذين يتمتعون بجاذبيّةٍ معيّنةٍ تزيد مكافأتهم بنسبة 20% عن غيرهم من الأشخاص الأقل جاذبيّة.

لقد حقّقنا للتوّ المساواة في البنطلون، وفجأة قيل لنا إن البنطلون الرسمي لم يعد معيار اللباس في العمل

غير أن الجاذبيّة يتمّ قياسها وفق معايير مختلفة: بالنسبة للنساء، فإن الجاذبيّة تعتمد على التبرّج، كتصفيف الشعر، الماكياج، اللياقة البدنيّة والملابس، في حين تعدّ جميع هذه المسائل أقلّ أهميّة بالنسبة للرجال، إذ تميل الشركات إلى مكافأة الرجل الجذّاب، بمعزل عن جميع العوامل الأخرى.

وتعليقاً على هذا الموضوع، قالت "جين نيوتن"، الشريكة الإداريّة في "ريجنت أتلانتيك": "عليكِ أن تقرّري كيف تريدين أن تظهري عندما تكونين، في الغالب، المرأة الوحيدة في المكتب"، مضيفةً:" في بيئةٍ يُسيطر عليها الذكور، تصبح الجاذبيّة متغيّراً رئيسياً في القرارات التي تُتخذ بشأن إمكانياتك".


الفجوة في الأجور

في حين اعتبرت الصحافة أن قرار "غولدمان ساكس" يحمل الكثير من المفاجآت السارّة للشباب الطامحين بالانخراط في هذه الشركة، فإن بعض الآراء الأخرى وجدت أن هذه الخطوة لن تُحدث فرقاً كبيراً، إذ أنه من المستبعد أن يعقد الموظفون اجتماعاتهم وهم يرتدون الملابس الرياضيّة مثلاً.

عليكِ أن تقرّري كيف تريدين أن تظهري عندما تكونين، في الغالب، المرأة الوحيدة في المكتب

وبالرغم من أن إقدام البنك الأميركي على التخلّي عن الملابس الرسميّة، يجعل بيئة العمل أكثر ترحيباً وأكثر احتضاناً للمواهب الشابة، إلا أن صحيفة الإندبندنت البريطانيّة اعتبرت أنه من الأفضل على "غولدمان ساكس" التعامل في المقام الأول مع مسألة الفجوة في الأجور بين الجنسين، خاصّة وأنه في العام الماضي، كانت الشركة قد كشفت عن وجود فجوةٍ في الأجور بنسبة 36.4% وفجوةٍ في المكافآت بنسبة 67.7% في المملكة المتحدة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard